الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
المطلب الأول: الاستدراك الأصولي
على ترجمة المسألة الأصولية، وتطبيقاته
ومن أمثلة ذلك:
• المثال الأول:
استدرك الأستاذ أبو إسحاق التعبير بتأخير البيان إلى وقت الحاجة، ونقل ذلك عنه ابن السبكي فقال:"قال الأستاذ في كتابه: هذه العبارة مُزَيَّفة - يعني: تأخير البيان إلى وقت الحاجة - قال: وهي لائقة بمذهب المعتزلة دون مذهبنا؛ لأن عندهم المؤمنين بحاجة إلى التكليف نحو: العبادات؛ لينالوا بها الدرجات الرفيعة ويستحقوها على طريق المعاوضة. وعندنا: الباري تعالى يُنْزِلُ المؤمنين الجنة فضلاً، ويُدْخِلُ الكافرين النار عدلاً، فالعبارة الصحيحة على مذهبنا أن نقول: تأخير البيان عن وقت وجوب الفعل بالخطاب، وإلى وقت وجوب الفعل"(1).
• المثال الثاني:
ترجم بعض علماء الأصول لمسألة (الأمر المطلق هل يقتضي الفور أم لا؟ ) بـ (الأمر المطلق هل يقتضي الفور أو التراخي؟ )، واستدرك عدد من علماء الأصول
(1) الإبهاج (5/ 1605). وراعى ذلك ابن السبكي في جمع الجوامع فقال: (تأخير البيان عن وقت الفعل غير واقع وإن جاز). وعلق المَحَلِّي على ذلك فقال: (وقوله: " الفعل " أحسن -كما قال- من قول غيره: "الحاجة"). واستدرك عليه البناني بقوله: (رُدَّ بأنه لا يلزم من التعبير بالحاجة القول بمذهب المعتزلة المذكور؛ فإنه لا يتوقف على الحاجة إلى التكليف؛ بل على حاجة المكلف إلى بيان ما كُلِّف به). يُنظر: المحلى على جمع الجوامع مع حاشية البناني (2/ 61). وقد ذكر الزركشي كلام الأستاذ وقال: " وهي مشاحة لفظية، وقد عُرف أن المَعْنِيَّ بالحاجة -كما قال إمام الحرمين-: توجيه الطلب ". يُنظر: البحر المحيط (3/ 493)؛ ويُنظر: البرهان (1/ 166).
هذه الترجمة (1)، فقال الشيرازي:"وربما غلط بعض أصحابنا في العبارة عن هذه المسألة فقال: الأمر يقتضي الفور والتراخي، وهذه العبارة ليست صحيحة؛ لأن أحدًا لم يقل: إن الأمر يقتضي التراخي، وإنما يقولون: هل يقتضي الفور أم لا؟ ". (2)
وقال الجويني: "ومما يتعين التنبيه له أمر يتعلق بتهذيب العبارة؛ فإن المسألة مترجمة بأن الصيغة على الفور أم على التراخي. فأما من قال: إنها على الفور؛ فهذا اللفظ لا بأس به، ومن قال: إنها على التراخي؛ فلفظه مدخول؛ فإن مقتضاه: أن الصيغة المطلقة تقتضي التراخي؛ حتى لو فرض الامتثال على البدار لم يُعتدّ به، وليس هذا معتقد أحدٍ. فالوجه أن يعبر عن المذهب الأخير المعزو إلى الشافعي والقاضي (3) - رحمهما الله - بأن يقال: الصيغة تقتضي الامتثال، ولا يتعين لها وقت"(4).
