الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الْمسْلِمِ حرَامٌ دَمهُ، وَمَالهُ، وَعِرْضهُ» (1).
وعن أبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ قال: من عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنتُهُ بِالحَرْبِ» (2).
إن كان العلماء ليسوا بأولياء فليس لله ولي. (3)
قال ابن عقيل: "وقصور اللسان في الشغب هو الفضل؛ فإن من خاض فيه تعوده، ومن تعوده حُرم الإصابة واستروح إليه، ومن عرف بذلك سقط سقوط الذَّرَّة، ومن صبر على ذلك وحلم عنه؛ ارتفع في نفوس العلماء، ونَبُلَ عند أهل الجدل، وبانت من القوة على نفسه حيث منعها المقابلة على الجفاء بمثله، والقوة على خصمه حيث أَحْوَجَه إلى الشغب؛ لاسيما إذا ظهر منه أنه فعل ذلك حرصًا على الإرشاد إلى الحق، ومحبة للاستنقاذ من الباطل الذي أثارته الشبهة من الضلال المُؤَدِّي بصاحبه إلى العَطَب والهلاك، فله بهذه النية الجميلة الثواب من ربِّه، والمدحة من كل منصف حضره أو سمع به"(4).
•
سادسًا: الصدع بالحق متى ظهر له
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وليس مما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا مما يرتضيه عاقل أن تقابل الحجج القوية بالمعاندة والجحد؛ بل قول الصدق التزام العدل لازم عند جميع العقلاء، وأهل الإسلام والملل أحق بذلك من غيرهم؛ إذ هم _ولله الحمد_ أكمل الناس عقلاً، وأتمهم إدراكًا، وأصحهم دينًا، وأشرفهم كتابًا، وأفضلهم نبيًا،
(1) يُنظر: صحيح مسلم، ك: البر والصلة والآداب، ب: تحريم ظلم المسلم وخَذْلِهِ واحْتِقَارِهِ ودمه وعرضه وماله، (4/ 1986/ح: 2564).
(2)
يُنظر: صحيح البخاري، ك: الرقاق، ب: التواضع، (5/ 2384/ح: 6137).
(3)
يُنظر: مرقاة المفاتيح (9/ 514).
(4)
يُنظر: الواضح في أصول الفقه (1/ 521 - 522).
وأحسنهم شريعة" (1).
فيجب على المستدرَك عليه والمستدرِك الاعتراف بالحق متى ظهر له، أما الإصرار على الرفض؛ فمكابرة ممنوعة. (2)
ويمثل لرجوع المستدرَك عليه للحق: برجوع طائفة من علماء الأصول _كالشيرازي والجويني والغزالي والرازي_ عن أقوالهم لما ظهر الحق في القول الآخر. (3)
ومن أمثلة رجوع المستدرِك:
•المثال الأول:
قال الطوفي في مختصر الروضة (4): "يجوز للعامي تقليد المجتهد، ولا يجوز ذلك لمجتهد اجتهد وظن الحكم، اتفاقا فيهما، أما من لم يجتهد ويمكنه معرفة الحكم بنفسه بالقوة القريبة من الفعل لأهليته للاجتهاد، فلا يجوز له أيضا مطلقا؛ خلافًا للظاهرية"
ثم استدرك على نفسه في شرح مختصر الروضة (5): " (خلافا للظاهرية) قلت: هذا عن الظاهرية لا أعلم الآن من أين نقلته في «المختصر»، ولم أره في «الروضة»، ولا أحسبه إلا وهما ممن نقلته عنه، أو في النسخة التي كان منها الاختصار، فإن الظاهرية أشد الناس في منع التقليد لغير ظواهر الشرع ".
• المثال الثاني:
ما كان من ابن السبكي في مسألة (تخصيص العموم بمذهب الراوي) قال:
(1) يُنظر: درء تعارض العقل والنقل (9/ 207).
(2)
يُنظر: ضوابط المعرفة (ص: 373).
(3)
يُنظر: (ص: 338 - 342) من البحث.
(4)
(3/ 629).
(5)
(3/ 630).
"خاتمة: اضطرب النظر في أنه هل صورة هذه المسألة مخصوصة بما إذا كان الراوي صحابيًّا، أم الأمر أعم من ذلك؟
الذي صح عندي ويجوز: أن الأمر أعم من ذلك؛ ولكن الخلاف فيمن ليس بصحابي أضعف، فليكن القول في المسألة هكذا:
إن كان الراوي صحابيًا، وقلنا: قول الصحابي حجة؛ خص على المختار.
قال القاضي في مختصر التقريب (1): (وقد يُنسب ذلك إلى الشافعي في قوله الذي يقلِّد الصحابي فيه، ونقل عنه أنه لا يخصِّص به إلا إذا انتشر في أهل العصر ولم ينكروه، وجعل ذلك نازلاً منزلة الإجماع).
وإن قلنا: قوله غير حجة؛ ففيه الخلاف المتقدم.
وإن كان غير صحابي ترتب الخلاف على الصحابي.
فإن قلنا: لا يخص بقول الصحابي الراوي؛ لم يُخَصَّص بقول الراوي الذي ليس بصحابي جزمًا. وإن قلنا: يُخَصَّص؛ ففي هذا خلاف.
وأما قول القرافي: (صورة المسألة: أن يكون صحابيًا، وأما غير الصحابي فلا يُخَصِّص قطعًا)(2)؛ فليس بجيد، والمعتمد ما قلناه (3). ويشهد له الدليل الذي ذُكر من أنه إنما يخالف الدليل وإلا انقدحت روايته؛ فإن هذا يشمل الصحابي وغيره. وبما ذكرناه صرَّح إمام الحرمين في البرهان (4) فقال:(وكل ما ذكرناه - يعني من هذه المسألة - غير المختص بالصحابي، فلو روى بعض الأئمة حديثًا وعَمِلَ بخلافه؛ فالأمر على ما فصلناه) انتهى.
(1)(3/ 209).
(2)
يُنظر: شرح التنقيح للقرافي (ص: 219).
(3)
وهو ما حرره سابقًا بأن الأمر أعم من الاختصاص بالصحابي.
(4)
(1/ 443).