الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
المطلب الأول
الآثار الإيجابية للاستدراك الأصولي، وتطبيقاتها
ظهر لي أثناء البحث عدة أصناف للآثار الإيجابية للاستدراك، ويمكن وصفها بالآتي:
•
أولاً: الأثر المتولِّد:
وهو النتيجة الناشئة عن الاستدراك الأصولي.
فالاستدراك الأصولي أثر في ميلاد أفكار وموضوعات جديدة في علم الأصول، والناظر في المصنفات الأصولية منذ النشأة حتى القرن الرابع عشر يلحظ ذلك؛ حيث زيد في عدد الموضوعات الأصولية.
بل إن الاستدراك الأصولي كان له أثر في توليد مصنفات جديدة؛ ومن ذلك: ما ذكره ابن السبكي عن والده أنه صنف كتابًا لاستدراك يورده الأصوليون فقال: "وقد نجز من القول في هذه المسألة (1) ما لا يحتمل هذا الشرح (2) أطول منه، وبقي سؤال يورده الشيوخ: وهو أن المشتهر عن المتكلمين أن أحكام الله تعالى لا تعلل، واشتهر عن الفقهاء التعليل، وأن العلة بمعنى الباعث، وتوهم كثير منهم (3)[](4)
(1) يقصد بالمسألة: اختلاف الأصوليين في تفسير العلة.
(2)
أي شرح الإبهاج على منهاج الوصول للبيضاوي.
(3)
منهم: الآمدي وابن الحاجب، ذكرهم عندما تكلم عند هذا المذهب. يُنظر: الإبهاج (6/ 2286). ويُنظر كذلك: الإحكام للآمدي (3/ 254)؛ مختصر ابن الحاجب (2/ 1039 - 1040).
(4)
بين المعقوفتين [منها] أثبت في تحقيق: الدكتور أحمد زمزمي والدكتور نور الدين صغيري من نسخة لديهما، وهي ساقطة في تحقيق الدكتور شعبان إسماعيل، ورأيت حذفها أولى للسياق.
أنها باعثة للشرع على الحكم كما هو مذهب [من](1) قد بينا بطلانه (2)، فيتناقض كلام الفقهاء وكلام المتكلمين.
وما زال الشيخ الإمام الوالد والدي - أطال الله عمره - يستشكل الجمع بين كلاميهما، إلى أن جاء ببديع من القول فقال - في مختصر لطيف كتبه على هذا السؤال وسماه: ورد العلل في فهم العلل (3) -: (لا تناقض بين الكلامين؛ لأن المراد أن العلة باعثة على فعل المكلف؛ مثاله: حفظ النفوس فإنه علة باعثة على القصاص الذي هو المكلف المحكوم به من جهة الشرع، فحكم الشرع لا علة له، ولا باعث عليه؛ لأنه قادر أن يحفظ النفوس بدون ذلك؛ وإنما تعلق أمره بحفظ النفوس، وهو مقصود في نفسه، وبالقصاص؛ لكونه وسيلة إليه، فكلا المقصد والوسيلة مقصود للشرع. وأجرى الله تعالى العادة أن القصاص سبب للحفظ، فإذا فعل المكلف من السلطان والقاضي وولي الدم القصاص وانقاد إليه القاتل امتثالاً لأمر الله به ووسيلة إلى حفظ النفوس؛ كان لهم أجران؛ أجر على القصاص، وأجر على حفظ النفوس، وكلاهما مأمور به من جهة الله تعالى:
أحدهما: بقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178].
والثاني: إما بالاستنباط وإما بالإيماء في قوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]، وهكذا يستعمل ذلك في جميع الشريعة، ومن هنا يتبين أن كل حكم معقول المعنى فللشارع فيه مقصودان:
(1) إضافة من تحقيق الدكتور شعبان إسماعيل. يُنظر: الإبهاج بتحقيقه (3/ 1497).
(2)
إشارة إلى قوله: "وهو ضعيف؛ لاستحالته في حق الله تعالى
…
". يُنظر: الإبهاج (6/ 2286).
(3)
قال حاجي خليفة: "ورد العلل في فهم العلل للشيخ تقي الدين علي ابن عبدالكافي السبكي (ت: 756 هـ) " لم يذكر زيادة على ذلك: يُنظر: كشف الظنون (2/ 2005). وذكره ابن السبكي في طبقاته عندما ترجم لوالده. يُنظر: طبقات الشافعية لابن السبكي (10/ 312).