الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا كالسيد يقول لغلامه: اسقني؛ فإنه لا يدخل السيد في هذا الأمر، وإن كان يجوز أن يدخل في أمر غيره" (1).
•
عاشرًا: الاستدراك بقادح (الفَرْق):
المراد بقادح الفَرق: إبداء معنى مناسب للحكم يوجد في الأصل ويعدم في الفرع، أو يوجد في الفرع ويعدم في الأصل. (2)
مثاله: قول المستدل الحنفي على عدم اشتراط الطهارة في الوضوء: الوضوء طهارة بالماء فلا يفتقر إلى نية؛ كإزالة النجاسة، فيجيبه المعترض: الوضوء طهارة حكمية، وإزالة النجاسة طهارة عينية، فافترق حكمهما. (3)
ووجه كونه قادحًا: أن به يتضح عدم التسوية بين الأصل والفرع في الحكم، وهذا يعني انتفاء القياس؛ إذ القياس هو التسوية.
• المثال الأول:
قال الشيرازي في مسألة (الأمر المعلق على الشرط يقتضي التكرار أو المرة؟ ): "إذا علق الأمر بشرط وقلنا: إن مطلق الأمر لا يقتضي التكرار ففي المعلق بشرط وجهان:
أصحهما: لا يقتضي التكرار.
ومن أصحابنا من قال: يقتضيه ....
(1) القواطع (1/ 222).
(2)
يُنظر: المنخول (ص: 417)؛ تقريب الوصول (ص: 383)؛ كشف الأسرار للبخاري (4/ 80)؛ شرح الكوكب المنير (4/ 320).
(3)
يُنظر: تقريب الوصول (ص: 383).
واحتج القائل الآخر (1): بأن تعلق الحكم بالشرط كتعلقه بالعلة إذ كل واحد منهما سبب فيه، فإذا كان تكرار العلة يوجب تكرار الحكم فكذلك تكرار الشرط.
قيل: لا نسلم هذا؛ بل بينهما فرق ظاهر؛ وهو أن العلة دلالة تقتضي الحكم فتكرر الحكم بتكررها، والشرط ليس بدلالة على الحكم، ألا ترى أنه لا يقتضيه؛ وإنما هو مصحح له، فدل على الفرق بينهما" (2).
وقال في مسألة (إنكار الأصل رواية الفرع): "إذا نسي المروي عنه الحديث والراوي عنه ثقة؛ لم يسقط الحديث ....
وقال أصحاب أبي حنيفة: يسقط الحديث.
واحتجوا: بأن الخبر كالشهادة، ثم إنكار شهود الأصل الشهادة يبطل الشهادة؛ فكذلك إنكار المروي عنه الخبر يجب أن يبطل الخبر.
والجواب: هو أن باب الشهادة آكد من باب الخبر، ألا ترى أن شهادة العبيد لا تقبل وأخبارهم تقبل، فدل على الفرق بينهما" (3).
• المثال الثاني:
ذكر ابن قدامة في مسألة (الأمر المطلق هل يقتضي التكرار أو المرة؟ ) من بين أدلة القائلين بأنه يقتضي التكرار، قولهم:"لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده، وموجب النهي: ترك المنهي أبدًا، فليكن موجب الأمر: فعل الصوم أبدًا؛ فإن قوله: (صم) معناه: لا تفطر، وقوله: (لا تفطر) يقتضي التكرار أبدًا"(4).
(1) أي: القائل بأن الأمر المعلق على الشرط يقتضي التكرار.
(2)
يُنظر: التبصرة (ص: 27 - 28).
(3)
يُنظر: المرجع السابق (ص: 206 - 207).
(4)
يُنظر: روضة الناظر (1/ 564).