• المثال الثالث:
قال إمام الحرمين: "اضطرب الناس في تخصيص عموم الكتاب بالقياس
…
". (5)
فاستدرك عليه الأبياري فقال: "لكن في ترجمة المسألة إطلاق لابد من تفسيره، وتبيين محل الخلاف فيه؛ فإن بعض أنواع القياس يجب تقديمه على العموم بلا شك، وهو إذا كان الأصل الذي يستند إليه الحكم الفرع مقطوعًا به، وكانت نسبة الفرع إلى الأصل نسبة العلم؛ كالقياس الذي يسمى في معنى الأصل، والمنصوص على علته، مع
(1) يُنظر: القواطع (1/ 130)؛ إيضاح المحصول (ص: 211)؛ نهاية السول (1/ 426 - 427)؛ الإبهاج (4/ 1127 - 1128).
(2)
شرح اللمع (1/ 235).
(3)
يُنظر مذهب القاضي الباقلاني في: مختصر التقريب والإرشاد (2/ 208).
(4)
البرهان (1/ 233).
(5)
البرهان (1/ 428).
مصادفتهما في الفروع من غير فارق قطعًا، فهذا النوع من القياس لا يتصور الخلاف في أنه مقدم، فيجب إخراج هذه الصورة عن ترجمة المسألة" (1). (2)
• المثال الرابع:
قال ابن رشيق: "اختلفوا في أن ما لا يتم الواجب إلا به هل يوصف بالوجوب؟ وهذه الترجمة خطأ؛ فإن ما لا يتم الواجب إلا به لا بد أن يوصف بالوجوب.
وإنما موضع الخلاف: أن ما توقف بحكم العادة فعل الواجب على فعله وليس داخلاً في اسم الواجب هل يوصف بالوجوب أم لا؟ كغسل جزء من الرأس في استيفاء غسل الوجه، وإمساك جزء من الليل في استيفاء صوم النهار" (3).
• المثال الخامس:
قال الرازي في المحصول (4): "المسألة الثانية: في أن الأمر بالشيء نهي عن ضده".
فاستدرك عليه القرافي بقوله: "قلنا: أحسن من هذه العبارة: الأمر بالشيء نهي عن جميع أضداده، فإذا قال له: اجلس في البيت؛ فقد نهاه عن الجلوس في السوق، والحمام، والطريق، والبحر، وغير ذلك من المواضع التي يضاد الجلوس فيها الجلوس في البيت
…
" (5).
(1) التحقيق والبيان (2/ 214 - 215).
(2)
ونقل هذا الاستدراك: الإسنوي والزركشي والفتوحي، يُنظر على الترتيب المذكور: نهاية السول (1/ 529)؛ البحر المحيط (3/ 375)؛ شرح الكوكب المنير (3/ 378).
(3)
لباب المحصول (1/ 221 - 222).
(4)
(2/ 199).
(5)
نفائس الأصول (4/ 1489 - 1490).
• المثال السادس:
قال الرازي في المحصول (1): "المسألة الثامنة: قال ابنُ سُرَيْج (2): لا يجوز التمسك بالعام مالم يُستفصَ في طلب المخصص، فإذا لم يوجد ذلك المخصص؛ فحينئذ يجوز التمسك به في إثبات الحكم".
فاستدرك عليه القرافي بقوله: "قلت: انظر هذه المباحث والتلخيصات لما في المحصول، وصدَّر المسألة في المحصول بالتمسك بالعام، والمسألة إنما هي في الاعتقاد قبل ورود وقت العمل، وأين أحدهما من الآخر؟ والجماعة يحكمون الإجماع في أنه لا يجوز العمل بأول خاطر ولا دليل حتى يفحص عن مخصصاته ومعارضاته، واشترط القاضي القطع (3)، وبعضهم نحو ما سمعته مسطورًا هاهنا، فهذا يُظهر لك الحق في مسألتنا"(4).
• المثال السابع:
قال الإسنوي في مسألة (إذا نسخ الوجوب بقي الجواز): "وهذه المسألة قد أشار إليها الآمدي (5) وابن الحاجب (6) بقولهما: (المباح ليس بجنس الواجب)؛
(1)(3/ 21).
