الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤنث، كـ (سعائد) جمع سعيدة اسم امرأة" (1).
•
الاستدراك بعلم (النحو):
ذكر الإسنوي اعتراض الخصم على استدلال الجمهور بقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] على أن صيغة (افعل) حقيقة في الوجوب، مستخدمًا في ذلك مادة النحو فقال: "
…
لا نُسَلِّم أن الآية تدل على أنه تعالى أمر المخالفين بالحذر؛ بل على أنه تعالى أمر بالحذر عن المخالفين؛ فيكون فاعل قوله: {فَلْيَحْذَرِ} ضميرًا، و {الَّذِينَ يُخَالِفُونَ} مفعولاً به.
وذكر الإسنوي جواب هذا الاستدراك بمادة النحو أيضًا، ثم تتابعت الاستدراكات من الفريقين بهذه المادة، فقال: "وجوابه من وجهين:
أحدهما - ولم يذكره في المحصول-: أن الإضمار على خلاف الأصل.
الثاني: أنه لا بد للضمير من اسم ظاهر يرجع إليه، وهو هنا مفقود.
فإن قيل: يعود على {الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ} [النور: 63].
قلنا: {الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ} هم المخالفون؛ لأن المنافقين كان يثقل عليهم المقام في المسجد، واستماع الخطبة، فكانوا يلوذون بمن يستأذن للخروج، فإذا أذن له انسلوا معه، فنزلت هذه الآية (2).
وقيل: نزلت في المتسللين عن حفر الخندق.
وإذا كان كذلك فلو أَمَرَ المتسللين بالحذر عن الذين يخالفون؛ لكانوا قد أُمروا بالحذر عن أنفسهم.
(1) يُنظر: شرح الكافية الشافية (4/ 1867).
(2)
يُنظر: زاد المسير (6/ 68 - 69)؛ تفسير ابن كثير (3/ 308)؛ فتح القدير للشوكاني (4/ 58). والتسلل: الخروج في خفية، يقال: تسلل فلان من بين أصحابه: إذا خرج من بينهم. واللواذ: من الملاوذة؛ وهو: أن تستتر بشيء مخافة من يراك، وأصله: أن يلوذ هذا بذاك، وذاك بهذا، واللوذ: ما يطيف بالجبل، وقيل: اللواذ: الزوغان من شيء إلى شيء في خفية. يُنظر: المراجع السابقة.
سلمنا هذا؛ لكن يلزم منه أن يصير التقدير: (فليحذر يتسللون منكم لواذًا الذين يخالفون)، وحينئذ فيكون لفظ (الحذر) قد استوفى فاعله ومفعوله، وليس هو مما يتعدى إلى مفعولين، فيصير قوله تعالى:{أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} ضائعًا ليس له تعلُّق بما قبله ولا بما بعده (1).
فإن قيل: يكون مفعولا لأجله، فإن الحذر لأجل إصابة ذلك.
قلنا: أجاب بعضهم بأنه لو كان كذلك لوجب الإتيان باللام؛ لأنه غير مُتَّحِد به في الفاعل؛ لأن الحذر هو فعل المتسللين، والإصابة فعل الفتنة، أو فعل الله تعالى.
وهذا الجواب مردود؛ فإن القاعدة النحوية: أنه لا يجب الإتيان بالجار إذا كان المجرور (أنَّ) أو (أنْ)؛ نحو: عجبت من أنك قائم، وعجبت من أن تقوم، فيجوز حذف (من) في الموضعين؛ بل الجواب: أنه لو كان مفعولاً لأجله لكان مجامعًا للحذر؛ لأن الفعل يجب أن يجامع علته (2)، واجتماعها مستحيل (3)
…
" (4).
(1) الصواب في إعراب الآية: أن قوله: {الَّذِينَ يُخَالِفُونَ} فاعل، وقوله:{أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} مفعول به؛ لأن أن وما دخلت عليه في تأويل مصدرٍ تقديره: إصابتهم. يُنظر: إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات (2/ 160)؛ التبيان في إعراب القرآن (2/ 979).
وعلى كلام الخصم: الفاعل ضمير، وقوله:{الَّذِينَ يُخَالِفُونَ} مفعول، والفعل {فَلْيَحْذَرِ} لا يتعدى إلى مفعولين حتى يكون قوله:{أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} مفعولاً ثانيًا، وحينئذ يصير قوله:{أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} ضائعًا لا تَعلُّقَ له بما قبله ولا بما بعده.
(2)
المفعول لأجله هو علة الفعل.
(3)
قال ابن مالك في المفعول له: وهو بما يعملُ فيه متحدْ
…
وقتًا وفعلاً وإن شرطٌ فُقِدْ
فالقاعدة: أنه لا بد أن يكون زمان الفعل والمفعول له واحدًا؛ فتقول: ضربت ابني تأديبًا، فالضرب والتأديب في وقت واحد. يُنظر: شرح ابن عقيل (2/ 185 - 186).
وفي الآية يستحيل اجتماع الفعل مع المفعول لأجله؛ إذ زمان الفعل هو: الحذر، وزمان المفعول لأجله: هي الفتنة أو العذاب الأليم، فيستحيل اجتماع الحذر مع الفتنة أو العذاب الأليم؛ لما بينهما من التنافي.
(4)
يُنظر: نهاية السول (1/ 405 - 406).