الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
المطلب السابع
استدراك التنقيح، وتطبيقاته
التنقيح في اللغة: من نقح، وأصل الكلمة (النون والقاف والحاء) يرجع إلى معنى واحد؛ وهو: تنحية الشيء عن شيء (1).
نقح الشيء نقحًا: خلَّص جيده من رديئه، ونقح الكلام أو الكتاب: هذبه، وأصلحه، وأزال عيوبه (2).
وفي الاصطلاح: اختصار اللفظ مع وضوح المعنى، من نقح العظم: إذا استخرج مخه.
وتنقيح الشعر وإنقاحه: تهذيبه (3).
ويحسُن الوقوف على الكتب الأصولية التي حملت هذا الاسم؛ وهي:
1 -
تنقيح محصول ابن الخطيب في أصول الفقه، لأمين الدين مظفر بن أبي الخير التبريزي.
2 -
تنقيح الفصول في علم الأصول، لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي.
3 -
التنقيح في أصول الفقه، لصدر الشريعة عُبيد الله بن مسعود المحبوبي.
قال التبريزي: "فهذا كتاب تنقيح محصول ابن الخطيب في الأصول حذفت
(1) يُنظر: مقاييس اللغة (5/ 467) مادة: (نقح).
(2)
يُنظر: لسان العرب (14/ 333)؛ المعجم الوسيط (ص: 944) مادة: (نقح).
(3)
الكليات (ص: 313).
زوائده، ورصعت (1) فوائده، فتقرر معانيه، وتحرر مبانيه، وما صادفت في مطاويه من قول لا أرتضيه؛ قررت الحق فيه على ما يقتضيه، من غير تزييف لمقاله (2)، إلا إذا خفت وبالاً من إهماله فهو على التحقيق وإن سمي تنقيحًا تضمن تهذيبًا (3) وتوشيحًا (4) " (5).
وقال القرافي في مقدمة كتابه تنقيح الفصول: "وسميته بتنقيح الفصول في علم الأصول".
فقال الشوشاني في شرحه للتنقيح: "نبه المؤلف هاهنا على اسم كتابه هذا، وسماه في الشرح: تنقيح الأصول في اختصار المحصول، فله إذاً اسمان.
وقوله: (تنقيح الفصول) تنقيح الشيء: إصلاحه، وتصفيته، وإزالة ما لا يصلح عما يصلح، فالاسم مطابق للمسمى" (6).
وقال المحبوبي في تنقيحه (7): "
…
لما رأيت فحول العلماء مكبين في كل عهد وزمان على مُباحثةِ أصول الفقه للشيخ الإمام مقتدى الأئمة العظام فخر الإسلام
(1) سبق بيان المراد بالترصيع في (ص: 305).
(2)
سبق بيان المراد بالتزييف في (ص: 306).
(3)
هذب الشيء: نقاه وأخلصه وأصلحه، وتهذيب الكتاب: تنقيته وإصلاح ما فيه من الأخطاء. يُنظر: لسان العرب (15/ 44 - 45)؛ القاموس المحيط (ص: 144)، مادة:(هذب).
(4)
التوشيح: تفعيل من الوشاح، والوشاح: عقد من اللؤلؤ وجوهر منظومان يخالف بينهما. يُنظر: لسان العرب (15/ 216)؛ القاموس المحيط (ص: 246) مادة: (وشح).
فكأنما التبريزي قد أضاف للمحصول بعض الإضافات والتعليقات فزين بها. يُنظر: تحقيق تنقيح المحصول للخطيب التبريزي، هامش (4) من (1/ 2).
(5)
تنقيح المحصول للتبريزي (1/ 1 - 2).
(6)
رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (1/ 93 - 94).
(7)
(1/ 25 - 27).
علي البزدوي - بوأه الله تعالى دار السلام-، وهو كتاب جليل الشأن، باهر البرهان، مركوز كنوز معانيه في صخور عبارته، ومرموز غوامض نكته في دقائق إشارته، ووجدت بعضهم طاعنين على ظواهر ألفاظه؛ لقصور نظرهم عن مواقع ألحاظه؛ أردت تنقيحه وتنظيمه، وحاولت تبيين مُرادِهِ وتَفْهيمَهُ، وعلى قواعد المعقول تأسيسه وتقسيمه، مُوردًا فيه زبدة مباحث المحصول، وأصول الإمام المدقق جمال العرب ابن الحاجب مع تحقيقات بديعة، وتدقيقات غامضة منيعة، تخلو الكتب عنها، سالكًا فيه مسلك الضغط والإيجاز، مثبتًا بأهداب السحر، متمسكًا بعروة الإعجاز، وسميته بتنقيح الأصول، والله تعالى مسؤول أن يمتع به مؤلفه، وكاتبه، وقارئه، وطالبه، ويجعله خالصًا لوجهه الكريم؛ إنه البر الرحيم".
قال التفتازاني في شرحه: "التنقيح: التهذيب، تقول: نقحت الجذع وشذبتُه: إذا قطعت ما تفرق من أغصانه ولم يكن في لبه. وتنظيم الدرر في السلك: جمعها كما ينبغي مرتبة متناسقة.
والكلام لا يخلو عن تعريض ما بان في أصول فخر الإسلام زوائد يجب حذفها، وشتائت يجب نظمها، ومغالق يجب حلها، وأنه ليس بمبني على قواعد المعقول؛ بأن يراعى فيه التعريفات والحجج شرائطها المذكورة في علم الميزان، وفي التقسيمات عدم تداخل الأقسام، إلى غير ذلك مما لم يلتفت إليه المشايخ. قوله:(موردًا فيه) أي في ذلك المنقح الموصوف، يعني كتابه" (1).
وعليه يمكن استخلاص صفات التنقيح في النقاط التالية:
1 -
إيجاز العبارة.
2 -
إيضاح العبارة.
3 -
إصلاح ما يتعين إصلاحه.
(1) التلويح إلى كشف حقائق التنقيح (1/ 25).