الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
المراد بمادة الاستدراك الأصولي
المادة في اللغة: تقوم على ثلاثة حروف؛ هي: الميم والدال المشددة، وأصل المادة يدل على جر شيء في طول، واتصال شيء بشيء في استطالة. (1)
والمادة: الزيادة المتصلة، ومد الله في عمره: أي طوَّل له، والاستمداد: طلب المدد. (2)
ومادة الشيء: أصوله وعناصره التي منها يتكون؛ حسية كانت أو معنوية، فالأول كمادة الخشب، والثاني كمادة البحث العلمي. (3)
وفي الاصطلاح: قال الجرجاني: "مادة الشيء: هي التي يحصل الشيء معها بالقوة. وقيل: المادة: الزيادة المتصلة"(4).
والمراد بمادة الاستدراك: الأصول التي يتكون منها التعقيب.
وهذا التعريف مستفاد من المعنى اللغوي لكلمتي (المادة) و (الاستدراك).
ولا يتصور أن يستدرك العلماء بلا مادة علمية يُحتكم إليها؛ بل كانت استدراكاتهم- على تعددها وتنوعها - تجري على أصول وطرائق علمية.
قال ابن خلدون: "وجرت بينهم المناظرات في تصحيح كل منهم مذهب إمامه، تجري على أصول صحيحة، وطرائق قويمة، يحتج بها كل على مذهبه الذي
(1) يُنظر: مقاييس اللغة (5/ 269) مادة (مدَّ).
(2)
يُنظر: الصحاح (ص: 978) مادة (مدد).
(3)
يُنظر: معجم الوسيط (ص: 858) مادة: (مدَّ).
(4)
التعريفات (ص: 250).
قلده، وتمسك به، وأجريت في مسائل الشريعة كلها، وفي كل باب من أبواب الفقه، فتارة يكون الخلاف بين الشافعي ومالك وأبي حنيفة يوافق أحدهما، وتارة بين مالك وأبي حنيفة والشافعي يوافق أحدهما، وتارة بين الشافعي وأبي حنيفة ومالك يوافق أحدهما، وكان في هذه المناظرات بيان مآخذ هؤلاء الأئمة، ومثارات اختلافهم، ومواقع اجتهادهم، كان هذا الصنف من العلم يسمى بالخلافيات، ولا بد لصاحبه من معرفة القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام كما يحتاج إليها المجتهد؛ إلا أن المجتهد يحتاج إليها للاستنباط، وصاحب الخلافيات يحتاج إليها لحفظ تلك المسائل المستنبطة من أن يهدمها المخالف بأدلته" (1).
فبين رحمه الله أن الأصول يستخدمها المجتهد للاستنباط، والمناظر المستدرك -صاحب الخلافيات- يحتاج إليها لحفظ تلك المسائل المستنبطة من أن يهدمها المخالف بأدلته.
(1) مقدمة ابن خلدون (ص: 456 - 457).