الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما ذكرته في كتابي الطبقات (1)
من أني رأيت القاضي صرَّح بذلك في مختصر التقريب (2) وَهَمٌ مني في الفهم عنه، فقد تأملت كلامه بعد ذلك فلم أجده يعطي الذي ذكرت، وإنما نبهت على ذلك هنا لئلا يغتر به" (3).
•
سابعًا: دعاء كلٍّ منهما للآخر
.
وهذا من أرقى الأدب، ويدل على كمال الخلق.
ومن أمثلة دعاء المستدرِك للمستدرَك عليه:
ما رواه أبو هُرَيرَةَ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَغفِرُ الله لِلوطٍ إن كان لَيَأوِي إلى رُكنٍ شدِيدٍ» (4). وفي لفظ: «يَرْحَمُ الله لوطًا لقد كان يأْوِي إلى ركْنٍ شدِيدٍ» (5).
(1) لم أقف على كلامه في الطبقات الكبرى، وبحثت في الجزء المخطوط من كتابه الطبقات الوسطى (طبقات الفقهاء) لم أجده، فلعله في الجزء المخطوط أو في كتاب آخر له؛ حيث ذكر محقق الطبقات الكبرى أن له ثلاثة كتب في طبقات الشافعية:(الصغرى، والوسطى، والكبرى). يُنظر: مقدمة تحقيق الطبقات الكبرى (1/ 19). ويُنظر: طبقات الشافعية الوسطى - مخطوط في موقع مخطوطات الأزهر الشريف مصر، على الرابط:
http://www.alazharonline.org
ملحوظة: فهرس خطأ تحت اسم: لواقح الأنوار القدسية المنتقاة من الفتوحات المكية برقم 311034. ويمكن تحميله من موقع ملتقى أهل الحديث على الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php? t=38302
(2)
أي صرح بأن المسألة خاصة بالصحابي. ويُنظر ذكر الباقلاني للخلاف في تخصيص العام بمذهب الراوي في مختصرالتقريب (3/ 215 - 219).
(3)
يُنظر: الإبهاج (4/ 1532 - 1533).
(4)
يُنظر: صحيح البخاري، ك: الأنبياء، ب: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ
…
}، (3/ 1235/ح: 3195)؛ صحيح مسلم، ك: الفضائل، ب: من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، (4/ 1840/ح: 151).
(5)
يُنظر: صحيح البخاري، ك: الأنبياء، ب: قوله عز وجل: {وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} ، (3/ 1233/ح: 3192)؛ ب: قوله تعالى: {لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ} (3/ 1239/3207)؛ صحيح مسلم، ك: الفضائل، ب: من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، (4/ 1839/ح: 151).
فهذا استدراك منه صلى الله عليه وسلم على قول لوط عليه السلام: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80].
وما رواه مُجَاهد قال: دخَلْتُ أنا وعُرْوَةُ بن الزُّبيْرِ الْمَسْجدَ فإذا عبداللهِ بن عُمرَ رضي الله عنهما جَالسٌ إلى حُجْرةِ عَائشَةَ
…
قال له (1): كمْ اعْتمَرَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: أرْبَعًا، إحْدَاهُنَّ في رجَبٍ. فَكَرهْنَا أنْ نرُدَّ عليه. قال: وَسَمعْنَا اسْتنَانَ (2) عَائشَةَ أمِّ الْمُؤْمنِينَ في الْحُجْرةِ، فقال عُرْوةُ: يا أُمّاهُ، يا أمَّ الْمُؤْمنِينَ، ألا تَسْمَعينَ ما يقول أبو عبدالرحمن؟ قالت: ما يقول؟ قال: يقول: إنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اعْتمَرَ أرْبَعَ عُمرَاتٍ، إحْدَاهُنَّ في رجَبٍ. قالت: يرْحَمُ الله أبَا عبدالرحمن، ما اعتَمَرَ عُمرَةً إلا وهو شاهِدُهُ، وما اعتَمَرَ في رجَبٍ قطُّ» (3).
وفي لفظ: «يَغْفرُ الله لأَبِي عبدالرحمن» (4).
وقولها عندما ذُكرَ لها أنَّ عبْدَاللهِ بن عُمرَ يقول: إنَّ الْمَيّتَ ليُعَذَّبُ ببُكَاءِ الْحيِّ. فقالت عَائشَةُ: يَغْفرُ الله لأَبِي عبدالرحمن أمَا إنه لم يَكْذبْ؛ وَلَكنَّهُ نَسيَ أو أخْطَأَ؛ إنما مرَّ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم على يَهُوديَّةٍ يُبْكى عليها، فقال:«إنَّهُمْ ليَبْكُونَ عليها، وَإنَّهَا لتُعَذَّبُ في قَبْرهَا» (5).
(1) أي: عروة.
(2)
أي: حِسَّ مرور السواك على أسنانها. يُنظر: فتح الباري (3/ 601).
(3)
يُنظر: صحيح البخاري، ك: العمرة، ب: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ ، (2/ 630/ح: 1685).
(4)
يُنظر: صحيح مسلم، ك: الحج، ب: بيان عدد عُمرِ النبي صلى الله عليه وسلم وزَمَانِهِنَّ، (2/ 916/ح: 1255).
