الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• المثال الثالث:
قال ابن السبكي في مسألة (دلالة فعل النبي صلى الله عليه وسلم): "وحكى بعضهم قولاً: أنَّه يجب علينا أن نفعل مثل ما فعله حكاية على الإطلاق، وهذا زلل"(1).
•
رابعًا: التعبير بـ (ضعيف وباطل وفاسد):
• التعبير بـ (الضعيف):
• المثال الأول:
قال السرخسي في مسألة (دلالة صيغة الأمر المطلقة): "والذين قالوا بالندب ذهبوا إلى أن الأمر لطلب المأمور به من المخاطب، وذلك يرجح جانب الإقدام عليه ضرورة، وهذا الترجيح قد يكون بالإلزام، وقد يكون بالندب، فيثبت أقل الأمرين _لأنه المتيقن به_ حتى يقوم الدليل على الزيادة.
وهذا ضعيف؛ فإن الأمر لما كان لطلب المأمور به اقتضى مطلقه الكامل من الطلب؛ إذ لا قصور في الصيغة، ولا في ولاية المتكلم؛ فإنه مفترض الطاعة بملك الإلزام" (2).
• المثال الثاني:
قال الهندي في مسألة (بناء العام على الخاص): "ثم استدل الأصحاب على بناء العام على الخاص عند الجهل بالتاريخ في وجوه التعارض كلها؛ سواء كان بين المتساويين، أو بين المختلفين في القوة والضعف بوجوه"(3).
وذكر من هذه الوجوه الوجه الثالث، واستدرك عليه فقال: "وثالثها: أن
(1) يُنظر: رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب (2/ 105).
(2)
يُنظر: أصول السرخسي (1/ 16).
(3)
يُنظر: نهاية الوصول (4/ 1660).
العموم يخص بالقياس مطلقًا، فكذا خبر الواحد؛ بل أولى؛ لأنه أرجح من القياس، وهو ضعيف؛ لأنهم إن أرادوا بذلك حالة الجهل بالتاريخ وغيرها فممنوع؛ وهذا لأنه إنما يجوز تخصيص العام عندنا لو علم أن أصل ذلك القياس متأخر عن العام، أما إذا علم تقدمه عليه أو جهل التقدم والتأخر فلا" (1).
• المثال الثالث:
قال الإسنوي في مسألة (الاجتهاد في عصره صلى الله عليه وسلم للحاضرين والغائبين عنه): "استدل المانعون بأن الاجتهاد عُرضة للخطأ بلا شك، والنص آمن منه، وسلوك السبيل المخوف مع القدرة على سلوك الآمن قبيح عقلاً.
والجواب: لا نُسلم أن الاجتهاد تعرض للخطأ بعد إذن الشارع فيه؛ فإنه لما قال للمكلف: أنت مأمور بالاجتهاد، وبالعمل به؛ صار آمنًا من الخطأ؛ لأنه حينئذ يكون آتيًا بما أُمِرَ به.
هكذا أجاب الإمام (2) وأتباعه (3)، فتبعهم المصنف (4)، وهو ضعيف؛ لأن الإذن في الاجتهاد لا يمنع من وقوع الخطأ فيه -كما ستعرفه (5) -؛ بل إنما يمنع من التأثيم" (6).
(1) يُنظر: المرجع السابق (4/ 1664 - 1665).
(2)
يُنظر: المحصول (6/ 18).
(3)
يُنظر: الحاصل (3/ 269)؛ التحصيل (2/ 284).
(4)
يُنظر: منهاج الوصول - مطبوع مع نهاية السول- (2/ 1031).
(5)
إشارة إلى ما سيذكره في الفصل الثاني في حكم الاجتهاد (2/ 1039).
(6)
يُنظر: نهاية السول (2/ 1033).
• التعبير بـ (باطل):
• المثال الأول:
قال أبو الحسين البصري: "باب في الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضده، دال على قبحه أم لا؟
ذهب قوم إلى أن الأمر بالشيء نهي عن ضده، وخالفهم آخرون على ذلك، وإليه ذهب قاضي القضاة (1) وأصحابنا، والخلاف في ذلك إما في الاسم، وإما في المعنى.
