الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
حكم بيع التورق
س: ما حكم بيع التورق (1)(2)؟
ج: التَّوَرُّق معاملة معروفة عند أهل العلم، فيها خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا بأس بها، فالمعاملة التي يسمونها التَّوَرُّق، ويسميها العامة الوعدة، هي أن يبيع الإنسان سلعة على إنسان محتاج إلى أجل معلوم، وهذا المشتري بعد ما يستلمها يبيعها بنقد، ويقضي بها حاجته من زواج أو قضاء دين أو بناء سكن أو غير ذلك، فيأتي زيد وهو محتاج إلى عمرو وهو من التجار ويقول له: أريد سيارة أو أريد أكياسًا من الأرز أو السكر، تبيعني إياها إلى أجل معلوم، فيقول: نعم، فيتفقان على ثمن معلوم، وعلى أقساط معلومة، فيتم البيع على ذلك، وهذا المشتري بعد ما يقبضها ويحوزها إليه، يتصرف فيها كما يشاء، يبيعها بثمن معين حتى يقضي حاجته، من زواج أو قضاء دين أو غير ذلك، ولكن يقع في هذا أخطاء لهؤلاء ولهؤلاء، يجب التنبيه عليها وقد نبهنا عليها كثيرًا في هذا البرنامج وفي غيره، وهي أن البائع قد يبيع ما ليس عنده: التاجر قد يبيع سيارات ليست عنده وإنما عند التجار أو عند
(1) السؤال من الشريط رقم (140).
(2)
السؤال من الشريط رقم (140). ') ">
الشركات، قد يبيع أكياسًا من الرز ليست عنده، وبعد البيع يذهب ويشتريها، هذا لا يجوز، النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تبع ما ليس عندك» (1) وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (2)، وجاءه حكيم بن حزام رضي الله عنه، فقال:«يا رسول الله الرجل يأتيني يريد السلعة، فأبيعها عليه ثم أذهب فأشتريها، قال: لا تبع ما ليس عندك» (3) فالحاصل أن البائع قد يخطئ، والمشتري قد يخطئ، فالبائع قد يبيع ما ليس عنده ثم يذهب فيشتري هذه السلعة، وهذا لا يجوز، بل لا يبيع سيارة ولا أكياسًا ولا خامًا ولا كذا إلا إذا كان عنده في حوزته، في ملكه، في بيته، في دكانه، والمشتري المحتاج ليس له أن يبيع حتى يقبض، لا يبيعها على الذي باع عليه ولا يبيعها وهي عنده، بل يقبضها وينقلها إلى بيته أو إلى السوق أو إلى بيت فلان أو دكان فلان، يعني ينقلها من محل البائع ثم يتصرف بعد ذلك، هكذا يجب على هذا وهذا، فإذا باع أحدهم قبل أن يقبض، فهذا هو الذي لا يجوز، وهو الذي يخل به كثير من الناس
(1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503).
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يستوفى، برقم (3499). ') ">
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503).
وتأتي المشكلة من هذا الجانب، والله ولي التوفيق، يعني: لو جاء وقال: أريد أن أشتري منك السلعة العشرة بثلاثة عشر أو خمسة عشر، اتفقا على ذلك، هذا ما يتم فيه البيع، هذا وعد تمهيد، لكن البيع الذي يتم بعد ما يحوزها التاجر، يكون عنده في بيته السلعة، ثم يبيعها عليه بعد ذلك، يبيعها على الراغب بثمن معين، وأقساط معلومة لأجل معلوم، العشرة بخمسة عشر أقل أو أكثر لا بأس، ليس له حد محدود، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في بعض تجهيز السرايا اشترى البعير بالبعيرين (1)، إلى أجل معلوم، فالحاصل أنه لا بأس أن يشتري منه إلى أجل معلوم، بعد ما يحوز التاجر المال، أما كونه يخاطبه قبل ذلك، ويتفق معه على أن يشتري منه كذا وكذا لا بأس، لكن لا يتم بيع لا لهذا ولا لهذا، كل واحد له أن يرجع عما عزم عليه، حتى يتم البيع بعد شراء التاجر للسلعة، وبعد إحضارها في ملكه وبعد حوزتها بعد ذلك يبيع وإذا تم البيع بعد ذلك لزم بعد التفرق، بعض الناس يشكو من جهة زيادة الثمن، التاجر يبيع عليه بثمن رفيع، وبعض الناس يشتكي أنه يبيع ما لا يملك قبل أن يملك قبل أن يقبض، فالذي يشتكي منه هو أن يبيع قبل أن يملك السلعة، أو المشتري يبيع قبل أن يقبضها، فالتاجر ليس له
(1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرخصة في ذلك، برقم (3357). ') ">
البيع حتى تكون عنده السلعة، والمشتري من التاجر ليس له أن يبيع حتى يقبضها من التاجر، أما الحد المحدود في الربح، فليس له حد محدود والناس يختلفون، منهم من يكون مليئًا ويسدد بدون تعب ولا أذى، هذا التاجر يخفف عليه الزيادة ولا يكثر عليه، ومنهم من يخشى أنه يطول إلى أجل بعيد، وربما يماطل، هذا هو الذي قد يزيدون عليه في الثمن، بسبب طول الأجل أو بسبب خوفهم من التأخير.