فاستدرك ابن قدامة على هذا الدليل بقادح الفرق فقال: "والفرق بين الأمر والنهي: أن الأمر يقتضي وجود المأمور مطلقًا، والنهي يقتضي ألا يوجد مطلقًا، والنفي المطلق يعم، والوجود المطلق لا يعم، فكل ما وجد مرة فقط وجد مطلقًا، وما انتفى مرة فما انتفى مطلقًا.
ولذلك افترقا في اليمين، والنذر، والتوكيل، والخبر.
ولأن الأمر يقتضي الإثبات، والنهي يقتضي النفي، والنفي في النكرة يعم، والإثبات المطلق لا يعم.
وتحقيقه: أنه لو قال: لا تفعل مرة واحدة؛ اقتضى العموم. ولو قال: افعل مرة واحدة؛ اقتضى التخصيص بلا خلاف" (1).
• بيان الاستدراك:
لما استدل القائلون بأن الأمر المطلق يقتضي التكرار، بقياسهم الأمر المطلق على النهي المطلق، بجامع الاشتراك في الاقتضاء والطلب، ولأن الأمر في الحقيقة نهي عن ضده.
وبيانه: إذ الأمر بالشيء نهي ضده، فقوله:(صم) معناه: (لا تفطر)، والأمر كالنهي من حيث الاقتضاء والطلب، والنهي أفاد وجوب ترك الشيء، والأمر أفاد وجوب فعله.
والنهي يقتضي وجوب الترك أبدًا؛ فكذلك الأمر يجب أن يقتضي فعل الشيء أبدًا؛ إذ لا فرق بين الأمر والنهي.
فاستدرك على استدلالهم هذا بقادح الفرق، فقيل لهم: لا نسلم قياسكم الأمر على النهي؛ لأنه قياس فاسد؛ لوجود الفارق بين الأمر والنهي، وهذه الفروق هي:
(1) يُنظر: المرجع السابق (1/ 568).
1 -
أن الأمر المطلق يقتضي وجود المأمور به مطلقًا؛ كالصلوات والزكاة والحج ونحو ذلك من المأمورات الشرعية. أما النهي فإنه يقتضي ألا يوجد المنهي عنه مطلقًا؛ كالزنا والسرقة وشرب الخمر ونحو ذلك من المنهيات الشرعية.
1 -
أن الوجود المطلق -وهو مقتضى الأمر- لا يعم، في حين أن النفي المطلق -وهو مقتضى النهي- فإنه يعم، فكل ما وجد مرة فقط وجد مطلقًا، وما انتفى مرة فما انتفى مطلقًا.
فلو قال في اليمين: والله لأصومن؛ برَّ بصيام يوم واحد، ولو قال: والله لا أصوم؛ حنث بفعل مرة واحدة.
ولو قال في النذر: لله علي أن أصوم؛ كان وافيًا بنذره بصيام يوم واحد، في حين لو قال: لله علي ألا أصوم؛ حنث بصوم يوم واحد.
ولو قال في التوكيل لوكيله: طلق زوجتي فلانة؛ كان ممتثلاً إذا طلق مرة واحدة، ولو قال له: لا تطلق زوجتي؛ كان مخالفًا لو طلق مرة واحدة.
ولو قال في الخبر عن نفسه: سوف أصوم؛ صدق وعده بصوم يوم واحد، أما لو قال: ما صمت؛ كان كاذبًا لو صام يومًا واحدًا.
2 -
أن الأمر يقتضي إثبات المأمور به - بأن يفعل -، والنهي يقتضي نفي المنهي عنه - بألا يفعل-، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، في حين أن النكرة في سياق الإثبات لا تعم.
3 -
أن النهي لو قيده بالمرة فقال: لا تفعل كذا مرة؛ اقتضى دوامه، ولو قال: افعله مرة؛ لم يقتض دوامه.
فهذه الفروق بين الأمر والنهي جعلت قياسكم الأمر على النهي - في أن كلاًّ منهما يقتضي التكرار- فاسدًا. (1)
(1) يُنظر: إتحاف ذوي البصائر (4/ 1612 - 1613).
