الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
ثانيًا: الاستدراك بقادح (المنع):
المراد بقادح المنع: تكذيب دعوى المستدل، وهو على أربعة أنواع (1):
الأول: منع حكم الأصل. الثاني: منع وجود العلة في الأصل. الثالث: منع كون الوصف علة. الرابع: منع وجود العلة في الفرع.
مثاله: إذا قال المستدل: النبيذُ مُسكرٌ؛ فيحرم قياسًا على الخمر.
فيقول المعترض: لا أُسَلِّمُ تحريم الخمر، إما جهلاً بالحُكم، أو عنادًا؛ فهذا منع حكم الأصل.
ولو قال: لا أُسَلِّمُ وجود الإسكار في الخمر؛ فهذا منع وجود العلة في الأصل.
ولو قال: لا أُسَلِّمُ أن الإسكارَ عِلَّةَ التحريم؛ كان هذا منع علية الوصف.
ولو قال: لا أُسَلِّمُ وجود الإسكار في النبيذ؛ كان هذا منع وجود العلة في الفرع. (2)
وجه كونه قادحًا: أن فيه إبطال ركن من أركان القياس، وإبطال الركن يعني سقوط القياس.
• المثال الأول:
ذكر الصفي الهندي في مسألة (رواية مجهول الحال (3)) من أدلة الحنفية القائلين بقبول خبر مجهول الحال (4): "وسادسها: أن الكافر إذا أسلم وروى عقيب إسلامه من
(1) يُنظر: الواضح في أصول الفقه (2/ 218 - 228)؛ مختصر ابن الحاجب (2/ 1142، 1139)؛ المغني في أصول الفقه للخبازي (ص: 316 - 317)؛ إرشاد الفحول (2/ 228).
(2)
يُنظر: شرح مختصر الروضة (3/ 481 - 482).
(3)
مجهول الحال: هو من روى عنه اثنان فأكثر ولم يوثق، ويسمى (مستورًا). يُنظر: نزهة النظر في شرح نخبة الفكر (ص: 116)؛ تيسير مصطلح الحديث (ص: 121).
(4)
ونقل عن بعض الحنفية: إن رده جميع الفقهاء لم يقبل، وإن اختلفوا فيه جاز قبوله؛ لظاهر عدالة المسلم ولم يجب. وصرح بعضهم: أن رواية مجهول الحال مقبولة إذا كان في صدر الإسلام؛ حيث الغالب على الناس العدالة، أما بعد ذلك فلا تقبل؛ ولا بد م التزكية لغلبة الفسق. يُنظر: أصول السرخسي (1/ 370)؛ المغني في أصول الفقه (ص: 202)؛ فواتح الرحموت (2/ 146 - 150).
غير مهلة فإنه يقبل، فكذا ما نحن فيه؛ بل أولى؛ لأن طول مدته في الإسلام يوجب رسوخ أصول الإسلام وفروعه في قلبه، فيكون احتمال الكذب أبعد".
واستدرك على هذا الدليل بقادح المنع فقال: "وجوابه: منع الحكم؛ وهذا لأنه يحتمل يكون كذوبًا قبله، فهو باق في طبعه بعد الإسلام، فلا يقبل إلا بعد الخبرة والبحث عن حاله"(1).
• المثال الثاني:
قال أبو الثناء الأصفهاني في مسألة (القضاء بالأمر الأول أو أمر جديد): "احتج القائلون بأن الأمر الأول يقتضي وجوب القضاء بثلاثة وجوه:
…
الثاني: الزمان المقدر للمأمور به الذي هو حق الله تعالى؛ كأجل الدين الذي هو حق الآدمي، فلا يسقط المأمور به بفوات الأجل.
ورد بمنع أن الزمان المقدر للمأمور به كأجل الدين؛ وذلك لأن مخرج المأمور به عن وقته يأثم، ومخرج الدين عن الأجل لا يأثم.
وأيضًا: يجوز أداء الدين قبل الأجل، ولا يصح تقديم المأمور به على وقته المقدر" (2).
• المثال الثاني:
ذكر الصفي الهندي في مسألة (تخصيص الكتاب بخبر الواحد) من بين أدلة القائلين بعدم جواز التخصيص به: "القياس على النسخ؛ فإنه لا يجوز نسخ الكتاب
(1) نهاية الوصول (7/ 2892).
(2)
يُنظر: بيان المختصر (2/ 76 - 77)، ويُنظر هذا الدليل ومنعه في: شرح العضد الإيجي (2/ 549)؛ الردود والنقود للبابرتي (2/ 79 - 80).