(2)
هو: أبو العباس، أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، الشهير بـ (الباز الأشهب)، إمام الشافعية في عصره، وناشر مذهبه في الآفاق، بلغت مصنفاته (400) مصنف؛ منها:"الرد على داود في إبطال القياس"، (ت: 306 هـ).
تُنظر ترجمته في: طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (3/ 21 - 39)؛ البداية والنهاية (11/ 138)؛ طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/ 59 - 60).
(3)
أي القطع بانتفاء المخصص. يُنظر: مختصر التقريب والإرشاد (3/ 112).
(4)
نفائس الأصول (5/ 1967).
(5)
الإحكام للآمدي (1/ 168).
(6)
مختصر ابن الحاجب (1/ 332).
ولكن هذه الترجمة غير محل النزاع" (1).
• بيان الاستدراك:
استدرك الإسنوي على الآمدي وابن الحاجب ترجمة مسألة (إذا نسخ الوجوب بقي الجواز) بالمباح ليس بجنس الواجب، فهذه الترجمة التي ذكرها ليست في محل النزاع.
• المثال الثامن:
في مسألة (دلالة صيغة الأمر بعد الحظر) قال الزركشي في تنبيهاته: "قال المازري: ترجمة المسألة بـ (الأمر الوارد بعد الحظر للإباحة) غير سديد؛ لأنه كالمتناقض؛ إذ المباح غير مأمور به، وهذه العبارة تقتضي كونه مأمورًا به، والصواب أن يقال:(افعل) إذا ورد بعد الحظر. (2)
وقال عبدالجليل الربعي (3) في شرح اللمع (4): هذه العبارة رغب عنها القاضي (5) وقال: الأولى فيها أن يقال: (افعل) بعد الحظر؛ لأن (افعل) أمر تارة وغير أمر، والمباح لا يكون مأمورًا به؛ وإنما هو مأذون فيه" (6).
(1) نهاية السول (1/ 119).
(2)
هذه المسألة ساقطة من إيضاح المحصول المطبوع.
(3)
هو: أبو القاسم، عبدالجليل الربعي القروي، المعروف: بالدبياجي وابن الصابوني، من علماء المغرب، صحب الباقلاني مدة، وكان عالماً بالأصول مدرسًا لها، درس بقلعة حماد وفاس، من مصنفاته:"المستوعب في أصول الفقه"، و"نكت الانتصار" اختصره من كتاب الانتصار لأبي بكر بن الطيب، (ت: 595 هـ).
تُنظر ترجمته في: تاريخ الإسلام (31/ 348)؛ التكملة لكتاب الصلة (3/ 133).
(4)
لم أقف على شرحه للمع، ولا على معرف به.
(5)
المراد به: القاضي الباقلاني. يُنظر: مختصر التقريب والإرشاد (2/ 93).
(6)
البحر المحيط (2/ 382).
• المثال التاسع:
قال القرافي: "الأخذ بالأخف
…
" (1).
فاستدرك عليه حلولو: "ترجم المصنف المسألة بـ (الأخذ بالأخف (2)) وفسرها بـ (أقل ما قيل (3)) وهما مسألتان (4) "(5).
(1) يُنظر: تنقيح الفصول (ص: 452).
(2)
من أمثلتها: من نذر هديًا هل تجزئه الشاة أو لا بدّ من البدنة؟ . يُنظر: التوضيح في شرح التنقيح لحلولو (ص: 974).
(3)
من أمثلتها: الاختلاف في دية الكتابي هل هي كدية المسلم، أو على النصف، أو على الثلث؟ فالأخذ بالثلث هو أقل ما قيل. يُنظر: المرجع السابق (ص: 973).
(4)
والفرق بينهما: أن الأخذ بأقل ما قيل يشترط فيه الاتفاق على الأقل، بخلاف الأخذ بالأخف. يُنظر: البحر المحيط (6/ 31).
(5)
التوضيح شرح تنقيح لحلولو (ص: 973).