الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد اختلف في عددها؛ فمنهم من أوصلها إلى خمسة وعشرين قادحًا (1)، ومنهم من عدها اثني عشر قادحًا (2)، والبعض جعلها عشرة (3)، والبعض جعلها ستة (4)، ومنهم من جعلها خمسة (5)، ومنهم من أرجعها إلى قادحين: المنع، والمعارضة، وجعل الباقي راجعة إليهما (6)؛ بل ذكر البعض أن المعارضة راجعة إلى المنع (7).
ونذكر من هذه القوادح - ما يسر الله لي الوقوف عليه - في موضوع الاستدراك فيما يلي:
•
أولاً: الاستدراك بقادح (فساد الاعتبار):
المراد بقادح فساد الاعتبار: مخالفة القياس للنص أو الإجماع (8).
مثاله: أن يقول المستدل في حِلِّ ذبيحة المسلم تارك التسمية عمدًا: ذَبْحٌ صدر من أهله، وارد على محله؛ فَيُحِلُّ الذبيحة، قياسًا على المسلم تارك التسمية سهوًا.
فيقول المعترض: قياسك فاسد الاعتبار؛ لأنه معارض للنص؛ وهو قوله تعالى:
(1) يُنظر: الإحكام للآمدي (4/ 85)؛ المنتهى للآمدي (ص: 228)؛ مختصر ابن الحاجب (2/ 1134)؛ أصول ابن مفلح (3/ 1352).
(2)
يُنظر: روضة الناظر (2/ 301).
(3)
يُنظر: التمهيد لأبي الخطاب (4/ 99).
(4)
يُنظر: منهاج الوصول (2/ 879).
(5)
يُنظر: المحصول (5/ 235).
(6)
يُنظر: مختصر ابن الحاجب (2/ 1134).
(7)
يُنظر: شرح روضة الناظر (3/ 565 - 566)؛ جمع الجوامع (2/ 331)؛ التحبير شرح التحرير (7/ 3544).
(8)
يُنظر: المنخول (ص: 415)؛ المختصر في أصول الفقه (ص: 152)؛ شرح مختصر الروضة (3/ 467)؛ التقرير والتحبير (3/ 335).
{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121]. (1)
وجه كونه قادحًا: أن اعتبار القياس مع النص أو الإجماع اعتبار له مع دليل أقوى منه، وهو اعتبار فاسد؛ لأنه وضع له في غير موضعه.
• المثال الأول:
قال الآمدي في مسألة (ما يفيده خبر الواحد): "أما أنه لا يفيد العلم بمجرده فقد احتج القائلون بذلك بحجج واهية لا بد من التنبيه عليها، والإشارة بعد ذلك إلى ما هو المعتمد في ذلك.
الحجة الأولى من الحجج الواهية: قولهم: لو كان خبر الواحد مفيدًا للعلم؛ لأفاد كل خبر واحد؛ كما أن خبر التواتر لما كان موجبًا كان كل خبر متواتر كذلك.
ولقائل أن يقول: هذا قياس تمثيلي وهو غير مفيد للعلم
…
الحجة الثالثة: أنه لو كان خبر الواحد يوجب العلم؛ لما روعي فيه شرط الإسلام والعدالة كما في خبر التواتر. وحاصل هذه الحجة أيضًا يرجع إلى التمثيل وهو غير مفيد لليقين
…
" (2).
ثم ذكر استدراك الخصم القائل بإفادة خبر الواحد للعلم مستخدمًا قادح فساد الاعتبار فقال: "فإن قيل: ما ذكرتموه معارض بالنص، والمعقول، والأثر.
أما النص: فقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36]، نهى عن اتباع غير العلم، وقد أجمعنا على جواز اتباع خبر الواحد في أحكام الشرع (3)،
(1) يُنظر: رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب (4/ 420).
(2)
يُنظر: الإحكام للآمدي (2/ 44 - 45).
(3)
مذهب أهل الحق من أهل السنة والجماعة: وجوب العمل بخبر العدل في العمليات، ومنعه الروافض وابن داود والقاشاني، وأبو علي الجبائي قال: لا يجوز العمل إلا بخبر اثنين فصاعدًا. يُنظر: المعتمد (2/ 98)؛ العدة (3/ 859)؛ إحكام الفصول (1/ 340)؛ الإحكام (2/ 65)؛ تيسير التحرير (3/ 82).
ولزوم العلم به، فلو لم يكن خبر الواحد مفيدًا للعلم؛ لكان الإجماع منعقدًا على مخالفة النص، وهو ممتنع.
وأيضًا فإن الله تعالى قد ذم على اتباع الظن بقوله تعالى: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [الأنعام: 116]، وقوله تعالى:{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: 36]، فلو لم يكن خبر الواحد مفيدًا للعلم بل للظن؛ لكنا مذمومين على اتباعه، وهو خلاف الإجماع .... " (1).
• المثال الثاني:
قال الآمدي في مسألة (حكم التعبد بخبر الواحد عقلاً): "مذهب الأكثرين: جواز التعبد بخبر الواحد العدل عقلاً، خلافا للجبائي وجماعة من المتكلمين.
ودليل جوازه عقلاً: أنا لو فرضنا ورود الشارع بالتعبد بالعمل بخبر الواحد إذا غلب على الظن صدقه؛ لم يلزم عنه لذاته محال في العقل، ولا معنى للجائز العقلي سوى ذلك، وغاية ما يقدر في اتباعه احتمال كونه كاذبًا أو مخطئًا، وذلك لا يمنع من التعبد به؛ بدليل اتفاقنا على التعبد بالعمل بقول المفتي والعمل بقول الشاهدين مع احتمال الكذب والخطأ على المفتي والشاهد فيما أخبرا به
…
".
ثم ذكر استدراكًا من الخصم مستخدمًا قادح فساد الاعتبار فقال: "ثم وإن سلمنا دلالة ما ذكرتموه على جواز التعبد بخبر الواحد إلا أنه معارض بما يدل على نقيضه، وبيانه من جهة المنقول والمعقول:
أما المنقول: فقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36]، وقوله تعالى:{وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]، وقوله تعالى:{إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: 36]،
…
" (2).
(1) يُنظر: الإحكام للآمدي (2/ 47 - 48).
(2)
يُنظر: المرجع السابق (2/ 59 - 60).