الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
ثالثاً: صيغة (عجيب):
• المثال الأول:
جاء في المسودة في مسألة (التخصيص بأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم): "إذا قلنا: إن فعل النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته على الصحيح؛ فإنَّه يخصص بخاصة عموم قوله، جاء ذلك عن أحمد في مواضع، وهو قول المالكية (1)، والشافعية (2)، والحنفية (3) فيما ذكره القاضي (4)، قال: إلا الكرخي (5).
وقال عبدالجبار بن أحمد (6) بالوقف والتعارض، وكذلك حكى ابن عقيل (7) عن بعض الشافعية كقول الكرخي، واختاره ابن برهان (8) ونصره.
واختار أبو الخطاب مثل قول شيخه (9)، وذكر الحجج المعروفة في المسألة،
(1) يُنظر: رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (3/ 277 - 279).
(2)
يُنظر: الإحكام للآمدي (2/ 402).
(3)
يُنظر: فواتح الرحموت (1/ 354).
(4)
أي القاضي أبو يعلى. يُنظر: العدة (3/ 573 - 575).
(5)
يُنظر: الأقوال الأصولية له (ص: 63).
ورأيه هذا يرجع إلى كونه يرى أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم خاص به لا يتناول غيره من أفراد الأمة إلا بدليل خاص آخر خلافًا للحنفية الذين يرون أن فعله صلى الله عليه وسلم دليل قائم بنفسه يشمل أفراد الأمة، ولا يختص به صلى الله عليه وسلم إلا بدليل مخصص. يُنظر: الفصول في الأصول (3/ 215)؛ تيسير التحرير (3/ 120 - 121).
(6)
المراد به: القاضي عبدالجبار بن أحمد الهمداني المعتزلي - وقد سبق ترجمته (ص: 241) -، ويُنظر قوله في المعتمد (1/ 361).
(7)
يُنظر: الواضح في أصول الفقه (3/ 394).
(8)
نسب هذا القول لابن برهان أيضًا في: أصول ابن مفلح (3/ 967)؛ البحر المحيط (3/ 387)، إلا أنه في "الوصول إلى الأصول"(1/ 264) قال بتخصيص العموم بأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم.
(9)
يقصد به القاضي أبا يعلى. يُنظر: العدة (2/ 573).
وأجاب عن شبهة الخصم لما ادعى احتمال اختصاصه بالفعل بأنه خلاف الظاهر، وأن الأصل أنه وأمته سواء في الأحكام، ذكر هذا في موضعين: في باب العموم والتخصيص (1)، وفي كتاب الأفعال (2)، وهذا شيء عجيب مناقض لاختياره من قبل أن أفعاله وما خوطب به واحد معين لا يتعدى إلا بدليل (3) - وقد سبق - (4) " (5).
• المثال الثاني:
قال ابن السبكي في مسألة (دلالة صيغة افعل المطلقة): "واعلم أن الشيخ أبا إسحاق في شرح اللمع (6) أورد من جهة المعتزلة: أن ما ذكرتموه من الآيات يدل على أوامر الله ورسوله يدلان على الوجوب، ونحن لا ننازع في ذلك؛ إنما ننازع في مقتضى اللفظ لغة.
وأجاب: بأنهم متى سَلَّموا ذلك حصل المقصود؛ إذ المطلوب معرفة مقتضى أوامر الله وأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم.
وغرضنا من إيراد هذا السؤال: أنه قد يؤخذ منه أن المعتزلة أو أن الشيخ أبا إسحاق اعتقد أنهم لا يخالفون في أن أوامر الله وأوامر رسوله عليه الصلاة والسلام تقتضي الوجوب (7)،
(1) يُنظر: التمهيد (2/ 116).
(2)
يُنظر: المرجع السابق (2/ 330 - 331).
(3)
يُنظر: التمهيد (1/ 275).
(4)
إشارة إلى مسائل الأفعال؛ حيث تعجب أيضًا من قول أبي الخطاب. يُنظر: المسودة (ص: 54).
(5)
يُنظر: المرجع السابق (ص: 95).
(6)
(1/ 208).
(7)
وقد علق محقق الإبهاج في تكملة هامش (2) من (4/ 1047) - بعد أن ذكر جواب أبي إسحاق كاملاً من شرح اللمع-: "فتبين بالجواب الثاني أن أبا إسحاق - رحمه الله تعالى - لا يعتقد هذا الاعتقاد الذي ذكره الشارح - رحمه الله تعالى -، وأعجب كيف فات على الشارح قراءة الجواب الثاني الذي فيه بيان معرفة أبي إسحاق أن هذا السؤال لا يصح من المعتزلة؛ إذ هو مخالف لمذهبهم، وإنما جوابه في الأول على سبيل التنزيل والتسليم، والسهو لا يكاد يسلم منه أحد".
*قلت: وأنت إذا تأملت كلام الشارح ابن السبكي لا تجده يقول: إن الشيخ أبا إسحاق يعتقد أن المعتزلة لا يخالفون في أن أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم بأنها تقتضي الوجوب؛ وإنما هو يدفع وهمًا قد يقع في قراءة كلام الشيخ أبي إسحاق فيُظن أنه يقول ذلك ويعتقده.
وذلك عجيب؛ فإن النقل عنهم بخلاف ذلك مُشتهر (1) " (2).
• المثال الثالث:
قال ابن الحاجب في مسألة (مرسل (3) غير الصحابي): "القائل مطلقًا تمسكوا بمراسيل التابعين، ولا يُفيدهم تعميمًا"(4).
قال ابن السبكي في شرحه: "واحتج القائل بالمراسيل مطلقًا: بأن العلماء تمسكوا بمراسيل التابعين؛ فإنها قبلت كما مر تقريره.
قال المصنف (5): (ولا يفيدهم تعميمًا)؛ فإنه يجوز اختصاص التابعين بمعنى يوجب قبول مراسيلهم؛ وهو كونهم من أئمة الحديث.
وهذا ضعيف؛ فإنه ليس كل تابعي من أئمة النقل (6)؛ بل فيهم الجاهل وغيره، والمصنف إنما أجاب بهذا؛ ليتمشى له تفصيله الذي ذهب إليه (7)، ونحن جوابنا
(1) ومذهب المعتزلة: حمل أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على الندب. يُنظر: المعتمد (1/ 50 - 51).
(2)
الإبهاج (4/ 1047).
(3)
سبق تعريف المرسل في (ص: 264).
(4)
يُنظر المسألة في: مختصر ابن الحاجب (1/ 636 - 642).
(5)
المراد به ابن الحاجب.
(6)
المراد بأئمة النقل: من لهم أهلية الجرح والتعديل. يُنظر: رفع الجاجب (2/ 465)؛ تيسير التحرير (3/ 102).
(7)
وتفصيل ابن الحاجب في المرسل: أنه إن كان من أئمة النقل قبل؛ وإلا فلا. يُنظر: مختصر ابن الحاجب (1/ 638).