الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمطلع لكتاب نفائس الأصول يجد القرافي مستدركًا أكثر من كونه شارحًا.
ومن ذلك أيضًا ما قاله الإسنوي في شرحه على المنهاج: "
…
فاستخرت الله تعالى في وضع شرح عليه، موضح لمعانيه، مُفصحٍ عن مبانيه، مُحررٍ لأدلته، مقررٍ لأصوله، كاشف عن أستاره، باحث عن أسراره، منبهًا فيه عن أمور أخرى مهمة: أحدها: ذكر ما يرد عليه من الأسئلة التي لا جواب عنها، أو عنها جواب ضعيف. الثاني: التنبيه على ما وقع فيه من الغلط في النقل (1) ". إلى آخر كلامه الذي يتضح فيه أنه لم يكن مجرد شارح؛ بل كان مستدركًا مصححًا للغلط، كاشفًا عن اللَّبْس، مكملاً للنقص.
•
8 - تكميل الحاشية:
الحاشية من كل شيء: جانبه وطرفه (2)، وحاشية الكتاب: ما علق على الكتاب من زيادات وإيضاح، وتجمع على حواشي (3).
فالمحشي أثناء تعليقه على الكتاب يستدرك عليه بتكميل فائدة من زيادات فاتت المصنف، وإيضاحات لعبارات يكتنفها اللَّبْس.
وأقرر ذلك بكلام المحشين من علماء الأصول:
قال التفتازاني في حاشيته على شرح العضد الإيجي (4): "
…
وكأنهم احتظوا مني في بعض مظان اللَّبْس ومواقع الارتياب بما يفيد المرام، ويميط الحجاب، فالتمسوا تعليق حواش تزيل فضل القناع، وتزيد طالبيه بعض الاطلاع،
…
استخرت الله وأخذت في ضبط ما أحطت به من الفوائد، ونظم ما جمعته من الفرائد. وجُلّ مرمى
(1) نهاية السول (1/ 3 - 5).
(2)
يُنظر: لسان العرب (4/ 135) مادة (حاشا).
(3)
يُنظر: المعجم الوسيط (ص: 177) مادة: (حشا).
(4)
(1/ 16 - 17).
غرضي كشف الغطاء عما تحت عبارته من لطائف الاعتبارات، وخفايات الإشارات، إلى حل الشكوك والشبهات والإيماء إلى ما عليه الشروح من الاعتراضات
…
".
وقال المُطِيْعِي في حاشيته على نهاية السول (1): "
…
طلب مني بعض أفاضل أهل العلم أن أكتب على شرح الإسنوي المسمى بنهاية السول على منهاج الوصول للعلامة القاضي البيضاوي تقييدات لطيفة، وتحقيقات شريفة، توضح ما أشكل على الطلاب في هذا العصر من معانيه، وتشتمل على الجواب عما استشكله على المنهاج ولم يجب عنه فيه، مع بيان ما كان حقًّا من الاعتراض، بدون ميل عن الحق ولا إعراض، وغير ذلك مما تدعو إليه حاجة الناظرين؛ لإحقاق الحق، وتمييز الصواب من الخطأ
…
".
• تنبيهات لاستدراك التكميل:
1 -
الفرق بين تكميل الاختصار، وتكميل حذف المكرر، وتكميل حذف الزيادات:
أولاً: الفرق بين تكميل الحذف -سواء كان حذف مكرر أو زيادة- وتكميل الاختصار:
تكميل الحذف يتعلق بالألفاظ، فيكون في الموجود دلالة على المحذوف، فيقتصر عليه طلبًا للاختصار؛ كقوله تعالى:(وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)[يوسف: 82] أي: أهل القرية؛ فإن السؤال يتعلق بأهلها، والقرية تدل على المحذوف.
وأما تكميل الاختصار فيرجع إلى المعاني؛ وهو أن يؤتى بلفظ مفيد لمعان كثيرة لو عبر بغيره لاحتاج إلى أكثر من ذلك اللفظ؛ كقوله تعالى: (اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ)[البقرة: 60]. المعنى: فضربها فانفجرت.
(1) سلم الوصول لشرح نهاية السول (1/ 3).
وعلى هذا فبين تكميل الحذف وتكميل الاختصار عموم وخصوص، فكل تكميل حذف تكميل اختصار، وليس العكس (1).
ثانيًا: الفرق بين تكميل حذف المكرر وتكميل حذف الزيادات: اختلاف في المحذوف، ففي تكميل حذف المكرر المحذوف هو المكرر، وفي تكميل حذف الزيادات المحذوف هو الزيادة.
2 -
لا يمتنع اجتماع أنواع مختلفة من استدراك تكميل الكمية في المسألة الأصولية الواحدة. (2)
3 -
لا يمتنع اجتماع تكميل الكمية وتكميل الكيفية في المسألة الأصولية الواحدة (3)، وكذلك تكميل الكيفية (4).
(1) يُنظر: معجم الفروق اللغوية (ص: 179 - 180).
(2)
كاستدراك حلولو على القرافي في استكمال الأركان القياس وشروطها السابق ذكره في (ص: 300).
(3)
كفعل مختصري المصنفات؛ حيث كان استدراكهم من باب تكميل الكيفية، ورغم ذلك وجد تكميل للكمية في مسائل. وسبق ذكر كلام السراج الأرموي في اختصاره للمحصول عند قوله: "
…
مع زيادات منا مكملة
…
". يُنظر: التحصيل (1/ 163).
(4)
يُنظر: تكميل الشرح (ص: 309)، وتكميل الحاشية (ص: 310).