الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
ثامنًا: صيغة (لا ينبغي):
• المثال الأول:
قال الغزالي في مسألة (العموم هل له صيغة في اللغة أم لا؟ ): "تنبيه: لا ينبغي أن يقول الواقفية: (الوقف في ألفاظ العموم واجب، أو الوقف فيما مخرجه مخرج العموم واجب) -فقد أطلق ذلك الشيخ أبو الحسن الأشعري وجماعة-؛ لأن المتوقف لا يسلم أنه لفظ العموم؛ كما لا يسلم أنه لفظ الخصوص؛ إلا أن يعني به أنه لفظ العموم عند معتقدي العموم؛ بل ينبغي أن يقول: التوقف في صيغ الجموع وأدوات الشرط واجب"(1).
• المثال الثاني:
جاء في مختصر الروضة (2): "وينقسم اللفظ إلى لا أعمَّ منه، كالمعلوم، أو الشيء، ويُسمَّى: العام المطلق، وقيل: ليس بموجود،
…
".
فقال الطوفي في شرحه: "فأما قوله: (وقيل: ليس بموجود) فإشارة إلى العام المطلق، قيل: هو موجودٌ -كما سبق-، وقيل: ليس بموجود، وليس لنا عام مطلق.
هذا ذكره الغزالي باعتبار، وتابعه الشيخ أبو محمد (3) فجعله قولاً ثانيًا، ولنحكِ كلام الغزالي لِيَبِين ما ذكرناه، قال (4): (واعلم أن اللفظ إما خاص في ذاته مطلقًا؛ نحو: زيد، وهذا الرجل. وإما عام مطلق؛ كالمذكور والمعلوم؛ إذ لا يخرج منه موجود ولا معدوم. وإما عام بالإضافة؛ كلفظ المؤمنين؛ فإنه عام بالإضافة إلى آحاد المؤمنين، خاص بالإضافة إلى جملتهم؛ إذ يتناولهم دون المشركين؛ فكأنه يسمى عامًّا من
(1) يُنظر: المستصفى (3/ 224).
(2)
(2/ 448).
(3)
أي ابن قدامة المقدسي. يُنظر: روضة الناظر (2/ 8 - 9).
(4)
أي: الغزالي، ونقل الطوفي كلامه بنصه. يُنظر: المستصفى (3/ 213).
حيث شموله للآحاد، خاصًّا من حيث اقتصاره على ما شمله، وقصوره عما لم يشمله. ومن هذا الوجه يمكن أن يقال: ليس في الألفاظ عام مطلق؛ لأن لفظ (المعلوم) لا يتناول المجهول، والمذكور لا يتناول المسكوت عنه).
قلت: فحاصل قوله (1): أن كل لفظ فهو بالنظر إلى شموله أفراد ما تحته عام، وبالنظر إلى اقتصاره على مدلوله خاص، وبهذا التفسير لا يبقى لنا عام مطلق؛ لكن هذا غير تفسيرنا العام المطلق بما لا أعم منه؛ لأن من الألفاظ ما يكون عامًّا لا أعم منه مع أنه مقصور الدلالة على ما تحته؛ فيكون حينئذ عامًّا مطلقًا؛ لا عامًّا مطلقًا باعتبارين، كما ذكر من التفسيرين؛ لكن مثل هذا لا ينبغي أن يحكى قولاً مطلقًا كما فعل الشيخ أبو محمد (2)؛ لئلا يوهم أن في وجود العام المطلق بتفسير واحد قولين، وليس كذلك؛ بل نذكر ذلك بتفسيرين كما فعل الغزالي - رحمهما الله تعالى -" (3).
• المثال الثالث:
قال الزركشي في آخر مسألة (دخول المجتهد المبتدع في الإجماع): "واعلم أنَّهُ كَثُرَ في عبارة المصنفين - خصوصًا في علم الكلام - أن يقولوا عن الرّافضة ونحوهم: خلافًا لمن لا يُعتَدُّ بخلافه، وهذا لا ينبغي ذِكرُهُ؛ لأنَّهُ كالتناقض من حيث ذكره، وقال: لا يُعتَدُّ بهِ إلا أن يكون قصدهم التَّشنيع عليهم بخلاف الإجماع"(4).
(1) أي: حاصل قول الغزالي.
(2)
وعبارة ابن قدامة: "ثم العام ينقسم إلى: عام لا أعم منه يسمى: عامًّا مطلقًا؛ كالمعلوم يتناول الموجود والمعدوم، وقيل: الشيء. وقيل: ليس لنا عام مطلق؛ لأن الشيء لا يتناول المعدوم، والمعلوم لا يتناول المجهول". روضة الناظر (2/ 8 - 9).
فتلحظ أن ابن قدامة ذكر قولين في تفسير العام باعتبار أنه لا أعم منه، وهذا ليس بصحيح؛ فإن العام بهذا الاعتبار ليس فيه إلا قول واحد، وأما القول الثاني الذي ذكره ابن قدامة - وقيل: ليس لنا عام مطلق- فهذا بالاعتبار الثاني، وهو العام الإضافي.
(3)
يُنظر: شرح مختصر الروضة (2/ 462 - 463).
(4)
يُنظر: البحر المحيط (4/ 469).