الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو خلاف ما نقله الآمدي كما رأيت، والذي رأيته في المعتمد (1) يقتضي موافقة ما نقله الهندي أو يصرح؛ بل لم يحك هذا القول الذي نقله عنه الآمدي بالأصالة" (2).
• بيان الاستدراك:
استدرك ابن السبكي على الآمدي مصححًا له نقله عن أبي الحسين البصري القول بأن الأمر المطلق يفيد المرة ولا يحتمل التكرار، فهو لم يحكِ هذا القول في المعتمد؛ بل حكى قولين: قول من يقول: إن ظاهره يفيد التكرار، وقول من يقول: إنه يفيد إيقاع الفعل فقط، والمرة الواحدة ضرورية لذلك.
•
رابعًا: تصحيح خطأ المستدرَك عليه في الدليل
.
الدليل في اللغة: ما يستدل به (3)، ويطلق أيضًا على المرشد والكاشف (4).
وعند الأصوليين: ما يتوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري. (5)
• المثال الأول:
قال الآمدي بعد أن ذكر تفصيل المذاهب في مسألة (مفهوم الصفة (6)):
(1)(1/ 98).
(2)
الإبهاج (4/ 1097 - 1098).
(3)
يُنظر: الصحاح (ص: 352)؛ لسان العرب (5/ 291) مادة: (دلل).
(4)
المصباح المنير (1/ 199) مادة (دلل).
(5)
يُنظر: الإحكام (1/ 23)؛ مختصر ابن الحاجب (1/ 203)؛ شرح مختصر الروضة (2/ 671)؛ التحرير (ص: 10). علمًا بأن بعض علماء الأصول جعلوا الدليل خاصًا بما أوصل إلى قطعي، وأما ما أوصل إلى ظني فإنهم لا يطلقون عليه اسم الدليل؛ بل الأمارة، وممن ذهب إلى ذلك: المعتزلة، وإمام الحرمين، والغزالي، والرازي، والآمدي. يُنظر على الترتيب المذكور: المعتمد (1/ 5)؛ التلخيص (1/ 131)؛ المستصفى (3/ 61)؛ المحصول (1/ 88)؛ الإحكام (1/ 23). والتحقيق: أن الدليل يطلق على ما أفاد العلم وعلى ما أفاد الظن؛ لأن ذلك اسم لغوي، وأهل اللغة لا يفرقون بينهما، كما أوضح ذلك القاضي أبو يعلى والشيرازي. يُنظر: العدة (1/ 131)؛ شرح اللمع (1/ 156).
(6)
مفهوم الصفة: تقيد اللفظ العام بصفة خاصة؛ نحو: «في سائمة الغنم الزكاة» خص عموم الغنم بصفة السوم، فلا تجب الزكاة إلا في الغنم السائمة. يُنظر: الإحكام للآمدي (3/ 91)؛ القاموس المبين في اصطلاحات الأصوليين (ص: 279). وحديث «سائمة الغنم الزكاة» قال فيه ابن الملقن: "لا أعرفه هكذا، نعم معناه موجود في الحديث الآتي: حديث أنس: «وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومئة» رواه البخاري". يُنظر: خلاصة البدر المنير (1/ 291). ويُنظر: صحيح البخاري، ك: الزكاة، ب: زكاة الغنم، (2/ 527/ح: 1386).
"وإذا أتينا على تفصيل المذاهب من الجانبين؛ فلا بد من ذكر حجج الفريقين، والتنبيه على ما فيها، ثم نذكر بعد ذلك ما هو المختار"(1).
ثم أورد أدلة القائلين بمفهوم الصفة، واستدرك عليها، وقال في ختام أدلتهم:"وإذا أتينا على حجج القائلين بدليل الخطاب وتتبع ما فيها؛ فلا بد من ذكر حجج عول عليها القائلون بإبطال دليل الخطاب، والتنبيه على ما فيها، ثم نذكر بعد ذلك ما هو المختار"(2).
وأعقب ذلك بذكر أدلة القائلين بعدم حجية مفهوم الصفة، واستدرك على أدلتهم، ثم قال: "وإذا أتينا على ما أوردنا من التنبيه على إبطال الحجج الواهية؛ فلا بد من إشارة إلى ما هو المختار في ذلك، وأقرب ما يقال فيه مسلكان
…
" (3).
