الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
الاستدراك بكلام العرب:
وهذا كثير جدًّا في كتب الأصول؛ ونذكر منه:
• المثال الأول:
ذكر الشيرازي في (باب القول في الحقيقة والمجاز) من بين أدلة القائلين بعدم وقوع المجاز في القرآن: "واحتجوا بأن المجاز إنما يصار إليه عند الضرورة، ويستعمل في الكلام لمكان الحاجة، وخطاب الله عز وجل منزَّه عن مثل ذلك؛ فإن الله تعالى لا يوصف بالضرورة والحاجة في شيء من ذلك في الأمور، فلم يكن في كلامه مجاز.
والجواب: لا نسلم أن استعمال المجاز موقوف على الضرورة؛ بل ذلك لعلة مستعملة مستحسنة في كلام العرب، غير موقوف على الحاجة، ولعلهم يستعملون المجاز أكثر من استعمالهم الحقيقة، أو نظيره، والقرآن نزل بلغتهم وعلى عادتهم، ومن عادتهم: استعمال المجاز مع القدرة على الحقيقة" (1).
• المثال الثاني:
قال ابن رشد: "مسألة: ليس للاسم المشترك عموم ولجميع ما يقال عليه، وإن كان قد يرى ذلك بعضهم؛ مثل من حمل قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43/المائدة: 6]، على الأمرين جميعًا -أعني النكاح واللمس بالجارحة التي هي اليد-. وهذا يتبين خلافه باستقراء كلام العرب؛ فإنهم ليس يطلقون في مخاطبتهم اسم (العين) مثلاً ويريدون به أن يفهم السامع عنهم جميع المعاني التي يقال عليها اسم (العين) "(2).
•
الاستدراك بعلم (التاريخ):
قال البيضاوي في مسألة (هل يجوز تفويض الحكم إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى العالم؟ ):
(1) شرح اللمع (1/ 170 - 171).
(2)
الضروري في أصول الفقه (ص: 111).
"وجزم به موسى بن عمران (1) لقوله عليه السلام بعد ما أنشدت ابنة النضر بن الحارث: (لو سمعت ما قتلت) "(2).
قال الإسنوي: "استدل موسى بن عمران على الوقوع بأمرين: أحدهما: قضية النضر بن الحارث (3)؛ وهي على ما حكاه ابن هشام (4) في السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين فرغ من بدر الكبرى توجه إلى المدينة ومعه الأسارى، فلما كان بالصفراء (5) أمر عليًا
(1) هو: أبو عمران، موسى بن عمران، متكم من المعتزلة، من الطبقة السابعة، كان واسع العلم في الكلام والفتيا، وكان يقول بالإرجاء، ولم تذكر المراجع المترجم له سنة وفاته، وإن كان معظم تلك الطبقة في الربع الأول من القرن الثالث، وجاء في ترجمته أن اسمه: مُويس، وكذلك جاء في المحصول والتحصيل.
تُنظر ترجمته في: طبقات المعتزلة (ص: 71)؛ فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة (ص: 279).
يُنظر كذلك: المحصول (6/ 137)؛ التحصيل (2/ 323).
(2)
منهاج الوصول - مطبوع مع نهاية السول - (2/ 956).
(3)
هو: النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبدالدار بن قصي القرشي، وكان أشد قريش في تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم والأذى له ولأصحابه، وكان ينظر في كتب الفرس ويخالط اليهود والنصارى، وكان يقول: إنما يأتيكم محمد بأساطير الأولين. وكان صاحب لواء المشركين ببدر، أسره المقداد يوم بدر، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقه، فقتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
تُنظر ترجمته في: سيرة ابن هشام (2/ 137)؛ الكامل في التاريخ (1/ 594).
