الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصغار والكبار (1) وإن كان ليس فيه ألف ولام. انتهى.
وهذا إن لم يكن معرفًا بالألف واللام فهو معرف بالإضافة، ومسألة الخلاف في المنكر" (2).
السبب الثالث: وجود أدلة أخرى يبنى عليها الفرع الفقهي
، وله أمثلة:
• المثال الأول:
قال ابن برهان في مسألة: (الأمر المطلق هل يقتضي الفور أم لا؟ ): "اختلف القائلون بأن الأمر يقتضي فعل مرة في أن الأمر هل يقتضي الفور أم لا؟ فذهب أصحاب الشافعي رضي الله عنه إلى أن الأمر يقتضي الفور (3).
ومذهب أصحاب أبي حنيفة (4) رحمهم الله وأحمد (5) أنه على التراخي.
(1) يُنظر: العدة (2/ 523 - 524).
(2)
القواعد والفوائد الأصولية (ص: 196).
(3)
للشافعية في هذه المسألة عدة أقوال:
1 -
منهم من قال: الأمر المطلق يقتضي الفعل على الفور، ونسب الشيرازي والسمعاني هذا القول لأبي حامد المرزوي، وأبي بكر الصيرفي، وأبي بكر الدقاق؛ إلا أن الشيرازي لم يذكر الدقاق.
2 -
ومنهم من قال: لا يقتضي الفور، ونسب الشيرازي هذا القول لأبي حامد الإسفرائيني وأبي الطيب الطبري، وذكر ذلك السمعاني وأضاف للقائلين بعدم الفور: أبا علي بن خيران، وأبا علي بن أبي هريرة، وأبا بكر القفال، وصحح السمعاني هذا القول.
3 -
ومنهم من قال: لا يقتضي الفور ولا التراخي، فالصيغة تقتضي مجرد الطلب، وهو اختيار الرازي والآمدي. يُنظر: شرح اللمع (1/ 234 - 235)؛ القواطع (1/ 127 - 130)؛ المحصول (2/ 113)؛ الإحكام للآمدي (2/ 203).
(4)
وهذا مذهب جمهور الحنفية، ولم ينسبوا القول بالفور إلا إلى الكرخي. يُنظر: أصول السرخسي (1/ 26)؛ مناهج العقول (2/ 44)؛ مسلم الثبوت وشرحه فواتح الرحموت (1/ 387).
(5)
ظاهر المذهب عند الحنابلة: أن الأمر يقتضي الفور، وفي رواية الأثرم عن الإمام أحمد: أنه لا يقتضي الفور. يُنظر: العدة (1/ 281)؛ التمهيد لأبي الخطاب (1/ 215 - 216)؛ شرح مختصر الروضة (2/ 386 - 388)؛ القواعد والفوائد الأصولية (ص: 149).
ولم ينقل عن الشافعي ولا عن أبي حنيفة رضي الله عنهما نص في ذلك؛ ولكن فروعهم تدل على ذلك، وهذا خطأ في نقل المذاهب؛ فإن الفروع تبنى على الأصول ولا تبنى الأصول على الفروع، فلعل صاحب المقالة لم يَبْنِ فروع مسائله على هذا الأصل؛ ولكن بناها على أدلة خاصة، وهو أصل يعتمد عليه في كثير من المسائل" (1).
• المثال الثاني:
وخرج القاضي أبو يعلى أصلاً للإمام أحمد في إباحة الأعيان المنتفع بها قبل الشرع أخذًا من إيماء أحمد في رواية أبي طالب (2) وقد سأله عن قطع النخل، فقال: لا بأس به، لم نسمع في قطع النخل شيئًا. قيل له: فالنَّبْق (3)؟ قال: ليس فيه حديث صحيح، وما يعجبني قطعه. قلت له: إذا لم يكن فيه حديث صحيح؛ فلِمَ لا يعجبك؟ قال: لأنه على كل حال قد جاء فيه كراهة، والنخل لم يجئ فيه شيء. فقد استدام أحمد رحمه الله الإباحة في قطع النخل؛ لأنه لم يرد شرع بحظره" (4).
فتعقب ابن تيمية هذا التخريج من هذه الرواية فقال: "لا شك أنه (5) أفتى بعدم البأس؛ لكن يجوز أن يكون للعمومات الشرعية، ويجوز أن يكون سكوت الشرع
(1) الوصول إلى الأصول (1/ 148 - 150).
(2)
هو: أبو طالب، أحمد بن حميد المشكاني، من أصحاب الإمام أحمد الذين رووا عنه مسائل كثيرة، وكان الإمام يكرمه، وكان رجلاً زاهدًا، مات قريبًا من موت الإمام أحمد.
تُنظر ترجمته في: طبقات الحنابلة (1/ 39).
(3)
النبق: حمل السدر. يُنظر: الصحاح (ص: 1017)؛ القاموس المحيط (ص: 925) مادة: (نبق). وفي التمهيد لأبي الخطاب: (قيل: فالسدر؟ قال: ليس فيه حديث صحيح). (4/ 269).
(4)
العدة (4/ 1241)، ونقل عنه هذا التخريج أبو الخطاب والبعلي والفتوحي. يُنظر على الترتيب المذكور: التمهيد لأبي الخطاب (4/ 269)؛ القواعد والفوائد الأصولية (ص: 92)؛ شرح الكوكب المنير (1/ 326).
(5)
أي: الإمام أحمد.
عفوًا، ويجوز أن يكون استصحابًا لعدم التحريم، ويجوز أن يكون لأن الأصل إباحة عقلية، مع أن هذا (1) من الأفعال؛ لا من الأعيان" (2).
قوله: (مع أن هذا من الأفعال لا من الأعيان) أي ما جاء في رواية أبي طالب عن الإمام أحمد من إباحة القطع هو من الإباحة المتعلقة بالأفعال؛ وليست من الإباحة المتعلقة بالأعيان. هذه العبارة تدخل في السبب الثاني: الوهم في فهم كلام الإمام.
(1) أي ما جاء في رواية أبي طالب عن الإمام أحمد من إباحة القطع هو من الإباحة المتعلقة بالأفعال؛ وليست من الإباحة المتعلقة بالأعيان.
(2)
المسودة (ص: 318).