• تنبيهان:
الأول: قوادح القياس كثيرة، وقد اختلف في عددها -كما أشرتُ في مقدمة المبحث-، منها ما يرجع إلى حجية القياس؛ كقول المعترض الظاهري: هذا قياس لا يلزمني، أو يقول المعترض: قياسك هذا في اللغة، والقياس في اللغة باطل.
وأذكر للاستدراك بهذين الأصلين الأمثلة التالية:
• المثال الأول:
ذكر ابن حزم في فصل: (أقسام الأخبار عن الله تعالى) في القسم الثاني من الأخبار ما نقله الواحد عن الواحد؛ حيث ذهب إلى أن هذا القسم إذا اتصل برواية العدول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب العمل به، ووجب العلم بصحته أيضًا، فذكر أدلته في ذلك وأسئلة الخصم؛ ومنها: "وقال بعضهم: أنتم لا تقبلون الواحد في فلس؛ فكيف تقبلونه في إثبات الشرائع؟
قال أبو محمد: هذا السؤال لا يلزمنا؛ لأننا لا نقيس شريعة على شريعة، ولا نتعدى ما جاءت به النصوص وثبت في القرآن والسنن، فصح البرهان -كما ذكرنا- بقبول خبر الواحد في العبادات والشرائع .... " (1).
• المثال الثاني:
قال الغزالي في (كتاب الأوامر، فصل: أقسام الكلام): "الأمر: قول جازم يقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به، ويندرج تحته الندب. وقيل: قول يتضمن إيجاب المأمور به، ويخرج منه الندب.
واستدل القاضي على صحة الحد الأول وكون الندب أمرًا بكونه طاعة،
(1) الإحكام لابن حزم (1/ 109).
ولم يقع طاعة لكونه مرادًا؛ إذ المعصية مرادة فوقع طاعة؛ لكونه مأمورًا به (1) " (2).
فاستدرك عليه الغزلي بقوله: "وهذا تحكم على اللغة؛ إذ يقال له: وقع طاعة لكونه مطلوبًا؛ فإن سمي كل مطلوب أمرًا قياسًا على الواجب؛ فلا قياس في اللغة، ولم ينقل متواترًا، ونقل الآحاد لا يوجب العلم"(3).
• بيان الاستدراك:
يرى القاضي الباقلاني أن صيغة (افعل) مشتركة بين الندب والإيجاب، ولا تحمل على أحدهما إلا بقرينة (4)؛ لذلك عرف الأمر بأنه: قول جازم يقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به. فيندرج تحت هذا التعريف الندب.
واستدل القاضي على كون الندب أمرًا بكونه طاعة، ولم يقع الندب طاعة لكونه مرادًا، إذ المعصية مرادة أيضًا ولم تقع طاعة، فدل ذلك على وقوع الندب طاعة لكونه مأمورًا به.
فاستدرك الغزلي على القاضي بأن هذا تحكم على اللغة؛ إذ يقال له: وقع الندب طاعة لكونه مطلوبًا، فهل تسمي كل مطلوب أمرًا قياسًا على الواجب؟ فإن كان جواب القاضي: نعم؛ فهذا قياس في اللغة، والقياس في اللغة لا يصح، وإن كان جواب القاضي بلا؛ فإنه لا يسمي كل مطلوب أمرًا قياسًا على الواجب؛ وإنما نقل عن أهل اللغة، فهذا النقل إما أن يكون متواترًا أو آحادًا، ولم ينقل عنهم متواترًا، وإن نقل عن بعضهم تسمية المطلوب أمرًا فهو نقل آحاد، ونقل الآحاد لا يوجب العلم.
(1) يُنظر قول القاضي في مختصر التقريب (2/ 5 - 7).
(2)
المنخول (ص: 102 - 103).
(3)
المرجع السابق (ص: 103).