(4)
هو: أبو محمد، عبدالملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، جمال الدين، العلامة النحوي الإخباري، راوي السيرة عن زياد بن عبدالله البكائي عن ابن إسحاق مصنفها، وإنما نسبت إليه فيقال:"سيرة ابن هشام"؛ لأنه هذبها، وزاد فيها، ونقص منها، وحرر أماكن واستدرك أشياء. أصله من البصرة، وأقام بمصر، واجتمع به الشافعي حين وردها. من مصنفاته: السيرة النبوية المعروفة بـ"سيرة ابن هشام"، وله كتاب في أنساب حمير وملوكها، وكتاب في شرح ماوقع في أشعار السير من الغريب، (ت: 213 هـ).
تُنظر ترجمته في: وفيات الأعيان (3/ 177)؛ تاريخ الإسلام (15/ 281)؛ البداية والنهاية (10/ 281).
(5)
الصفراء: هو وادٍ من أودية الحجاز، وأحد الأوديه الكبيرة في المملكة العربية السعودية ينحدر من جبال السروات باتجاه الغرب، ويبلغ طوله أكثر من (120) كيلاً تقريبًا، قريب من المدينة، ويقال له: ذو أثيل، سمي بهذا الاسم نسبة إلى الصفراء وهي قرية قديمة ذكرها أصحاب المعاجم المتقدمون؛ مثل: ياقوت الحموي، وكان هذا الوادي من أودية بني غفار من قبيلة كنانة، واليوم ينتسب سكانه إلى قبيلة حرب.
يُنظر: معجم البلدان (1/ 94)؛ موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة على الرابط:
http://ar.m.wikipedia.org/wiki
فقتل النضر بن الحارث، ثم أنشد بعد ذلك ما قيل في القتلى، فقال: وقالت قتيلة بنت الحارث (1) أخت النضر بن الحارث:
…
قال ابن هشام: فيقال - والله أعلم - إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه هذا الشعر قال: «لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه» (2). هذا آخر كلام ابن هشام (3)
…
والمصنف رحمه الله لم يذكر الشعر، وذكر أن الذي أنشدته هي بنت النضر، وكذلك ذكر الإمام (4)، والآمدي (5)، وأتباعهما (6).
(1) هي: قتيلة بنت النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبدالدار بن قصي القرشية، قال ابن حجر:"ولم أر التصريح بإسلامها؛ لكن إن كانت عاشت إلى الفتح فهي من جملة الصحابيات، ورأيت في آخر كتاب "البيان" للجاحظ أن اسمها: ليلى، وذكر أنها جذبت رداء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يطوف وأنشدته الأبيات المذكورة". وجاء في الأعلام: "أدركت الجاهلية والإسلام، وأسلمت بعد مقتل أبيها "، (ت: في خلافة عمر في حوالي سنة 20 هـ).
تُنظر ترجمتها في: الاستيعاب (4/ 1904)؛ الإصابة (8/ 80)؛ الأعلام (5/ 190). ويُنظر: البيان والتبيان (ص: 579).
قلت: والذي جاء في المراجع السابقة أنها بنت النضر وليست أخته، وهذا هو الراجح، وهو الذي صوبه السُّهيلي شارح سيرة ابن هشام. يُنظر: الروض الأنف (5/ 268).
(2)
يُنظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/ 309)؛ السنن الصغير، ب: ما يفعل بالرجال البالغين من أهل الحرب بعد الأسر وقبله، (3/ 384/ح: 2827).
(3)
يُنظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/ 308 - 309).
(4)
يُنظر: المحصول (6/ 144).
(5)
يُنظر: الإحكام للآمدي (4/ 255).
(6)
يُنظر: مختصر ابن الحاجب (2/ 1240)؛ الحاصل (3/ 324)؛ التحصيل (2/ 326).
وقد عرفت مما تقدم من كلام ابن هشام أنها أخته؛ لا ابنته.
وصرحوا أيضًا بأنها أنشدته للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو خلاف مقتضى كلام ابن هشام" (1).
(1) نهاية السول (2/ 958 - 960). ويُنظر كذلك الإبهاج (6/ 2689 - 2690).