الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: الخمرة طاهرة، وإليه ذهب ربيعة الرأي
(1)
، والمزني من أصحاب الشافعي
(2)
، وداود الظاهري
(3)
، ورجحه الشوكاني، والصنعاني
(4)
.
•
دليل من قال: إن الخمر نجسة:
الدليل الأول:
قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[المائدة: 90].
وجه الاستدلال:
أن الله تعالى وصف الخمر بأنها رجس، والرجس في عرف الشرع هو النجس نجاسة عينية.
• وأجيب:
بأن الرجس في الآية لا يراد به النجاسة الحسية، لما يأتي:
أولًا: أن الله سبحانه وتعالى قرن الخمر بالميسر، والأنصاب، والأزلام، وإذا كانت هذه الأشياء ليست نجسة نجاسة حسية، فكذلك الخمرة
(5)
.
(1)
الجامع لأحكام القرآن (6/ 288).
(2)
المرجع السابق.
(3)
المجموع (2/ 581).
(4)
السيل الجرار (1/ 35)، سبل السلام (1/ 61).
(5)
وحاول المخالفون الخروج من هذا بقولهم: إن الميسر والأنصاب والأزلام خرجت بالإجماع على طهارتها، وبقي ما عداها على النجاسة.
فيقال: ما دام أن كلمة رجس ليست نصًا في النجاسة الحسية، لم يكن هذا الدليل حجة في النجاسة؛ لأن الإجماع دل على أن كلمة رجس قد تطلق على الشيء، وهو ليس بنجس.
ثم إنه ليس هناك إجماع، فقد خالف ابن حزم، فقال بنجاسة الميسر والأنصاب والأزلام، ولكن لا يعرف هذا القول إلا لابن حزم رحمه الله، وهو رأي لا يستند إلى حجة.
ثانيًا: أن الرجس هنا وصف بقوله: (من عمل الشيطان) فهو رجس عملي، أي معنوي، وليس رجسًا حسيًّا، ولذلك قال القرطبي: من عمل الشيطان: أي بحمله وتزيينه.
ثالثًا: الرجس في كلام الشارع أكثر ما جاء في النجاسة المعنوية، قال تعالى:(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ)[الأحزاب: 33]، وقال تعالى:(وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ)[يونس: 100]، وقال تعالى:(كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)[الأنعام: 125]، وقال سبحانه:(قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ)[الأعراف: 71]، وقال سبحانه:(وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ)[التوبة: 125]، وقال سبحانه:(فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ)[التوبة: 95]، وقال:(فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ)[الحج: 30].
فإذا كان الأكثر في كلام الشارع إطلاق الرجس على النجاسة المعنوية، كما مر معنا في الآيات السابقة، والميسر والأنصاب والأزلام يراد بها النجاسة المعنوية، والخبر هنا إخبار عن الأربعة الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، فالقول بأن الرجس في الخمر وحده فقط دليل على النجاسة الحسية، وعلى غيره مما قرن معه يراد به النجاسة المعنوية فيه نوع تحكم لا دليل عليه.
ولذلك لم ير النووي -وهو ممن يرى نجاسة الخمر- في الآية نصًا على نجاسة الخمر، حيث يقول رحمه الله:
(1)
.
(1179 - 150) رابعًا: ساق ابن جرير الطبري من طريق عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة،
(1)
المجموع (2/ 582).