الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثاني في شعر الحيوان وريشه ووبره
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• الأصل في الأشياء الطهارة.
• كل جزء من البهيمة مما لا تحله الحياة الحيوانية لا ينجس بالموت، كالشعر والصوف، والظلف والقرن.
• الشعر حياته نباتيه، وليست حيوانية، فلا ينجس من البهيمة حية أو ميتة.
• إذا كان جلد الميتة إذا قطعت الرطوبات النجسة بالدباغ طهر، فالشعر لا رطوبة فيه أصلًا، فهو باق على طهارته.
• علة نجاسة الميتة ليس موتها فحسب، لأنه موجود في السمك والجراد، بل لاحتباس الدماء النجسة فيها، ولهذا لا ينجس بالموت ما لا نفس له سائلة.
• ما لا نفس له سائلة لا ينجس بالموت، وإن كانت حياته حيوانية، فالشعر والوبر والصوف مثله، أو أولى.
[م-489] إذا جُزَّ الشعر والوبر من حيوان طاهر، وهو حي، فإنه طاهر
بالإجماع
(1)
.
قال ابن المنذر: «وأجمعوا على أن الانتفاع بأشعارها، وأوبارها، وأصوافها جائز؛ إذا أخذ ذلك، وهي حية»
(2)
.
وقال ابن عبد البر: «وأجمع العلماء على أن جز الصوف عن الشاة، وهي حية حلال»
(3)
.
[م-490] وأما إذا جُزَّ الشعر والوبر والصوف من حيوان ميت، فقد اختلف العلماء في ذلك:
فقيل: طاهر مطلقًا، سواءً أكان من حيوان طاهر أم نجس، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، ورواية عن أحمد
(4)
، إلا أن الحنفية استثنوا شعر الخنزير فقط.
وقيل: الشعر في الطهارة تبع لذات الحيوان، فإن كان الشعر من حيوان طاهر في الحياة ولو كان غير مأكول، فشعره طاهر، وإن كان من حيوان نجس فالشعر تبع له،
(1)
نقل الإجماع على ذلك النووي في المجموع (1/ 296)، وابن رشد في بداية المجتهد (2/ 183)، وابن تيمية في الفتاوى (21/ 98).
(2)
الإجماع (ص: 16)، وانظر الأوسط (2/ 273).
(3)
التمهيد (9/ 52).
(4)
البناية على الهداية (1/ 377)، البحر الرائق (1/ 112)، أحكام القرآن للجصاص (1/ 170، 171)، تبيين الحقائق (1/ 26)، العناية شرح الهداية (1/ 96)، الجوهرة النيرة (1/ 16)، شرح فتح القدير (1/ 96)، الفتاوى الهندية (1/ 24)، مجمع الأنهر في ملتقى الأبحر (1/ 32، 33)، حاشية ابن عابدين (1/ 206)، حاشية الدسوقي (1/ 46، 47)، المنتقى (1/ 180)، تفسير القرطبي (2/ 219)، أحكام القرآن لابن العربي (3/ 150)، مواهب الجليل (1/ 89)، حاشية العدوي (1/ 584)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 50، 51)، هذا قولهم في الشعر والوبر والصوف، وأما الريش من الميتة، فقد ذكر ابن عبد البر في الكافي مذهب المالكية، فقال:(ص: 189)«لا يجوز الانتفاع بريش الميتة» ، ونص على ذلك ابن الجلاب في التفريع (1/ 408)، واستثنى الباجي في المنتقى (3/ 137) الريش الذي لا سنخ له، مثل الزغب ونحوه.
وانظر الفتاوى الكبرى لابن تيمية (1/ 263)، مجموع الفتاوى (21/ 617).
وهو المشهور من مذهب الحنابلة
(1)
.
وقيل: إن الشعر والوبر والصوف من الميتة نجس إلا شعر الآدمي، وهو المشهور مذهب الشافعية
(2)
، ورواية عن أحمد
(3)
.
وقيل: صوف الميتة وشعرها ووبرها نجس قبل الدباغ طاهر بعده، وهو اختيار ابن حزم
(4)
.
واشترط من قال بطهارته أن يجز جزًا.
قال ابن نجيم: «شعر الميتة إنما يكون طاهرًا إذا كان محلوقًا، أو مجزوزًا، وإن كان منتوفًا فهو نجس»
(5)
.
(6)
.
وقد ذكرنا أدلة كل قول في بحث مستقل، في المجلد الأول المياه والآنية، فأغنى عن إعادته هنا.
وقد ترجح لي أن رأي الحنفية والمالكية أقوى من حيث الدليل، وأن الشعر لا تدخله الحياة الحيوانية، والحياة النباتية لا تكفي لتنجيسه إذا فارقها، وأنه لا فرق بين شعر الحيوان الطاهر بالحياة والحيوان النجس، ومن استثنى شعر الكلب
(1)
الإنصاف (1/ 92)، المبدع (1/ 76)، الفروع (1/ 78)، الكافي (1/ 20)، كشاف القناع (1/ 57)، مجموع الفتاوى (21/ 617)، المغني (1/ 60).
(2)
المجموع (1/ 291)، المهذب (1/ 11)، حلية العلماء (1/ 96)، روضة الطالبين (1/ 15، 43).
(3)
الإنصاف (1/ 92)، الفروع (1/ 77، 78).
(4)
المحلى (1/ 128).
(5)
البحر الرائق (1/ 113).
(6)
الشرح الكبير (1/ 49).
أو الخنزير إن كان في ذلك إجماع فالدليل الإجماع، وإن لم يصح في المسألة إجماع فلا فرق بين شعره وشعر غيره، وبهذا يتبن لنا أن الميتة ثلاثة أقسام:
نجس مطلقًا لا يطهر بحال، وهو اللحم والدم.
وطاهر مطلقًا، وهو الشعر والوبر والصوف إذا جز جزًا.
وطاهر بشرط قطع الرطوبة النجسة العالقة عن طريق الدباغ ونحوه، وهو الجلد.
وهناك قول آخر لم أذكره لأنه راجع إلى أحد الأقوال السابقة، وهو أن الشعر طاهر بعد الغسل، وهو مروي عن عطاء، والحسن، والأوزاعي كما ذكر ذلك عنهما ابن قدامة والنووي، وهذا المذهب يرجع إلى قول من قال بطهارة الشعر؛ لأن الشعر والوبر والصوف لو كان نجس العين لما طهره الغسل. والله أعلم.
* * *