الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاستدرك عليه عبدالعلي الأنصاري (1) بقوله: "وروي عن بعض الحنفية العراقيين: ليس كل الوقت وقتًا للوجوب؛ بل آخره وقته، فإن قدمه فنفل يسقط به الفرض؛ كالوضوء قبل الوقت، ونسب في المنهاج هذا القول إلى الحنفية، وهذه النسبة غلط
…
" (2).
• بيان الاستدراك:
استدرك الأنصاري على ما جاء في المنهاج من نسبته تعلق الوجوب بآخر الوقت إلى الحنفية، فهذه النسبة غلط؛ فليس كل الحنفية يقولون بها؛ وإنما قول بعض الحنفية العراقيين.
•
السبب الثالث: أن يفهم من كلام العالم ما لم يرده، أو ينقل عنه ما لم يقله
.
(أن يفهم من كلامه ما لم يرده) يدخل فيه الوهم؛ فلا حاجة لتكراره.
وأما أن ينقل عنه ما لم يقله فكنقل الرازي (3) والآمدي (4) وابن الحاجب (5)
(1) هو: أبو العباس، عبدالعلي بن محمد بن نظام الدين محمد اللَّكْنَوي الأنصاري الحنفي، يلقب بـ (بحر العلوم)، فقيه أصولي منطقي، كان من نوابغ القرن الثاني عشر، وكان الطلاب يقبلون على دروسه. من مصنفاته:"تنوير المنار" شرح منار الأصول، " فواتح الرحموت " شرح مسلم الثبوت، (ت: بعد 1180 هـ).
تُنظر ترجمته في: معجم المطبوعات (1/ 531)؛ الفتح المبين للمراغي (3/ 132)؛ أصول الفقه تاريخه ورجاله (ص: 519).
(2)
يُنظر: فواتح الرحموت (1/ 74).
(3)
يُنظر: المحصول (3/ 125).
(4)
يُنظر: الإحكام للآمدي (2/ 293).
(5)
يُنظر: مختصر ابن الحاجب (2/ 728).
وغيرهم (1) عن الشافعي أنه يقول بأن العبرة بخصوص السبب، معتمدين في ذلك على قول إمام الحرمين الجويني في البرهان، وفي هذا يقول الإسنوي: "ونقل الآمدي وابن الحاجب وغيرهما عن الشافعي: أنه يقول بأن العبرة بخصوص السبب، معتمدين على قول إمام الحرمين في البرهان (2): إنه الذي صح عندي من مذهب الشافعي. ونقله عنه (3) في المحصول.
وما قاله الإمام (4) مردود؛ فإن الشافعي قد نص على أن السبب لا أثر له، فقال في الأم - في باب ما يقع به الطلاق، وهو بعد باب طلاق المريض- ما نصه:(ولا يصنع السبب شيئًا؛ إنما تصنعه الألفاظ؛ لأن السبب قد يكون ويحدث الكلام على غير السبب، ولا يكون مبتدأ الكلام الذي له حكم فيقع، فإذا لم يصنعه بما بعده ولم يمنع ما بعده أن يصنع ما له حكم إذا قيل)(5) هذا لفظه بحروفه، ومن الأم نقلته.
فهذا نص بين دافع لما قاله؛ ولا سيما قوله: (ولم يمنع ما بعده) إلخ
…
" (6).
• المثال الثاني:
قال الإسنوي في مسألة (الاحتجاج بالقراءة الشاذة (7)): "القراءة الشاذة
(1) يُنظر: الحاصل (2/ 373)؛ التحصيل (1/ 401)؛ تنقيح المحصول للتبريزي (2/ 291).
(2)
(1/ 372).
(3)
أي: نقل الرازي في المحصول عن إمام الحرمين قول الشافعي العبرة بخصوص السبب.
(4)
أي: إمام الحرمين الجويني.
(5)
الأم (5/ 259).
(6)
نهاية السول (1/ 540). وينظر كذلك الإبهاج (4/ 1510).
(7)
حقيقة الشاذ لغة المنفرد. يُنظر: الصحاح (ص: 539)؛ المصباح المنير (1/ 307) مادة (شذذ).
والشاذ في الاصطلاح: عكس المتواتر. والمراد بالقراءة المتواترة: كل قراءة ساعدها خطُّ المصحف، مع صحة النقل فيها، ومَجِيئُهَا على الفصيح من لُغةِ العرب. فمتى اخْتلَّ أحد هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة بأنها شاذَّة. يُنظر: البحر المحيط (1/ 474). ويُنظر: النشر في القراءات العشر (1/ 9).
كقراءة ابن مسعود في كفارة اليمين: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} هل تنزل منزلة الخبر أم لا؟
والصحيح عند الآمدي (1) وابن الحاجب (2) أنه لا يحتج بها، ونقله الآمدي عن الشافعي رضي الله عنه.
وقال إمام الحرمين في البرهان (3): إنه ظاهر مذهب الشافعي؛ لأن الراوي لم ينقلها خبرًا، والقرآن يثبت بالتواتر؛ لا بالآحاد.
