الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• المثال الثاني:
ما نقله عدد من علماء الشافعية في تخريج مذهب الإمام الشافعي بعدم الاحتجاج بالقراءة الشاذة؛ لعدم إيجابه التتابع في صيام كفارة اليمين، فاستدرك عليهم الإسنوي هذا التخريج بنصين للشافعي في مختصر البويطي، ونصوص أخرى في كتب فقهية تدل على أنها حجة. (1)
السبب الثاني: الوهم في فهم كلام الإمام:
الأصول المخرجة تعتمد على فهم المخرِّج للمنقول عن الإمام، ومعرفة وجه الدلالة منه، فهو في ذلك مجتهد، والخطأ على المجتهد وارد، وخطأ المجتهد ينتج عنه خطأ في التخريج.
وأقرر خطأ التخريج بهذا السبب في الأمثلة التالية:
• المثال الأول:
ما خرجه القاضي أبو يعلى أصلاً للإمام أحمد في حظر الأعيان المنتفع بها قبل الشرع أخذًا من إيماء أحمد في رواية صالح (2) ويوسف بن موسى (3):
(لا يخمَّس
(1) يُنظر: البرهان (1/ 666)؛ الإحكام للآمدي (1/ 216)؛ مختصر ابن الحاجب (1/ 381)؛ التمهيد للإسنوي (ص: 118 - 119).
(2)
هو: أبو الفضل، صالح بن أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني، أكبر أولاد الإمام أحمد، سمع من أبيه مسائل كثيرة، كان سخيًا، ولي قضاء أصبهان، ومات بها في شهر رمضان (ت: 266 هـ).
تُنظر ترجمته في: طبقات الحنابلة (1/ 173 - 176).
(3)
يوجد شخصان بهذا الاسم في طبقات الحنابلة، وكلاهما من أصحاب أحمد، وممن نقلوا عنه بعض المسائل الفقهية والحديثية:
فالأول: يوسف بن موسى العطار الحربي، ولم يذكر له تاريخ وفاة. وأما الثاني: فهو أبو يعقوب، يوسف بن موسى بن راشد القطان الكوفي، (ت: 253 هـ). يُنظر: طبقات الحنابلة (1/ 420 - 421).
السَّلَب، ما سمعنا أن النبي خمَّس السَّلَب) (1).
وهذا يدل على أنه لم يبح تخميس السَّلَب؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم شرع فيه، فبقي على الحظر.
وكذلك نقل الأثرم (2) وابن بَدينا (3) في الحُلِّي يوجد لقطة، قال:(إنما جاء الحديث في الدراهم والدنانير). فاستدام أحمد رحمه الله التحريم، ومنع الملك على الأصل؛ لأنه لم يرد شرع في غير الدراهم" (4).
فتعقبه شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا التخريج، فقال عن تخريجه للأصل بناء على رواية صالح ويوسف بن موسى:"السلب قد استحقه القاتل بالشرع، فلا يخرج بعضه عن ملكه إلا بدليل، وهذا ليس من موارد النزاع"(5).
وأما التخريج على رواية الأثرم فتعقبه بقوله: "لأن اللقطة لها مالك، فنقلها إلى
(1) عن عوف بن مالك وخالد بن الوليد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «قضى بأن السَّلَب للقاتل، ولم يخمس السَّلَب» . أخرجه ابن حبان في صحيحه، ب: فروض الجهاد، ذكر البيان بأن السلب لا يخمس (11/ 178/ح: 4844)؛ أبو داود في سننه، ك: الجهاد، ب: في السلب لا يخمس، (3/ 72/ح: 2721)؛ والإمام أحمد في مسنده (6/ 26/ح: 24034).
هذا والسلب هو: ما يُسلَب، يُقال: أخذ سَلَب القتيل: ما معه من ثياب وسلاح ودابة. يُنظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 387)؛ المعجم الوسيط (ص: 441).
(2)
هو: أبو بكر، أحمد بن محمد بن هانئ الطائي، الإسكافي، البغدادي، الحافظ العلامة، كان إمامًا جليل القدر، كثير الرواية عن الإمام أحمد، من مصنفاته:" كتاب العلل"، (ت: 260 هـ) على الأغلب.
تُنظر ترجمته في: طبقات الحنابلة (1/ 66)؛ تذكرة الحفاظ (2/ 570)؛ شذرات الذهب (2/ 141).
(3)
هو: أبو جعفر، محمد بن الحسن بن هارون بن بدينا، الموصلي، من أصحاب الإمام أحمد، روى عنه أبو بكر الخلال وغلامه عبدالعزيز، (ت: 303 هـ). تُنظر ترجمته في: طبقات الحنابلة (1/ 288).
(4)
العدة (4/ 1238 - 1240)، ونقل هذا التخريج البعلي في القواعد والفوائد الأصولية (ص: 93).
(5)
المسودة (ص: 317).
الملتقط يحتاج إلى دليل، وليس هذا من جنس الأعيان في شيء" (1).
• بيان الاستدراك:
استدرك شيخ الإسلام ابن تيمية تخريج القاضي أبي يعلى أصلاً للإمام أحمد مفاده: الحظر في الأعيان المنتفع بها قبل الشرع، وذلك من إيماء رواية صالح ويوسف ابن موسى والأثرم، وملخص استدراك شيخ الإسلام: أن ما ذكر في الرواية ليس في محل النزاع.
• المثال الثاني:
ما نقله ابن اللحام (2)
في مسألة (ألفاظ الجموع المنكرة) عن استدلال القاضي أبي يعلى: "ووقع للقاضي في هذه المسألة وهم؛ وهو أنه لما ذكر المسألة قال: وقد أشار أحمد (3) إلى أنها للعموم في رواية صالح. وقد سأله عن لبس الحرير للصغار، فقال: إنما هو للإناث، يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحرير والذهب «هَذانِ حَرامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لِإِنَاثِهَا» (4). قال القاضي: فقد حمل قوله صلى الله عليه وسلم: «ذكور أمتي» على العموم في
(1) المسودة (ص: 318).
(2)
هو: أبو الحسن، علي بن محمد بن علي بن عباس بن شيبان البعلي، علاء الدين، من علماء الحنابلة المعروفين، من مصنفاته:"اختيارات الشيخ تقي الدين ابن تيمية"، و" تجريد العناية"، و" القواعد والفوائد الأصولية"، (ت: 803 هـ).
تُنظر ترجمته في: شذرات الذهب (7/ 31)؛ الضوء اللامع (5/ 320)؛ معجم المؤلفين (7/ 206).
(3)
أي: الإمام أحمد بن حنبل.
(4)
الحديث برواية عبدالله بن زرير الغافقي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وهذا اللفظ في سنن ابن ماجه، ك: اللباس، ب: لُبس الحرير والذهب للنساء (2/ 1189 - 1190/ ح: 3595، 3597). وأخرجه أبو داود والنسائي وأحمد بدون زيادة (حل على إناثهم)، يُنظر: سنن أبي داود، ك: اللباس، ب: في الحرير للنساء (4/ 50/ح: 4057)؛ سنن النسائي ك: الزينة، تحريم الذهب على الرجال، (8/ 160/ح: 5144 - 5147)؛ مسند الإمام أحمد (1/ 96/ح: 750). والحديث له شواهد بروايات أخرى عن الصحابة. يُنظر: نصب الراية (4/ 222)؛ الدراية في تخريج أحاديث الهداية (2/ 219).