الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
المطلب الأول: آداب الاستدراك الأصولي
المشتركة بين المستدرِك والمستدرَك عليه، وتطبيقاتها
من الآداب المشتركة في أداء الاستدراك الأصولي وفي تلقيه والتي ينبغي أن يتحلى بها كل من المستدرِك والمستدرَك عليه ما يلي:
•
أولاً: الإخلاص لله تعالى:
مر معنا أن الاستدراك الأصولي من فروض الكفاية (1)، فهو إذًا عبادة، فينبغي للمستدرِك والمستدرَك عليه إخلاص النية في أداء ذلك وقبوله بأن يبتغيا به وجه الله تعالى، ففي الحديث:«إنما الْأعْمَالُ بالنِّيَّاتِ، وَإنَّمَا لكُلِّ امْرئٍ ما نوَى» (2).
ومن تحقيق الإخلاص الأدب التالي:
•
ثانيًا: قصد نصرة الحق:
فيكون قصد كل منهما نصرة الحق وإيضاحه وإثباته ولو على يد خصمه دون المغالبة للخصم (3).
ويبني أمره على النصيحة لدين الله والذي يستدرك عليه؛ لأنه أخوه في الدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«الدّينُ النّصِيحَةُ. قُلنَا: لِمنْ؟ قال: لِلّهِ، ولِكِتَابِهِ، ولِرَسُولِهِ، ولأئمة المُسْلِمِينَ، وعَامَّتِهِمْ» (4).
فواجب النصح كان أحد أهم البواعث في الاستدراك، فهذا الإمام مالك
(1) يُنظر: حكم الاستدراك (ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.-71).
(2)
يُنظر: صحيح البخاري، ك: بدءُ الوحي، ب: كيْفَ كان بدْءُ الْوحْيِ إلى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، (1/ 3/ح: 1).
(3)
يُنظر: آداب البحث والمناظرة (ص: 274)؛ ضوابط المعرفة (ص: 373).
(4)
سبق تخريجه (ص: 72).
يرسل لليث بن سعد في شأن مسألة أصولية (وهي: إجماع أهل المدينة)، فجاء في خطابه هذا الأدب؛ حيث قال: "واعلم -رحمك الله- أنه بلغني أنك تفتي بأشياء مخالفة لما عليه جماعة الناس عندنا وببلدنا الذي نحن فيه، وأنت في أمانتك وفضلك ومنزلتك من أهل بلدك وحاجة من قبلك إليك واعتمادهم على ما جاءهم منك حقيق بأن تخاف على نفسك، وتتبع ما ترجو النجاة باتباعه
…
واعلم أني أرجو أن لا يكون دعاني إلى ما كتبت إليك إلا النصيحة لله وحده، والنظر لك، والظن بك، فأنزل كتابي منك منزله؛ فإنك إن تفعل تعلم أني لم آلك نصحًا، وفقنا الله وإياك لطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل أمر، وعلى كل حال، والسلام عليك ورحمة الله" (1).
قال أحدهما: سمعت محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه وهو يحلف ويقول: ما ناظرت أحداً إلا على النصيحة. (2)
وقال الشافعي: "ما كلمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان، وتكون عليه رعاية من الله وحفظ، وما كلمت أحداً قط إلا ولم أبال بيّن الله الحق على لساني أو لسانه"(3).
قال ابن عقيل: "وكل جدل لم يكن الغرض منه نُصرة الحق فإنه وبالٌ على صاحبه، والمضرَّة فيه أكثر من المنفعة؛ لأن المخالفة تُوحِشُ، ولولا ما يلزم من إنكار الباطل، واستنقاذ الهالك بالاجتهاد في رَدِّه عما يعتقده من الضلالة، وينطوي عليه من الجهالة؛ لما حسنت المجادلة؛ لما فيه من الإيحاش في غالب الحال؛ ولكن فيها أعظمُ المنفعة وأكثر الفائدةِ إذا قصد بها نُصْرةُ الحقِّ، وإنكار ما زَجَرَ عنه الشرع والعقل بالحجة الوضحة والطريقة الحسنة"(4).
(1) يُنظر: المعرفة والتاريخ (1/ 170 - 171/ 391 - 393).
(2)
يُنظر: الفقيه والمتفقه (2/ 50).
(3)
يُنظر: المرجع السابق (2/ 49).
(4)
يُنظر: الواضح في أصول الفقه (1/ 517).