وخالف أبو حنيفة رضي الله عنه، فذهب إلى الاحتجاج بها، وبنى عليه وجوب التتابع في كفارة اليمين؛ لقراءة ابن مسعود:{ثلاثة أيام متتابعات} .
وجزم النووي (4) في شرح مسلم (5) بما قاله الإمام، ذكر في الكلام على قوله عليه السلام:«شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر» (6) وفي غيره أيضًا.
(1) يُنظر: الأحكام للآمدي (1/ 216).
(2)
يُنظر: مختصر ابن الحاجب (1/ 381).
(3)
(1/ 666).
(4)
هو: أبو زكريا، يحيى بن شرف بن مري بن حسن النووي، محي الدين، شيخ الإسلام، وشيخ المذهب الشافعي، وكبير الفقهاء في زمانه، ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية، وكان لا يضيع شيئًا من أوقاته، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر للملوك، له مصنفات كثيرة في فنون مختلفة؛ منها:"شرح صحيح مسلم"، و" المجموع شرح المهذب " ولم يكمله، و" الأسماء واللغات"، (ت: 676 هـ) بنوى.
تُنظر ترجمته في: طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (8/ 395)؛ البداية والنهاية (13/ 278)؛ طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/ 153).
(5)
(5/ 130 - 131).
(6)
الحديث في الصحيحين، واللفظ المذكور لمسلم. يُنظر: صحيح البخاري، ك: الجهاد والسير، ب: الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة (3/ 1071/ح: 2773)، ك: الدعوات، ب: الدعاء على المشركين، (5/ 2349/ح: 6033)؛ صحيح مسلم، ك: المساجد ومواضع الصلاة، ب: الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، (1/ 437/رقم: 628).
وما قالوه جميعه خلاف مذهب الشافعي، وخلاف قول جمهور أصحابه، فقد نص الشافعي في موضعين من مختصر البويطي (1) على أنها حجة، ذكر ذلك في باب الرضاع (2)، وفي باب تحريم الحج (3)، وجزم به الشيخ أبو حامد (4) في الصيام وفي الرضاع، والماوردي (5) في الموضعين أيضًا (6)، والقاضي أبو الطيب (7) في موضعين من
(1) جاء في الفهرست: "وللبويطي من الكتب: "كتاب المختصر الكبير"، و" كتاب المختصر الصغير". يُنظر: الفهرست (ص: 298). ومختصر البويطي حقق في رسائل علمية في السعودية ومصر ولم يطبع.
البويطي هو: أبو يعقوب، يوسف بن يحيى المصري البويطي، صاحب الشافعي، وقام مقامه في الدرس والفتوى بعد وفاته، وكان صالحًا متنسكًا عابدًا زاهدًا، حمل في أيام الواثق بالله من مصر إلى بغداد في مدة المحنة وأريد على القول بخلق القرآن الكريم فامتنع من الإجابة إلى ذلك، فحبس ببغداد ولم يزل في السجن والقيد حتى مات (231 هـ)
تُنظر ترجمته في: تاريخ بغداد (14/ 299)؛ وفيات الأعيان (7/ 61)؛ طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 72).
(2)
يُنظر: مختصر البويطي (ص: 416).
(3)
لم أقف على قوله في نسخة المختصر التي بين يدي.
(4)
المراد به: أبو حامد الإسفرائيني.
(5)
هو: أبو الحسن، علي بن محمد بن حبيب البصري، الشافعي، القاضي، تفقه على أبي حامد الإسفرائيني، وكان الماوردي من كبار الشافعية، كان حليمًا وقورًا أديبًا. من مصنفاته:" الحاوي"، و" الإقناع " في الفقه، و"أدب الدين والدنيا"، (ت: 450 هـ).
تُنظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (18/ 64)؛ وفيات الأعيان (3/ 282)؛ طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (5/ 267).
(6)
يُنظر: الحاوي الكبير (11/ 415)(15/ 329).
(7)
هو: أبو الطيب، طاهر بن عبدالله بن طاهر بن عمر الطبري الشافعي، فقيه بغداد، الإمام العلامة شيخ الإسلام، درس وأفتى وأفاد، وولي قضاء ربع الكرخ بعد القاضي الصيمري، وهو أحد تلاميذ أبي حامد الإسفرائيني. من مصنفاته:"شرح مختصر المزني"، وصنف في الخلاف والمذهب والأصول والجدل كتبًا كثيرة، (ت: 450 هـ) وهو ابن مئة وسنتين، لم يختل عقله، ولا تغير فهمه، يفتي مع الفقهاء، ويستدرك عليهم الخطأ، ويقضي ويشهد، ويحضر المواكب، إلى أن مات.
تُنظر ترجمته في: تاريخ بغداد (9/ 358)؛ طبقات الفقهاء للشيرازي (ص: 135)؛ سير أعلام النبلاء (17/ 668).