فالخلاف في الاسم: أن يسموا الأمر نهيًا على الحقيقة، وهذا باطل؛ لأن أهل اللغة فصلوا بين الأمر والنهي في الاسم، وسموا هذا أمرًا، وسموا هذا نهيًا، ولم يستعملوا اسم النهي في الأمر، فإن استعملوه فيه فقليل نادر" (2).
• المثال الثاني:
قال الطوفي في مسألة (تأخير البيان عن وقت الخطاب): "قوله (3): (قالوا: الخطاب) إلى آخره، هذا حجة المانعين من تأخير البيان عن وقت الخطاب.
وتقريره: أن الخطاب بالمجمل بدون بيانه خطاب بما لا يفهم، والخطاب بما لا يفهم عبث، وتجهيل للسامع في الحال؛ إذ لا يعلم ما المراد بالخطاب، وفائدة الخطاب إنما هو إفادة المراد به، فإذا لم يفد فائدته وجب أن يكون عبثًا ممتنعًا، وصار ذلك كمخاطبة العربي بالعجمية، ومخاطبة العجمي بالعربية، وكما لو قال: أبجد هوز، وقال: أردت به إيجاب الصلاة عليكم. أو قال: في خمس من الإبل شاة، وقال: أردت بالإبل البقر، فهذا كله وأشباهه غير جائز؛ لعدم فائدته؛ فكذلك الخطاب بالمجمل.
(1) المراد به: القاضي عبدالجبار الهمداني المعتزلي، وسبقت ترجمته (ص: 241).
(2)
يُنظر: المعتمد (1/ 97).
(3)
أي الطوفي في مختصر الروضة - البلبل في أصول الفقه - (2/ 690).
قوله: (قلنا: باطل) أي: ما ذكرتموه من أن الخطاب بما لا يفهم عبث فلا يجوز، باطل بمتشابه القرآن؛ كالحروف المقطعة وغيرها على ما سبق بيانه؛ فإنه لا تفهم حقيقته، وليس الخطاب به تجهيلاً للسامع، ولا عبثًا من المتكلم، فكما جاز الخطاب بالمتشابه بدون فهم حقيقته ولم يكن عبثًا؛ كذلك يجوز الخطاب بالمجمل وإن أخر بيان حقيقته، ولا يكون عبثًا" (1).
• المثال الثالث:
ذكر الإسنوي في مسألة (حجية القياس) اعتراضًا للخصم على استدلال الجمهور بقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا} [الحشر: 2] فقال: "الاعتراض الثالث: سلمنا أن الآية تدل على الأمر بالقياس؛ لكن لا يجوز التمسك بها؛ لأن التمسك بالعموم واشتقاق الكلمة -كما تقدم- إنما يفيد الظن، والشارع إنما أجاز الظن في المسائل العملية؛ وهي الفروع؛ بخلاف الأصول؛ لفرط الاهتمام بها.
وأجاب المصنف (2): بأنا لا نُسَلِّم أنها علمية؛ لأن المقصود من كون القياس حُجَّة إنما هو العمل به؛ لا مجرد اعتقاده؛ كأصول الدين، والعمليات يكتفى فيها بالظن؛ فكذلك ما كان وسيلة إليها. هذا هو الصواب في تقريره.
وقد صرح به في الحاصل (3)، وهو رأي أبي الحسين (4)، وإن كان الأكثرون -كما نقله الإمام الآمدي (5) - قالوا: إنه قطعي.
(1) يُنظر: مختصر الطوفي (2/ 693 - 694).
(2)
أي البيضاوي. يُنظر: منهاج الوصول - مطبوع مع نهاية السول - (2/ 798).
(3)
(3/ 107 - 108).
(4)
يُنظر: المعتمد (2/ 215).
(5)
واعلم أن الآمدي وإن ذكر أن الأكثرين قالوا: إنه قطعي؛ إلا أنه اختار قول أبي الحسين البصري، وعبارته: "
…
فقال الكل: إنه قطعي، سوى أبي الحسين فإنه قال: إنه ظني، وهو المختار
…
". يُنظر: الإحكام للآمدي (4/ 31).
وأما قول بعض الشارحين: إنه يكتفى فيها بالظن مع كونها علمية؛ لكونها وسيلة؛ فباطل قطعًا؛ لأن المعلوم يستحيل إثباته بطريق مظنونة" (1).