(4)
يُنظر: مختصر التقريب والإرشاد (2/ 27).
• المثال الثالث:
ذكر السيف الآمدي في مسألة (اشتراط اتصال الاستثناء بالمستثنى) من بين أدلة القائلين بصحة الاستثناء المنفصل: "الثالث: أن الاستثناء بيان وتخصيص للكلام الأول؛ فجاز تأخيره؛ كالنسخ والأدلة المنفصلة المخصصة للعموم"(1).
ثم ذكر استدراكه على هذا الدليل فقال: "والجواب:
…
وعن الوجه الثالث: أنه قياس في اللغة؛ فلا يصح لما سبق (2) " (3).
التنبيه الثاني: أن الاختلاف في القوادح اختلاف تنوع، فلا يمتنع اجتماع بعضها على دليل الخصم.
• المثال الأول:
قال القاضي أبو يعلى في مسألة: (نسخ القرآن بالسنة شرعًا): "لا يجوز نسخ القرآن بالسنة شرعًا، ولم يوجد ذلك
…
وبهذا قال الشافعي (4)، وقال أبو حنيفة: يجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة (5)، وحكي ذلك عن مالك (6) والمتكلمين من المعتزلة (7) والأشعرية، واختلف أهل الظاهر في ذلك (8) " (9).
(1) يُنظر: الإحكام للآمدي (2/ 355).
(2)
أي في مسألة القياس في اللغة، تُنظر في الإحكام (1/ 80).
(3)
يُنظر: المرجع السابق (2/ 356).
(4)
يُنظر: الرسالة (ص: 181).
(5)
يُنظر: التوضيح (2/ 79 - 82)؛ فواتح الرحموت (2/ 78).
(6)
يُنظر: إحكام الفصول (1/ 423)؛ رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (4/ 513).
(7)
يُنظر: المعتمد (1/ 393).
(8)
لم يشر ابن حزم إلى وقوع اختلاف بينهم في هذه المسألة؛ بل قال: إن السنة تنسخ القرآن؛ سواء كانت منقولة بالتواتر أو الآحاد. يُنظر: الإحكام لابن حزم (4/ 505).
(9)
يُنظر: العدة في أصول الفقه (2/ 288 - 789).
ثم ذكر من أدلة الخصم القائل بجواز النسخ: "واحتج بأن النسخ كالتخصيص؛ لأن النسخ لا يقتضي تخصيص الأعيان، والتخصيص لا يقتضي تخصيص الزمان، ثم ثبت أن تخصيص الكتاب يجوز بالسنة، كذلك النسخ.
والجواب: أنه يبطل بخبر الواحد والقياس؛ فإن التخصيص بهما جائز، ولا يجوز النسخ بهما، وعلى أن النسخ مفارق للتخصيص؛ لأن النسخ يزيل حكم اللفظ كله، والتخصيص يبقي بعضه، ولا يسقط جملته، فافترقا" (1).
• بيان الاستدراك:
استدرك القاضي أبو يعلى على الخصم القائل: بجواز نسخ القرآن بالسنة في قياسهم النسخ على التخصيص بقادح النقض بخبر الواحد والقياس؛ لأن التخصيص بهما جائز دون النسخ. واستدرك أيضًا بقادح الفرق؛ حيث ذكر الفرق بين النسخ والتخصيص، فالنسخ يزيل حكم اللفظ كله، أما التخصيص فيبقي بعض حكم اللفظ.
• المثال الثاني:
قال الرازي في مسألة: (حكم الاستثناء الواقع عقيب جمل عطف بعضها على بعض) في عرضه لأدلة الشافعية (2): "واحتج الشافعي رضي الله عنه بوجوه:
أولها: أنَّ الشرط متى تعقَّب جملاً عاد إلى الكلِّ، فكذا الاستثناءُ، والجامع: أن كل واحد منهما لايستقلُّ بنفسه.