تعليقته؛ أحدهما: الصيام، والثاني: في باب وجوب العمرة، والقاضي الحسين (1) في الصيام، والمحاملي في الأيمان من كتابه المسمى: عدة المسافر وكفاية الحاضر (2)، وابن يونس (3) - شارح التنبيه (4) - في كتاب الفرائض في الكلام على ميراث الأخ
(1) هو: أبو علي، حسين بن محمد بن أحمد المروذي، وهو المراد بقول الشافعية في كتبهم الفقهية:(القاضي)، كان من أوعية العلم، غواصًا في الدقائق، أخذ عن القفال وكان من أنجب تلامذته. من مصنفاته:" التعليقة "، و" أسرارا لفقه".
تُنظر ترجمته في: الطبقات الكبرى للشافعية لابن السبكي (4/ 356)؛ طبقات الشافعية لابن الإسنوي (1/ 407)؛ طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 244).
(2)
عدة المسافر وكفاية الحاضر، لأبي الحسن أحمد بن محمد المحاملي (ت: 415 هـ)، في الخلاف بين الحنفية والشافعية في مجلد، منها نسخة موقوفة بالمدرسة الفاضلية بالقاهرة. كشف الظنون (2/ 1130).
والمحاملي هو: أبو الحسن، أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم الضبي، البغدادي، الشافعي، المعروف بـ (بالمحاملي)، شيخ الشافعية، درس الفقه على الشيخ أبي حامد الإسفراييني، وكان غاية في الذكاء والفهم، وبرع في المذهب، وولي قضاء الكوفة ستين سنة. من مصنفاته:"المجموع"، و" المقنع " و " اللباب " في الفقه الشافعي، وله تعليقة عن شيخه أبي حامد، (ت: 415 هـ).
تُنظر ترجمته في: البداية والنهاية (11/ 203)؛ طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (4/ 48)؛ طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 174).
(3)
هو: أبو الفضل، أحمد ابن الشيخ كمال الدين موسى بن يونس، كان إماماً حافظًا، كثير الحفظ، غزير المادة، جميل المنظر، درس بالمظفرية. من مصنفاته:"شرح التنبيه"، و " مختصر الإحياء للغزالي"، (ت: 622 هـ).
تُنظر ترجمته في: الطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (8/ 36)؛ الوافي بالوفيات (8/ 131)؛ طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/ 72).
(4)
ذكر حاجي خليفة أن له شرحًا على التنبيه ولم يسمه. يُنظر: كشف الظنون (1/ 491). وبعد البحث علمت أن الكتاب حقق في رسائل في الجامعة الإسلامية، وعنوانه:"غنية الفقيه في شرح التنبيه"، ولم يتيسر لي الوقوف على الرسالة التي تناولت كتاب الفرائض.
للأم، وجزم به الرافعي (1) في باب حد السرقة (2).
والذي وقع للإمام فقلده فيه النووي مستنده: عدم إيجابه للتتابع في كفارة اليمين بالصوم مع قراءة ابن مسعود السابقة، وهو وضع عجيب؛ فإن عدم الإيجاب يجوز أن يكون لعدم ثبوت ذلك من الشافعي أو لقيام معارض" (3).
• المثال الثالث:
نسب ابن قدامة القول بالعبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ للإمام مالك (4)، فاستدرك عليه الشيخ الأمين الشنقيطي (5) في مذكرته فقال: "والتحقيق عن مالك يوافق الجمهور في هذه المسألة خلافًا لما ذكره المؤلف. وأشار في المراقي
(1) هو: أبو القاسم، عبدالكريم بن محمد بن عبدالكريم القزويني الرافعي، الإمام العلامة، تفقه على والده، كان ذا فنون، متضلعًا من علوم الشريعة تفسيرًا وحديثًا وأصولًا، من مصنفاته:"شرح الوجيز للغزالي"، و"المحرر"، و "شرح مسند الشافعي"، (ت: 623 هـ).
تُنظر ترجمته في: طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (8/ 281)؛ طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/ 75)؛ طبقات المفسرين للسيوطي (1/ 70)
(2)
يُنظر: فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي (1/ 260)، رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى تخصص الفقه، إعداد الطالب: محمود عبدالحميد محمود طهماز، إشراف الدكتور: الشافعي عبدالرحمن السيد عوض، العام: 1418 هـ.
(3)
التمهيد للإسنوي (ص: 118 - 119).
(4)
يُنظر: روضة الناظر (2/ 36).
(5)
هو: محمد الأمين بن محمد المختار بن عبدالقادر بن محمد الجَكَنِي الشنقيطي، كان زاهدًا حكيمًا. من مصنفاته:"آداب البحث والمناظرة"، و "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن"، و"مذكرة في أصول الفقه"، (ت: 1393 هـ). تُنظر ترجمته في: مقدمة أضواء البيان (1/ 9 - 26)؛ علماء ومفكرون عرفتهم (ص: 171 - 191)؛ ترجمة الشيخ الأمين الشنقيطي للشيخ عبدالرحمن السديس (ص: 9).