الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في المني والمذي والودي من الحيوان
المبحث الأول في المني الخارج من الإنسان
الفرع الأول في طهارة مني بني آدم
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• كل الفضلات المتولدة من أصل طاهر فحكمها حكم أصلها، كالمني، والبيض، واللبن، والعرق، والعفو عن غسل المني آية طهارته.
• كل مني من الحيوان فهو تبع للحمه حتى بني آدم، ولحمه إنما حرم لحرمته، لا لنجاسته.
• لم يأت أمر بالتطهر من المني، كما جاء الأمر بالتطهر من البول، والمذي، ودم الحيض وغيرها، وما ورد من غسل وفرك موقوف على عائشة، وهو لا يدل على الجوب.
• لا تأثير للمخرج في طهارة أو نجاسة، فيخرج منه البول والمذي والودي، وهي أشياء نجسة، ويخرج منه الريح وهي طاهرة، وكذا المني ورطوبة فرج المرأة على الصحيح.
• ليس كل ما ينقض الطهارة فهو نجس كالريح والمني.
[م-500] اختلف العلماء في مني الإنسان هل هو طاهر أم نجس،
فقيل: المني نجس، وهو مذهب الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، وقول في مذهب الشافعية
(3)
، وقول في مذهب الحنابلة
(4)
.
وقيل: المني طاهر، وهو مذهب الشافعية
(5)
، والحنابلة
(6)
، ورجحه
(1)
بدائع الصنائع (1/ 85)، المبسوط (1/ 81)، الاختيار لتعليل المختار (1/ 32)، شرح معاني الآثار (1/ 53)، البحر الرائق (1/ 235، 236).
(2)
قال ابن عبد البر في الاستذكار (3/ 113): ولا يجزئ عند مالك وأصحابه في المني ولا في سائر النجاسات إلا الغسل بالماء، ولا يجزئ فيه عنده الفرك، وأنكره، ولم يعرفه. اهـ
وقال في القوانين الفقهية (ص: 51): لا يجوز الاستجمار -يعني: بالحجارة- من المني ولا من المذي، ولا إن تعدت النجاسة المخرجين أو ما قرب منهما. اهـ، وانظر حاشية الدسوقي (1/ 111)، مواهب الجليل (1/ 285)، مختصر خليل (ص: 15)، التاج والإكليل (1/ 285، 285)، المفهم للقرطبي (1/ 558)، والمدونة (1/ 128)، المنتقى شرح الموطا (1/ 103).
(3)
المجموع (2/ 572).
(4)
المغني (1/ 516)، الإنصاف (1/ 350، 351)، وعن أحمد ثلاث روايات في المني:
الأولى: أنه طاهر، قال في المغني: وهو المشهور.
الثانية: أنه نجس كالدم، ويعفي عن يسيره.
الثالثة: أنه لا يعفى عن يسيره، ويجزئ فرك يابسه من الرجل والمرأة. وقيل: من الرجل دون المرأة.
(5)
المجموع (1/ 156)، (2/ 553)، مغني المحتاج (1/ 80).
(6)
انظر مسائل أحمد رواية أبي داود (1/ 32) رقم 150، 158، 159. وقال أحمد في مسائله رواية صالح (3/ 56): قلت لأبي الفراش يصيبه المني، يبسط عليه؟ فقال: المني شيء آخر، وسهل في المني جدًّا، وقال: أين المني من البول، البول شديد، والمني يفرك، وقد جاء أنه بمنزلة المخاط، يقوله ابن عباس. اهـ وانظر مسائل أحمد رواية ابن هانئ (1/ 25)، ورواية
عبد الله (1/ 59) رقم 52. ومسائل أحمد وإسحاق (1/ 157، 192، 257).
وعن أحمد ثلاث روايات في المني:
الأولى: أنه طاهر، قال في المغني: وهو المشهور.
الثانية: أنه نجس كالدم، ويعفي عن يسيره.
الثالثة: أنه لا يعفى عن يسيره، ويجزئ فرك يابسه من الرجل والمرأة. وقيل: من الرجل دون المرأة. انظر المغني (1/ 516)، الإنصاف (1/ 350، 351).
ابن حزم
(1)
، وابن تيمية
(2)
.
وسبب اختلاف العلماء في هذه المسألة اختلافهم في تفسير ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا من غسل المني رطبًا، وفركه يابسًا.
فأخذ الحنابلة والشافعية من الاكتفاء بفركه يابسًا دليلًا على طهارته، إذ لو كان نجسًا لوجب غسله خاصة أن المني سائل ثخين، ويتشرب جزء منه الثوب، ولو كان المني نجسًا لجاء الأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم بغسله، خاصة أن البلوى فيه شديدة في الأبدان والثياب والفرش وغيرها، فلما لم يأمرهم صلى الله عليه وسلم بغسل ما أصابهم، وكان الثابت عنه مجرد فعل، وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم المجردة لا تدل على الوجوب بل تدل على الاستحباب، علم أن المني طاهر.
وأخذ الحنفية من فركه يابسًا وغسله رطبًا دليلًا على نجاسته، فإن النجاسة قد تزول بالفرك كما تطهر النعلين بدلكهما في التراب، وذيل المرأة بمروره بتراب طاهر بعده، وهكذا.
ورجح المالكية أحاديث الغسل على أحاديث الفرك، ولم يروا أن النجاسة تزال بالفرك، بل لا بد من غسلها بالماء.
وقد ذكرت أدلة الأقوال في كتاب أحكام الخلاء، في حكم الاستنجاء من المني، ولله الحمد، وقد رجحت هنا القول بطهارة المني، ويكفي حجة لهذا القول أن الشارع لم يأت منه أمر بغسله، ولو كان نجسًا لجاء الأمر بغسله، والتوقي منه كما جاء الأمر بالاستتار من البول، وغسل دم الحيض، وغسل المذي، وغيرها من سائر النجاسات، ولا مع من قال بنجاسته إلا مجرد أن عائشة كانت تغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
(1)
قال في المحلى (1/ 135) مسألة: 131: المني طاهر في الماء كان أو في الجسد أو الثوب لا تجب إزالته، والبصاق مثله ولا فرق. اهـ
(2)
مجموع الفتاوى (21/ 588).
وتفركه إذا كان يابسًا، ولو كان الفاعل هو النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ذلك حجة على نجاسة المني؛ لأن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم المجردة لا تقتضي الوجوب، والله أعلم.
* * *