(5)
يُنظر: صحيح مسلم، ك: الجنائز، ب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه، (2/ 643/ح: 932).
ومن أمثلة دعاء المستدرَك عليه للمستدرِك:
ما رواه أبو معشر (1) قال: سمعت عون بن عبدالله (2) يُذاكر محمد بن كعب (3) في قول الله: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَئْخِرِينَ} [الحجر: 24]، فقال عون: خير صفوف الرجال المُقَدَّم، وشَرُّ صفوف الرجال المُؤخَّر، وخير صفوف النساء المُؤخر، وشرُّ صفوف النساء المُقَدَّم. فقال محمد بن كعب: ليس هكذا، {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ} الميت والمقتول، و {الْمُسْتَئْخِرِينَ} من يلحق بهم من بعدُ، {وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الججر: 25]، فقال عون بن عبدالله: وفقك الله، وجزاك خيرًا. (4)
وفي كتب الأصول نجد العلماء يستدركون على بعض ويدعون بالرحمة، فيقولون مثلاً: قال فلان رحمه الله، ويعقبون على قوله.
وذكر ابن حزم قول سُفْيَان بنِ عُيَيْنَة (5): (ما زال أمر الناس معتدلاً حتى
(1) هو: أبو معشر، نجيح بن عبدالرحمن السندي المدني، كان مكاتبًا لامرأة من بني مخزوم فأدى وعتق، فاشترت أم موسى بنت منصور الحميرية ولاءه، له مكان في العلم والتاريخ، وتاريخه احتج به الأئمة، أما حديثه فاختلفوا فيه؛ فمنهم من ضعفه، ومنهم من قبله، وقال عبدالله بن أحمد عن أبيه كان صدوقًا؛ لكنه لا يقيم الإسناد، (ت: 170 هـ) في رمضان.
تُنظر ترجمته في: الطبقات الكبرى (5/ 418)؛ تاريخ بغداد (13/ 457)؛ تهذيب التهذيب (10/ 374).
(2)
هو: أبو عبدالله، عون بن عبدالله بن عتبة بن مسعود الهذلي الكوفي، التابعي، الإمام القدوة العابد، سمع من الصحابي أبي هريرة رضي الله عنه، وكان ثقة عابدًا، كثير الإرسال، (ت: قبل سنة 120 هـ).
تُنظر ترجمته في: الطبقات الكبرى (6/ 313)؛ سير أعلام النبلاء (5/ 103)؛ تقريب التهذيب (1/ 434).
(3)
هو: أبو حمزة، محمد بن كعب القرظي، حليف الأنصار، تابعي مشهور، أبوه من قريظة، وأمه من بني النضير، كان أبوه ممن لم ينبت فلم يقتل مع بني قريظة لما قتلوا بحكم سعد بن معاذ، (ت: 108 هـ)، وقيل غير ذلك.
تُنظر ترجمته في: الأنساب (4/ 475)؛ الكاشف للذهبي (2/ 213)؛ الإصابة (6/ 345).
(4)
رواه الطبري في تفسيره (14/ 23)؛ تفسير ابن كثير (2/ 551)؛ الدرر المنثور (5/ 75).
(5)
هو: أبو محمد، سفيان بن عيينة بن أبي عمران واسمه: ميمون الهلالي، كان عالماً ناقدًا، وزاهدًا عابدًا، ولد بالكوفة، ثم انتقل إلى مكة، حدث عن سلمة بن دينار والزهري وعمرو بن دينار وغيرهم، (ت: 198 هـ) بمكة.
تُنظر ترجمته في: التاريخ الكبير (4/ 94)؛ مشاهير علماء الأمصار (ص: 149)؛ وفيات الأعيان (2/ 391 - 393).
غير ذلك أبو حنيفة بالكوفة، والبتي بالبصرة، وربيعة (1) بالمدينة).
ثم قال: "هؤلاء النفر -غفر الله لنا ولهم- أول من فتح باب الرأي وعول عليه، واعترض بالقياس على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)، وتلك زلة عالم، ووهلة فاضل، سامح الله الجميع بمنه آمين"(3).
(1) هو: أبو عبدالرحمن، وقيل: أبو عثمان، ربيعة بن أبي عبدالرحمن، واسم أبي عبدالرحمن: فروخ، وكان مولى آل المنكدر من بني تيم بن مرة، وكان يقال له: ربيعة الرأي، أدرك بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والأكابر من التابعين، كان عالماً فقيهاً ثقة، وكان صاحب الفتوى بالمدينة، وكان يجلس إليه وجوه الناس، روى عنه مالك وسفيان الثوري وشعبة والليث بن سعد وغيرهم، قلده الخليفة أبو العباس السفاح قضاء الأنبار، (ت: 136 هـ).
تُنظر ترجمته في: تاريخ بغداد (8/ 421)؛ المنتظم (7/ 349)؛ وفيات الأعيان (3/ 288).
(2)
ما كان لأحد من المسلمين - فضلاً عن العلماء- أن يترك قول رسول صلى الله عليه وسلم إذا ثبت وصح عنده ويعمل بالقياس، وما كان من هؤلاء العلماء في تركهم للحديث إلا لأنه لم يبلغهم الحديث، أو بلغهم ولكن لم يصح عندهم.
(3)
يُنظر: الإحكام لابن حزم (6/ 223).