الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقيل: إن الكلب طاهر العين، وهو قول أبي حنيفة
(1)
، ومذهب المالكية
(2)
، وقول الزهري
(3)
، واختاره داود الظاهري
(4)
.
وقيل: إن الكلب نجس العين، معلمه وغير معلمه، وهو قول أبي يوسف ومحمد ابن الحسن من الحنفية
(5)
، والمعتمد في مذهب الشافعية
(6)
، والحنابلة
(7)
.
•
دليل من قال بطهارة عين الكلب:
الدليل الأول:
من الكتاب قوله تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)[المائدة: 4].
وجه الاستدلال:
أباح الله سبحانه وتعالى الأكل مما أمسكت الكلاب، ولم يأمرنا بغسل المكان
(1)
لا خلاف عند الحنفية في نجاسة لحم الكلب، ولا في نجاسة سؤره، وإنما الخلاف عندهم في نجاسة عينه، فالقول بطهارة عينه هو قول أبي حنيفة، والقول بنجاستها هو قول أبي يوسف ومحمد، وتظهر ثمرة الخلاف فيما لو وقع الكلب في بئر وأخرج حيًا، فعند أبي حنيفة الماء طاهر، وعند صاحبيه الماء نجس.
وكذلك فيما لو انتفض الكلب المبتل بالماء، فأصاب رشاشه ثوب أحد أو بدنه فعلى رواية أبي حنيفة الثوب والبدن طاهران، وعلى رواية صاحبيه أنهما نجسان، وهكذا، انظر البناية (1/ 367، 435)، فتح القدير (1/ 93 - 102)، البحر الرائق (1/ 106 - 108)، حاشية
ابن عابدين (1/ 208)، بدائع الصنائع (1/ 63).
(2)
المدونة (1/ 5، 6)، الاستذكار (1/ 208، 211)، والتمهيد (18/ 271، 272)، الشرح الكبير بحاشية الدسوقي (1/ 50)، الجامع لأحكام القرآن (13/ 45).
(3)
المجموع (2/ 585).
(4)
المجموع (2/ 585)، الاستذكار (1/ 211)، حلية العلماء (1/ 313).
(5)
انظر الإحالة على مذهب الحنفية في القول الأول.
(6)
الأم (1/ 5، 6)، الوسيط (1/ 309، 338)، المجموع (2/ 585)، روضة الطالبين (1/ 31)، مغني المحتاج (1/ 78).
(7)
الفروع (1/ 235)، الكافي لابن قدامة (1/ 89)، المحرر (1/ 87)، الإنصاف (1/ 310)، رؤوس المسائل (1/ 89).
الذي أمسكته معه، مع أنه لا يخلو من التلوث بريق الكلب، ولو كان نجسًا لأمرنا بغسله، ولنقل عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم غسله.
• وأجيب:
بأن الحنابلة يوجبون غسل ما أصاب فم الكلب من الصيد، قال البهوتي: ويجب غسل ما أصاب فم الكلب؛ لأنه موضع أصابته نجاسة، فوجب غسله كغيره من الثياب والأواني
(1)
.
وقال النووي في المجموع: «لنا خلاف معروف في وجوب غسل ما أصاب الكلب، فإن لم نوجبه فهو معفو عنه للحاجة والمشقة في غسله بخلاف الإناء»
(2)
.
وبناء عليه فهناك قول في مذهب الشافعية وهو المشهور من مذهب الحنابلة بوجوب غسل ما أصابه فم الكلب، وإذا قلنا بالوجوب فلا طريق إلى إلزامنا بعدم الغسل.
• ورد عليهم:
بأن اعتراض المالكية والحنفية بعدم وجود أمر من الشارع بغسل ما أصاب فم الكلب، وهذا حق، فليس هناك أمر، أما كونه يوجد قول بوجوب الغسل فهذا لم نتعرض له، ولم ندع أن المسألة إجماع، إلا أن يقال: عدم الأمر اكتفاء بعموم أدلة تطهير المتنجس.
ويمكن أن يجاب عن هذا بأن الآية دليل عام على جواز أكل صيد الكلب المعلم للحاجة إلى ذلك، وليس في الآية ما يدل على طهارة الكلب، بل قد وردت أدلة أخرى بينت نجاسة الكلب، كحديث: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم
…
) وغيره من الأحاديث، فهذا دليل خاص تحمل عليه الأدلة العامة، كالآية ونحوها، والله أعلم.
(1)
كشاف القناع (6/ 224).
(2)
المجموع (2/ 585).