• التعبير بـ (فاسد):
• المثال الأول:
قال ابن العربي في (مسلك الطرد (2)): "وقد زعم بعض الناس أنه دليل على صحة العلة، وهو قول فاسد لثلاثة أوجه:
أحدها: كما يطرد دليل الصحة على زعمه؛ فكذلك يطرد دليل الفساد؛ ومثاله: إن المالكي لو قال: الخل مائع لا ينبني عليه؛ فلا يجوز إزالة النجاسة به كاللبن؛ لقال معارضه: إن الخل مائع مزيل العين، فجاز إزالة النجاسة به كالماء.
الثاني: أن الصحابة - وهم القدوة - لم يعولوا عليه.
الثالث: أنه ليس بينه وبين الحكم ارتباط، فكيف يدل عليه" (3).
• المثال الثاني:
قال الزركشي: "مسألة: حكَى سُليْمٌ الرَّازيُّ (4) عن بعض أصحابنا أنَّ
(1) يُنظر: نهاية السول (2/ 802 - 803).
(2)
الطرد: هو وجود الحكم لوجود العلة، وهو التلازم في الثبوت. يُنظر: الحدود (ص: 74)؛ القاموس المبين في اصطلاحات الأصوليين (ص: 199).
(3)
يُنظر: المحصول لابن العربي (ص: 127).
(4)
هو: أبو الفتح، سُلَيْم بن أيوب بن سُلَيْم الرازي الشافعي، الفقيه المفسر المحدث الأديب، لازم الشيخ
…
أبا حامد الإسفرائيني، ولما توفي الشيخ درس مكانه، كان حريصًا على نشر العلم وإفادة الناس، لا يفوت من وقته شيء بلا فائدة، وكان ورعًا زاهدًا، من مصنفاته:"الإشارة " و" رؤوس المسائل " في الخلاف، و " ضياء القلوب" في التفسير، (ت: 447 هـ) بعد رجوعه من الحج غرقًا في بحر القُلْزُم -الأحمر حاليًا - عند ساحل جدة، وعمره ثمانون سنة.
تُنظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (17/ 645)؛ طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (4/ 388)؛ طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 225).
العموم إذا خصَّ لم يجُزْ أنْ يُسْتنْبَطَ منه معنًى يُقاسُ عليه غيرهُ؛ لأَنَّهُ إذا خُصَّ صارَ الحكم ثابتًا بقرينة، فإذا اُسْتُنْبطَ المعنى منه لم يَصِحَّ اجتماع المعنى مع تلك القرينة؛ فإن المعنى يقتضي العموم، والقرينة تقتضي الخُصُوصَ؛ فلا يَصِحُّ اجتماعهما.
قال: وهذا قولٌ فاسدٌ؛ لأنَّ اللَّفظَ إذا خُصَّ خرج منه ما ليس بمرادٍ، فبقي الباقِي ثابتًا باللَّفظ، فيصيرُ كأنَّ الحكم للباقِي ورد ابتداءً، فجاز استنباط المعنى منه" (1).
• المثال الثالث:
قال الإسنوي في (مسلك المناسبة): "وقال المصنف: المناسب: هو ما يجلب للإنسان نفعًا، أو يدفع عنه ضررًا.
فجعل المقاصد أنفسها أوصافًا مناسبة على خلاف اختيار الإمام (2)،
وهو فاسد، ألا ترى أن مشروعية القصاص مثلاً جالبة أو دافعة -كما بيناه- وليست هي الوصف المناسب؛ لأن الوصف المناسب من أقسام العلل، فيكون هو القتل في مثالنا؛ لا المشروعية؛ لأنها معلولة؛ لا علة، وكذلك الردة وغيرها مما قلناه" (3).
(1) يُنظر: البحر المحيط (4/ 71).
(2)
ذكر الرازي للمناسب تعرفين، الأول:"الذي يُفضي إلى ما يوافق الإنسان تحصيلاً وإبقاء". وقال: "يُعبر عن التحصيل: بجلب المنفعة، وعن الإبقاء: بدفع المضرة؛ لأن ما قصد إبقاؤه، فإزالته مضرة، وإبقاؤه دفع المضرة".
والثاني: "الملائم لأفعال العقلاء في العادات". وقال: "التعريف الأول قول من يُعلل أحكام الله تعالى بالحكم والمصالح. والتعريف الثاني قول من يأباه". يُنظر: المحصول (5/ 157 - 159).
(3)
نهاية السول (2/ 853).