س: يقول السائل أبو أحمد ع. من الرياض: ما رأيكم سماحة الشيخ في بيع التَّوَرُّق؟ وما حكمه؟ وما صفته؟ مأجورين (1).
ج: بيع التورق لا بأس به على الصحيح، وصفته أن تشتري سلعة من زيد إلى أجل ثم تبيعها بالنقد لحاجتك، فتشتري سيارة من زيد بأقساط معلومة، ثم بعد قبضها تبيعها بالنقد، حتى تتزوج أو توفي دينًا عليك، أو تعمر بيتك، أو ما أشبه ذلك، هذا هو بيع التَّقسيط، يسمى التورق ويسميه بعض الناس (الوعدة) ويسميه بعض الفقهاء التورق، فهذا بيع التَّقسيط، فإن كان لغير البيع، فإنه لا حرج عند الجميع، لو اشترى السلعة (السيارة) إلى أجل لكن ليستعملها، هذا جائز عند الجميع، أو
(1) سؤال الثامن من الشريط رقم (389). ') ">
اشترى بيتًا بالتقسيط ليسكنه، هذا جائز عن الجميع، لقول الله سبحانه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} فأباح الله المداينة، لكن الخلاف إذا اشتراه ليبيعه، اشتراه بالأجل ليبيعه بالنقد، حتى يستعمله في حاجته، هذا يقال له: بيع التّورق، وبيع التقسيط، لبيع المبيع بالنقد، هذا هو محل الخلاف، والصواب أنه لا حرج فيه، ولو أنه للبيع: ويسمى التّورق، ويسميه بعض العامة (الوعدة)، فإذا اشتريت السيارة بأقساط معلومة، وقصدك أن تبيعها لتتزوج، أو لتعمر بيتًا، أو لتوفي دينًا، فهذا يسمى بيع التّورق، وهو صحيح، الصواب أنه لا بأس به، لأنه داخل في قوله جل وعلا:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} وداخل في قوله سبحانه: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} وداخل في الأحاديث الصحيحة: «البيعان بالخيار» (1) إلى غيره.
(1) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا، برقم (2079)، ومسلم في كتاب البيوع، باب الصدق في البيع والبيان، برقم (1532).
س: ما حكم بيع التورق وما صفته (1)؟
ج: التورق على الصحيح لا بأس به، صفته أن تشتري من زيد سلعة مؤجلة ثم تبيعها بالنقد لحاجتك إلى النقد للزواج أو لتعمر بيتك أو لوفاء دين عليك، هذا التورق، تشتري السلعة بالأجل وأنت تريد بيعها لمصلحتك، تجيء فلانًا تقول: يا فلان أشتري منك السيارة هذه بمائة ألف ريال مقسطةً كل شهر خمسة آلاف أو كل سنة عشرون ألفًا مقسطةً بالسنين أو بالشهور ثم بعد قبضها تبيعها أنت نقدًا على من تشاء حتى تتزوج أو توفي دينًا عليك أو تعمر بيتك أو ما أشبه ذلك، هذا الصواب لا حرج في ذلك لأن هذا داخل في قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} هذا دَيْن؛ ولأن الله جل وعلا قال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} وهذا بيع، فلا حرج، كونه يشتري سلعة ليقتنيها أو ليأكلها كالبُرِّ أو الشعير أو يشتريها ليبيعها والتجار يشترون ليبيعوا، فأنت إذا اشتريت سيارة أو أرضًا أو بيتًا، والمقصود من شرائه أن تبيعه، اشتريته بالأجل ونيتك أن تبيع بالنقد من أجل حاجة للزواج أو
(1) السؤال من الشريط رقم (369). ') ">
غرماء آذوك توفيهم أو ما أشبه ذلك.
