الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
المطلب السادس: الاستدراك الأصولي
على التقسيمات والشروط، وتطبيقاته
•
أولاً: استدراك الأصولي على التقسيم:
قال البيضاوي: "في المجمل، وفيه مسائل: الأولى: اللفظ إما أن يكون مجملاً بين حقائقه؛ كقوله تعالى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، أو أفراد حقيقة واحدة؛ مثل:{أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67]، أو مجازاته إذا انتفت الحقيقة وتكافأت (1)
…
" (2).
قال الإسنوي: "والإجمال لا يتصور إلا في معان متعددة، وحينئذ الإجمال على أقسام". ثم أورد استدراكًا على البيضاوي فقال: "نعم المجمل قد يكون فعلاً أيضًا؛ كما إذا قام النبي صلى الله عليه وسلم من الركعة الثانية؛ فإنه يحتمل أن يكون عن تعمد؛ فيدل على جواز ترك التشهد الأول، ويحتمل أن يكون عن سهو؛ فلا يدل عليه.
وهذا القسم ذكره ابن الحاجب (3) وغيره، وهو يرد على المصنف؛ فإنه جعل مورد التقسيم هو اللفظ، فقال:(اللفظ إما أن يكون) إلخ" (4).
•
ثانياً: استدراك الأصولي على الشروط:
بعد أن ذكر العلاء البخاري شروط القياس التي أوردها البزدوي قال: "واعلم أن صاحب الميزان (5) اعترض على الشروط الأربعة المذكورة في الكتاب بوجوه:
(1) أي تكافأت المجازات فلم يترجح بعضها على بعض. يُنظر: نهاية السول (1/ 556).
(2)
المنهاج - مطبوع مع نهاية السول- (1/ 555).
(3)
يُنظر: مختصر ابن الحاجب (2/ 865).
(4)
نهاية السول (1/ 555 - 557).
(5)
هو: أبو بكر، محمد بن أحمد السمرقندي الحنفي، علاء الدين، الأصولي، له في أصول الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة كتاب سماه " ميزان الفصول في نتائج العقول " - هكذا ذكر اسم الكتاب في الترجمة له-.
تُنظر ترجمته في: الجواهر المضِيَّة (3/ 83)؛ تاج التراجم (ص: 257)؛ إيضاح المكنون (4/ 613).
أحدها: أن اشتراط الشرط الأول والثاني (1) إنما يستقيم على قول من يرى تخصيص العلة (2)؛ مثل القاضي الإمام أبي زيد (3) ومن وافقه (4)، فأما من أنكر تخصيص العلة؛ مثل: الشيخين (5) وعامة المتأخرين (6)؛ فلا يستقيم؛ لأن النص إذا ورد بخلاف القياس تبيَّن به أن ذلك القياس غير مستقيم؛ ليتبين بطلان ذلك القياس بورود النص على خلافه.
بيانه: أن الأكل لما جعل علة لفساد الصوم، ثم ورد نص ببقاء الصوم مع الأكل ناسيًا؛ كان ذلك دليلاً على فساد العلة، فكيف يستقيم قولهم: إنه ورد على خلاف القياس مع تبين فساد القياس وبطلانه بوروده؟ !
وثانيها: أنه ذكر التعدي وذلك لا يتحقق في الأوصاف، ولو ثبت يلزم منه خلو محل النص عن الحكم؛ إذ الشيء لا يثبت في محلين في زمان واحد.
(1) الشرط الأول: ألا يكون الأصل مخصوصًا بحكمه بنص آخر. الشرط الثاني: ألا يكون حكمه معدولاً به عن القياس. يُنظر: أصول البزدوي - مطبوع مع كشف الأسرار للبخاري- (3/ 545، 547).
(2)
تخصيص العلة: تخلف الحكم عن الوصف المدَّعى عليه في بعض الصور لمانع. يُنظر: كشف الأسرار للبخاري (4/ 57)؛ تيسير التحرير (3/ 233)؛ ويُنظر كذلك: التعريفات (ص: 76).
(3)
يُنظر قوله في جواز تخصيص العلة في: تقويم الأدلة (ص: 312 - 314).
(4)
من الموافقين له: أبو الحسن الكرخي، وأبو بكر الرازي، ومشايخ الحنفية من العراق. يُنظر: الفصول في أصول الفقه (4/ 255 - 256)؛ كشف الأسرار للبخاري (4/ 57).
(5)
الشيخان هما: فخر الإسلام البزدوي، وشمس الأئمة السرخسي. يُنظر: كشف الأسرار عن أصول البزدوي، رسالة دكتوراه تخصص أصول الفقه، تحقيق: أسامة السعدون، بالجامعة الإسلامية، هامش (3) (ص: 776). ويُنظر قول البزودي والسرخسي في فساد تخصيص العلة: أصول البزدوي (4/ 57)؛ أصول السرخسي (2/ 208).
(6)
مشايخ الحنفية في بلاد ما وراء النهر. يُنظر: كشف الأسرار للبخاري (1/ 57).
وثالثها: أن اشتراط تعدي حكم النص بعينه يمنع من ثبوت القياس، فكيف يصلح شرطًا؛ لأن حكم النص في قوله عليه السلام:«الْحنْطَةَ بالْحِنْطَةِ مثْلًا بمِثْلٍ» (1) حرمة الفضل على الكيل في الحنطة، ولا يتصور ثبوته في الفرع؛ لأن حرمة الفضل على الكيل في الجص والأرز مثلاً غير حرمة الفضل في الحنطة (2) " (3).
(1) أخرجه مسلم بلفظ: "التّمْرُ بالتَّمْرِ، وَالْحنْطَةُ بالْحِنْطَةِ، وَالشَّعيرُ بالشَّعِيرِ، وَالْملْحُ بالْمِلْحِ، مثْلًا بمِثْلٍ، يدًا بيَدٍ، فمَنْ زادَ أو اسْتزَادَ فقَدْ أرْبَى؛ إلا ما اخْتلَفَتْ ألْوَانُهُ". يُنظر: صحيح مسلم، ك: الربا، ب: الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا (3/ 1211/ح: 1588).
(2)
يُنظر: ميزان الأصول (2/ 969 - 976).
(3)
كشف الأسرار للبخاري (3/ 549).