الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
ثانيًا: التذييل بـ (التأمل)
(1).
• المثال الأول:
ذكر الآمدي في مسألة (مفهوم المخالفة في الصفة) استدراكًا مقدرًا من الخصم القائل بعدم حجية هذا النوع من المفهوم على استدلال القائلين بحجيته بأخبار الآحاد: "ولقائل أن يقول: ما ذكرتموه من أخبار الآحاد لا نسلم كونه حجة في مثل هذه القاعدة، وإن سلمنا أنه حجة؛ ولكن يمتنع التمسك به لوجهين:
…
الوجه الثاني: أن تخصيص نفي المغفرة بالسبعين يدل على انتفاء المغفرة بالسبعين قطعًا ضرورة صدق الله تعالى في خبره، ومن قال بدليل الخطاب؛ فهو قائل بأنه يدل على نقيض حكم المنطوق في محل المسكوت، وعند ذلك فلو دل اختصاص السبعين بنفي المغفرة قطعًا على نقيضه في محل السكوت؛ لكان دالًّا على وقوع المغفرة بعد السبعين، وذلك إما أن يكون قطعًا أو ظنًا:
الأول خلاف الإجماع، وخلاف ما ذكرناه من الآية الدالة على امتناع المغفرة بعد السبعين.
والثاني فليس نقيضًا لنفي المغفرة قطعاً؛ بل هو مقابل، والمقابل أعم من النقيض؛ فلا يكون ذلك من باب دليل الخطاب، وفيه دقة فليتأمل" (2).
• المثال الثاني:
قال ابن السبكي في مسألة (أدلة الإجماع): "واستدل الغزالي رحمه الله بقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي .. » من وجهين:
أحدهما: تواتر المعنى؛ لكثرتها
…
(1) وهذه الصيغة يكثر منها القاسم العبادي في الآيات البينات، وأمير حاج في التقرير والتحبير.
(2)
يُنظر: الإحكام للآمدي (3/ 93 - 94).
والثاني: من الوجهين اللذين قررهما الغزالي في طريق الاستدلال من الحديث أنا لا ندعي الاطراد؛ بل علم الاستدلال، وقرره من وجهين:
أحدهما: شهرة الأحاديث بين الصحابة والتابعين، وتمسكهم بها من غير نكير
…
والثاني: أن المحتجين بهذه الأخبار أثبتوا بها أصلاً مقطوعًا، وهو الإجماع، ويستحيل عادة التسليم بخبر رفع المقطوع إلا إذا استند إلى مقطوع به.
قلت: وهذا ما ذكره المصنف (1) بقوله: (تلقي الأمة لها بالقبول).
واعترض (2): بأن ذلك لا يخرجها عن الآحاد، فلا يكون مقطوعًا، فلا يستدل على الإجماع به؛ إما للزوم الدور على ما ادعاه؛ أو لأنه لا بد في الدليل على حجية الإجماع من قاطع.
ولقائل أن يقول: تلقي الأمة للخبر بالقبول وإن لم يخرجه عن الآحاد، فلا يلزم أن يكون مظنونًا؛ لأن خبر الواحد قد تعضده قرينة تصيره مقطوعًا، وجاز أن تكون القرينة هي تلقيهم بالقبول فيستدل به على الإجماع. ولم يدع الغزالي غير هذا، فتأمل هذا، فقد صرح في الوجهين الأخيرين باستفادة القطع منه
…
فمن فهم عن الغزالي أنه أراد خبر واحد مجرد عما يعضده وهو يصيره مفيدًا للعلم؛ فقد فهم ما صرح بخلافه.
ثم نقول: هذا الطريق الثاني (3) هو الذي اعتمده صاحب الكتاب (4)، وركَّب منه دليليه السابقين (5) فافهمه، وبهذا يتضح لك أن ما رده هنا هو ما استدل به ثَمَّ،
(1) أي ابن الحاجب في مختصره. يُنظر: مختصر ابن الحاجب (1/ 439).
(2)
أي اعترض على كلام الغزالي في الوجه الثاني في طريق الاستدلال من الحديث.
(3)
وهو الوجه الثاني للغزالي: علم الاستدلال بالوجهين اللذين ذكرهما.
(4)
أي ابن الحاجب في مختصره.
(5)
أي الدليلين اللذين استدل بهما ابن الحاجب في أول المسألة؛ وهو قوله: "الأدلة منها: أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف، والعادة تحيل إجماع هذا العدد الكثير من العلماء المحققين على قطع في شرعي من غير قاطع، فوجب تقدير نص فيه،
…
ومنها: أجمعوا على تقديمه على القاطع، فدل على أنه قاطع؛ وإلا تعارض الإجماعان؛ لأن القاطع مقدم". يُنظر: مختصر ابن الحاجب (1/ 436 - 437)؛ مختصر ابن الحاجب -مطبوع مع رفع الحاجب- (2/ 145 - 146، 150).