الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: يكفي فيه النضح، وهو رواية عن أحمد، وأحد القولين للإمام إسحاق
(1)
، ورجحه ابن تيمية، وابن القيم
(2)
.
•
دليل من قال: يجب غسل المذي:
(1232 - 203) ما رواه مسلم من طريق الأعمش، عن منذر بن يعلى ويكنى أبا يعلى، عن ابن الحنفية،
عن علي قال: كنت رجلًا مذاءً، وكنت أستحيي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود، فسأله، فقال: يغسل ذكره ويتوضأ. ورواه البخاري بنحوه
(3)
.
والثوب مقيس على البدن، فإذا كان البدن يجب غسل المذي منه، فكذلك يجب في الثوب، والله أعلم.
•
دليل من قال: يكفي فيه النضح:
(1233 - 204) ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا محمد ابن إسحاق، عن سعيد بن السباق، عن أبيه،
عن سهل بن حنيف، قال: كنت ألقى من المذي شدة، فكنت أكثر الغسل منه، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنما يكفيك من ذلك الوضوء. قال: قلت: يا رسول الله فكيف ما يصيب ثوبي؟ قال: إنما يكفيك كف ماء تنضح به من ثوبك حيث ترى أنه أصاب
(4)
.
[سبق تخريجه]
(5)
.
(1)
سنن الترمذي (ح 115).
(2)
تهذيب السنن (1/ 148، 149)، إعلام الموقعين (4/ 277، 278)، بدائع الفوائد (3/ 119، 120) و (4/ 88).
(3)
صحيح مسلم (303)، وصحيح البخاري (269).
(4)
المصنف (7/ 320)
(5)
في نجاسة المذي، ح (1126)، وانظر ح (378).
• وأجيب عن ذلك:
بأن المراد بالنضح هو الغسل؛ لأن النضح لفظ مشترك بين الغسل وبين الرش، وإذا كان يجب غسل المذي من الذكر، وتَعَرُض الذكر للمذي أكثر من تعرض الثياب؛ لأنه يخرج أصلًا منه، ومع ذلك نص على غسله، فكذلك الثوب يجب فيه الغسل، لأن البلوى بالبدن أكثر منه بالثياب.
• والدليل على أن النضح يراد به الغسل:
(1234 - 205) ما رواه مسلم في صحيحه، قال: عن علي بن أبي طالب أرسلنا المقداد بن الأسود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن المذي يخرج من الإنسان كيف يفعل به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: توضأ، وانضح فرجك
(1)
.
وقد رواه البخاري بلفظ: توضأ، واغسل ذكرك
(2)
.
وفي رواية لمسلم: «يغسل ذكره ويتوضأ»
(3)
.
فأطلق النضح على الغسل.
(1235 - 206) وروى البخاري من طريق هشام، قال: حدثتني فاطمة عن أسماء، قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت:
أرأيت إحدانا تحيض في الثوب، كيف تصنع. قال: تحته، ثم تقرصه بالماء، وتنضحه، وتصلي فيه. ورواه مسلم
(4)
.
قال الحافظ: (تنضحه) قال الخطابي: أي تغسله.
وقال القرطبي: المراد به الرش؛ لأن غسل الدم استفيد من قوله: «تقرصه بالماء» .
(1)
مسلم (303).
(2)
البخاري (269).
(3)
مسلم (303).
(4)
البخاري (227)، ومسلم (291).
وأما النضح فهو لما شكت فيه من الثوب.
قال الحافظ: فعلى هذا فالضمير في قوله: تنضحه يعود على الثوب، بخلاف تحته فإنه يعود على الدم، فيلزم منه اختلاف الضمائر، وهو على خلاف الأصل، ثم إن الرش على المشكوك فيه لا يفيد شيئًا؛ لأنه إن كان طاهرًا فلا حاجة إليه، وإن كان متنجسًا لم يطهر بذلك، فالأحسن ما قاله الخطابي
(1)
.
وقال ابن الأثير: قد يَرِد النضح بمعنى الغسل والإزالة، ومنه الحديث: نضح الدم عن جبينه
(2)
.
(1236 - 207) قلت: الحديث قد رواه مسلم من طريق الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال:
كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه، فهو ينضح الدم عن جبينه
(3)
.
قال السيوطي في شرحه للحديث: ينضح الدم بكسر الضاد أي يغسله ويزيله
(4)
.
• الراجح:
أن المذي يجب غسله، سواءً كان على الثوب أو على البدن، ويكفي في غسله كف من ماء؛ لأن المذي عادة يكون يسيرًا، فيكفيه الماء اليسير، ولفظ النضح مع كونه يراد به الغسل في اللغة، فهو من مفردات محمد بن إسحاق، فإن حملنا النضح على الغسل كان حديثه حسنًا، حيث لم ينفرد بوجوب الغسل، فحديث علي في الصحيحين نص في وجوب الغسل، وإن حملنا النضح على الرش ضعفنا حديث محمد بن إسحاق؛
(1)
الفتح بتصرف يسير (1/ 439).
(2)
النهاية في غريب الحديث (5/ 70).
(3)
رواه مسلم (1972)، وهو في الصحيحين إلا أنه بلفظ:«وهو يمسح الدم عن وجه» .
(4)
الديباج (4/ 402).
لأن الحديث إذا كان أصلًا في الباب، فلا نقبل ما ينفرد به الصدوق، وهذه قاعدة مهمة يغفل عنها بعض المتأخرين ممن له عناية بالتصحيح والتضعيف، وقد نبه عليها
ابن رجب في كتابه العظيم شرح علل الترمذي، والله أعلم.
* * *