الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
المجموعة السابعة: صيغة (كان ينبغي)، (فيه نظر)، (عجيب)، (بعيد):
•
أولاً: صيغة (كان ينبغي):
• المثال الأول:
قال البزدوي في (تعريف العام): "وذكر الجصاص رحمه الله أن العام ما ينتظم جمعًا من الأسماء أو المعاني.
وقوله: (أو المعاني) سهوٌ منه أو مُؤول؛ لأن المعاني لا تتعدد إلا عند اختلافها وتغايرها، وعند اختلافها وتغايرها لا ينتظمها لفظٌ واحد؛ بل يحتمل كل واحد منها على الانفراد، وهذا يسمى: مُشتركًا، وقد ذكر بعد هذا: أن المشترك لا عموم له، فثبت أنه سهوٌ منه أو مؤول، وتأويله: أن المعنى الواحد لما تعدد محلُّه يسمى: معاني مجازًا؛ لاجتماع محاله؛ لكن كان ينبغي أن يقول: (والمعاني)، والصحيح: أنه سهوٌ" (1).
• المثال الثاني:
قال الطوفي في الفصل الرابع (في اللغات): "واعلم أن الكلام في اللغات هو كالمدخل إلى أصول الفقه من جهة أنه أحد مفردات مادته؛ وهي: الكلام، والعربية، وتصور الأحكام الشرعية.
فأصول الفقه متوقفة على معرفة اللغة؛ لورود الكتاب والسنة بهما اللذين هما أصول الفقه وأدلته، فمن لا يعرف اللغة لا يمكنه استخراج الأحكام من الكتاب والسنة.
وقد كان ينبغي بموجب هذا أن يقدم الكلام في اللغات على غيره من الفصول المتقدمة تقديم مادة الشيء عليه؛ لكن قد بينت أني أقررت ترتيب أصل هذا المختصر (2) على حاله غالبا" (3).
(1) يُنظر: أصول البزدوي - مطبوع مع كشف الأسرار للبخاري - (1/ 99 - 101).
(2)
وهو كتاب: روضة الناظر وجُنَّة المُناظر، لابن قدامة المقدسي.
(3)
شرح مختصر الروضة (1/ 468 - 469).
وقال أيضًا عند حديثه عن أصول الأدلة: "قوله: (واختلف في أصول يأتي ذكرها) -إن شاء الله تعالى-، يعني أن الأصول ضربان: متفق عليه بين الجمهور، وهي الخمسة المذكورة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، والاستدلال. ومختلف فيه، وهو أربعة: شرع من قبلنا، وقول الصحابي الذي لا مخالف له، والاستحسان، والاستصلاح، وهي على هذا الترتيب في المختصر، وبعدها القياس، وقد كان ينبغي أن يقدم عليها؛ ليكون كل واحد من الأصول المتفق عليها والمختلف فيها متواليًا لا يتخلله غيره؛ لكن قد أبنت عذري في ذلك أول الشرح؛ وهو أني اختصرت ولم أستقص أحوال الترتيب"(1).
• المثال الثالث:
قال البيضاوي في (تقسيم الألفاظ باعتبار الدلالة): "دلالة اللفظ على تمام مسماه مطابقة، وعلى جزئه تضمن، وعلى لازمه التزام (2) "(3).
فاستدرك عليه ابن السبكي فقال: "الثاني: في التقسيم الذي ذكره مناقشات من وجوه:
…
ومنها: كان ينبغي أن يقول في المطابقة: من حيث هو تمامه، وفي التضمن: من
(1) المرجع السابق (2/ 8).
(2)
سبق تعريفها عند ابن جزي في الفصل الثالث (ص: 298)، وسيأتي تعريفها في دراسة هذا الاستدراك أيضًا، وأكتفي بذكر أمثلة لها هنا، والإشارة إلى مراجع التعريف بهذه الدلالات وأمثلتها.
مثال دلالة المطابقة: كدلالة لفظ (الإنسان) على الحيوان الناطق، ودلالة الأعلام على مسمياتها.
مثال دلالة التضمن: كدلالة لفظ (الإنسان) على الحيوان فقط أو الناطق فقط؛ كدلالة (الأربعة) على الاثنين نصفها.
مثال دلالة الالتزام: كدلالة لفظ (الإنسان) على قابلية العلم وصنعة الكتابة؛ كدلالة الأربعة على الزوجية.
يُنظر: إيضاح المبهم (ص: 6 - 7)؛ آداب البحث والمناظرة (ص: 20 - 22)؛ ضوابط المعرفة (ص: 28 - 30).
(3)
منهاج الوصول - مطبوع مع الإبهاج - (3/ 517).
حيث هو جزؤه، وفي الالتزام: من حيث هو لازمه؛ ليحترز به عن اللفظ المشترك بين الشيء وجزئه،
…
" (1).
• بيان الاستدراك:
استدرك التاج السبكي على البيضاوي تعريف دلالة المطابقة والتضمن والالتزام، وقال: ينبغي إضافة قيد لكل تعريف، فيقال في تعريف دلالة المطابقة: دلالة اللفظ على تمام مسماه من حيث هو تمامه؛ أي دلالة اللفظ على تمام مسماه باعتبار أن هذا المسمى هو التمام.
ويقال في تعريف دلالة التضمن: دلالة اللفظ على جزء معناه من حيث هو جزؤه، أي دلالة اللفظ على جزء مسماه باعتبار أن هذا المسمى هو الجزء.
ويقال في دلالة الالتزام: دلالة اللفظ على لازم معناه من حيث هو لازمه، أي دلالة اللفظ على لازم مسماه باعتبار أن هذا المسمى هو لازم.
وإنما قيدت التعريف بهذه القيود حتى يحترز عن اللفظ المشترك بين الشيء وجزئه؛ فإن دلالة المشترك على الجزء من حيث إنه جُزْءُ المعنى: دلالة تضمن، ودلالة المشترك على الجزء من حيث إنه تمام المعنى: دلالة مطابقة.
فأصبح (الجزء) مدلولاً عليه بدلالتين: الأولى: المطابقة، والثانية: التضمن.
فلذلك كان لا بد من هذه القيود، فبقيد (من حيث هو تمامه) في دلالة المطابقة، دخلت دلالة المشترك على الجزء في دلالة التضمن.
(1) يُنظر: الإبهاج (3/ 526).