• المثال الثاني:
قال الآمدي في مفهوم اللقب: "اتفق الكل على أن مفهوم اللقب ليس بحجة، خلافًا للدَّقاق (4) وأصحاب الإمام أحمد بن حنبل (5) رحمه الله.
(1) الإحكام للآمدي (3/ 92).
(2)
المرجع السابق (3/ 101 - 102).
(3)
المرجع السابق (3/ 108).
(4)
هو: أبو بكر، محمد بن محمد بن جعفر البغدادي، المعروف بالدقاق، ويلقب بالخياط، فقيه أصولي، تفقه في علوم كثيرة على مذهب الشافعي، من مصنفاته:"شرح المختصر"، و"كتاب في أصول الفقه"، و"فوائد الفوائد"، (ت: 392 هـ) في شهر رمضان.
تُنظر ترجمته في: تاريخ بغداد (3/ 229)؛ طبقات الشافعية للإسنوي (1/ 552)؛ طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 142).
(5)
ليس هذا مذهب جميع أصحاب الإمام أحمد، فذهب القاضي أبو يعلى إلى أن مفهوم اللقب حجة، وحكاه عن الإمام أحمد، وكذلك الفتوحي، وخالف ابن قدامة والطوفي؛ حيث ذهبا إلى أن مفهوم اللقب ليس بحجة. يُنظر: العدة (2/ 475)؛ روضة الناظر (2/ 137)؛ شرح مختصر الروضة (2/ 772)؛ شرح الكوكب المنير (3/ 509 - 510).
وصورته: أن يعلن الحكم إما باسم الجنس؛ كالتخصيص على الأشياء الستة بتحريم الربا (1)، أو اسم علم؛ كقول القائل: زيد قائم أو قام.
والمختار إنما هو مذهب الجمهور؛ لكن احتج بعض القائلين بإبطاله بحجج لابد من الإشارة إليها، والتنبيه على ما فيها، ثم نذكر بعد ذلك ما هو المختار". ثم بعد أن ذكر أدلة القائلين بإبطاله، واستدراكه عليها، قال في ذكر الدليل الصحيح: "والمختار في إبطاله ما سبق في المسائل المتقدمة (2) " (3).
• المثال الثالث:
وقال أيضًا في مسألة (وقوع التعبد بالقياس شرعًا): "الذين اتفقوا على جواز التعبد بالقياس عقلاً اختلفوا؛ فمنهم من قال: لم يرد الشرعي به؛ بل ورد بحظره؛ كداود بن علي الأصفهاني وابنه (4)، والقاشاني، والنهرواني، ولم يقضوا بوقوع ذلك إلا فيما كانت علته منصوصة أو مومى إليها.
وذهب الباقون إلى أن التعبد الشرعي به واقع بدليل السمع، واختلفوا في وقوعه بدليل العقل،
…
ثم الدليل السمعي هل هو قطعي أو ظني؟ اختلفوا فيه؛ فقال الكل:
(1) المراد بالأصناف الستة المذكورة في حديث عُبادَة بن الصّامِتِ قال: «سمعت رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ينْهَى عن بيْعِ الذّهَبِ بِالذّهَبِ، والْفِضَّةِ بِالْفِضّةِ، والْبُرِّ بِالْبرِّ، والشَّعِيرِ بِالشّعِيرِ، والتَّمْرِ بِالتّمْرِ، والْمِلْحِ بالْمِلْحِ، إلا سوَاءً بِسوَاءٍ، عيْنًا بِعيْنٍ، فمَنْ زادَ أو ازْدادَ فقَدْ أرْبَى» . يُنظر: صحيح مسلم، ك: المساقاة، ب: الصّرْفِ وبَيْعِ الذّهَبِ بالْوَرِقِ نقْدًا، (3/ 1210/ح: 1587).
(2)
أي: المسلكين في مفهوم الصفة، تُنظر في الإحكام للآمدي (3/ 108 - 110).
(3)
يُنظر: المرجع السابق (3/ 120).
(4)
أي: محمد بن داود، سبقت ترجمته (ص: 209).