س: ما حكم من اشترى بعض السلع من شخص بمبلغ معين لأجل مسمى، وباع هذه السلع في نفس الوقت على شخص آخر بسعر أقل من سعر الشراء لحاجته إلى المال ذلك الوقت (1)؟
ج: هذه المعاملة يسميها بعض الفقهاء التّورق، ويسميها بعض العامة بالوعدة، وهي أن يشتري شخص سلعة إلى أجل، ثم يبيعها بثمن أقل نقدًا لحاجته إلى النقد، ليتزوج أو ليقضي دينًا عليه، أو ليعمر سكنًا له أو غير ذلك من الأغراض، وهذه المعاملة لا بأس بها علي الصحيح، قد كرهها بعض أهل العلم ومنع منها؛ لأنها في المعنى بيع نقود بنقود بواسطة السلعة، ولكن الصواب أنه لا حرج فيها والناس محتاجون إلى هذه المعاملة لقضاء حوائجهم، وهي داخلة في قوله سبحانه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} الآية، فهي مداينة، إذا كان البائع عنده السلعة موجودة في ملكه في حوزته، ثم باعها إلى أجل معلوم أو بأقساط إلى آجال معلومة فلا بأس بذلك، لكن
(1) السؤال الأول من الشريط رقم (155). ') ">
ليس له أن يبيع ما ليس عنده، ثم يذهب ليشتريه، لا، إنما يبيع ما كان عنده في حوزته وفي قبضته؛ لأنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال لحكيم بن حزام رضي الله عنه لما سأله عن هذا، قال:«لا تبع ما ليس عندك» (1)؛ لأن حكيمًا سأله، قال: يا رسول الله، إنه يأتيني من يريد السِّلع، وليست عندي فأبيعها له، ثم أذهب فأشتريها، فقال له عليه الصلاة والسلام:«لا تبع ما ليس عندك» (2)، وصح عنه عليه السلام أنه قال:«لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك» (3) فليس له أن يبيع سيارة أو غيرها لم يملكها، بل سوف يذهب فيشتريها، أما إذا كانت السيارة عنده أو الخام أو الرز أو نحوه كان عنده في ملكه وفي حوزته في بيته، أو في متجره أو في السوق قد ملكه فلا بأس أن يبيعه إلى أجل مسمى، أو إلى آجال لا حرج في ذلك، ولا حرج على المشتري أن يبيعه أيضًا بأقل أو بأكثر أو بالمساوي إذا قبضه أيضًا، هو المشتري وحازه وصار في ملكه، ونقله من ملك البائع فإنه يبيعه بعد ذلك، على من يشاء ولا يبيعه على من اشتراه منه، بل يبيعه على غيره، أمَّا إذا باعه عليه بأقل من الثمن، صار مسألة العينة ولا تجوز، أمَّا إن باعه على من
(1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503).
(2)
سنن الترمذي الْبُيُوعِ (1235)، سنن النسائي الْبُيُوعِ (4613)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3503)، سنن ابن ماجه التِّجَارَاتِ (2187)، مسند أحمد (3/ 434).
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611).
باع عليه بمثل ما اشتراه به لأنه تغيرت الأحوال، أو باع عليه بأكثر فلا بأس، لكن لا يبعها على من اشتراها منه بأقل؛ لأن ذلك لا يجوز؛ لأنه بيع العينة، وهي أن يشتري سلعة بثمن بالذِّمة أو مؤجل ثم يبيعها على من اشتراها منه بأقل، هذا هو عين الربا لأنه حيلة على أن يأخذ دراهم قليلة بدراهم كثيرة إلى أجل، فلا يجوز، لكن إذا باع السلعة على غير من اشتراها منه، باعها في السوق باعها على شخص آخر، بثمن النقد ليقضي حاجته فلا بأس بذلك.
س: من الأخ / ف. أ. ا. يقول: رجل بحاجة إلى نقود، ولا يستطيع الاستدانة إلا أن يشتري حاجة بضعف ثمنها، ثم يبيعها كي يحصل على النقود، مثال ذلك أن رجلاً استدان سيارة ثمنها في السوق خمسمائة ألف ليرة، وعندما استدانها لمدة سنة اشتراها بتسعمائة ألف ليرة، ثم باعها بخمسمائة ألف فهل هذا العمل جائز علمًا بأن كلام الناس قد كثر في هذا فمنهم من يقول: إنه ربا، ومنهم من يقول: إنه جائز، فما هو توجيه سماحتكم (1)؟
ج: الصواب في ذلك أنه جائز، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم ولا
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (340). ') ">
حرج في ذلك وهذا يسمى بيع التقسيط، فإذا كانت السلعة عند البائع موجودة عنده قد حازها وملكها، ثم باعها على إنسان بالدين بأقساط معلومة ثم المشتري باعها بأقل ليقضي حاجته، من زواج أو غيره فلا حرج في ذلك، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، أن أهل بريرة رضي الله عنها باعوها بأقساط كل سنة أربعون درهمًا، تسع سنين بأقساط، واشترتها عائشة نقدًا (1)، المقصود أن الأقساط أمرها معروف، حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلا بأس أن يشتري الإنسان السلعة بأقساط ثم يبيعها بنقد أقل لحاجته للزواج أو لبناء مسكن أو لقضاء دين، أو ما أشبه ذلك، لكن يكون البائع قد ملك السلعة وقد حازها وحصلت، هذه السلعة عنده لا يبيع شيئًا عند الناس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تبع ما ليس عندك» (2)، وقال صلى الله عليه وسلم:«لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك» (3) ونهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (4)
(1) أخرجه البخاري في كتاب العتق، باب استعانة المكاتب وسؤاله الناس برقم (2563)، ومسلم في كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق، برقم (1504).
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503).
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611).
(4)
أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يستوفى، برقم (3499). ') ">