وأيضًا: فمعناهما واحد؛ لأن قوله تعالى في آية القذف: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: 5] جارٍ مجرى قوله: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] إن لم يتوبوا" (3).
(1) يُنظر: العدة في أصول الفقه (2/ 796 - 797).
(2)
وقد مر الخلاف في المسألة قريبًا، فليُنظر (ص: 569).
(3)
يُنظر: المحصول (3/ 46).
ثم استدرك الرازي على دليل الشافعية الأول بقادح المنع فقال: "أما أدلة الشافعية فالجواب عن الأول: أن نمنع الحكم في الأصل، وبتقدير تسليمه فنطالبُ بالجامع.
قوله: (إنهما يشتركان في عدم الاستقلال، واقتضاء التخصيص).
قلنا: لا يلزم من اشتراك شيئين في بعض الوجوه اشتراكهما في كل الأحكام.
قوله: (ثانيًا: معنى الشرط والاستثناء واحد).
قلنا: إن ادعيتم أنه لا فرق بينهما أصلاً؛ كان قياسُ أحدهما على الآخر قياسًا للشيء على نفسه، وإن سلمتم الفرق طالبناكم بالجامع" (1).
• بيان الاستدراك:
استدرك الرازي على دليل الشافعي في قياسه الاستثناء على الشرط، واستخدم في استدراكه قادح المنع؛ حيث منع حكم الأصل؛ وهو عود الشرط المتعقَّب جملاً إلى الكلِّ، ثم قال بتقدير تسليم حكم الأصل -وهو عود الشرط على جميع الجمل المتعاطفة-: نعترض عليكم بقادح المطالبة، فنطالبكم بالجامع بين الأصل - وهو الشرط -، والفرع -وهو الاستثناء-.
فإن قلتم: الجامع بينهما: عدم استقلال كل منهما بنفسه، واقتضاؤهما التخصيص. قلنا: لا يلزم من اشتراك شيئين في بعض الوجوه اشتراكهما في كل الأحكام.
فإن قلتم: معنى الشرط والاستثناء واحد.
قلنا: إن ادعيتم أنه لا فرق بينهما أصلاً: كان قياسُ أحدهما على الآخر قياسًا للشيء على نفسه، والقياس إنما يكون بين شيئين.
(1) يُنظر: المحصول (3/ 52).
وإن سلمتم الفرق بين الشرط والاستثناء؛ طالبناكم بالجامع بينهما.
فهذا الاستدراك اجتمع فيه قادح المنع والمطالبة.
• المثال الثالث:
قال الآمدي في مسألة (العمل بخبر الواحد) من بين أدلة القائلين بحجية خبر الواحد: "ومنها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} [النساء: 135] أمر بالقيام بالقسط والشهادة لله، والأمر للوجوب، ومن أخبر عن الرسول بما سمعه منه؛ فقد قام بالقسط وشهد لله، فكان ذلك واجبًا عليه، وإنما يكون ذلك واجبًا أن لو كان القبول واجبًا؛ وإلا كان وجود الشهادة كعدمها، وهو ممتنع"(1).
فاستدرك عليهم بقادح المنع، ثم بفرض التسليم بقادح القول بالموجَب، فقال: "ولقائل أن يقول: لا أسلم دلالة الآية على وجوب القيام بالقسط والشهادة لله على ما يأتي.
وإن سلمنا دلالتها على وجوب ذلك غير أنا نقول بموجب الآية؛ فإن الشهادة لله والقيام بالقسط إنما يكون فيما يجوز العمل به، وأما ما لا يجوز العمل به فلا يكون قيامًا بالقسط ولا شهادة لله، وعند ذلك فيتوقف العمل بالآية في وجوب قبول خبر الواحد وجواز العمل به، وهو دور ممتنع" (2).
(1) يُنظر: الإحكام للآمدي (2/ 77).
(2)
يُنظر: المرجع السابق (2/ 77).