الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
دليل الجمهور:
(1060 - 31) ما رواه مالك، عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة، عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك -وكانت تحت ابن أبي قتادة الأنصاري- أنها أخبرتها:
أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءًا، فجاءت هرة لتشرب منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت قالت كبشة: فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ قالت: فقلت: نعم، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست بنجس؛ إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات
(1)
.
= وأخرجه ابن عدي (5/ 252) من طريق مسكين الحذاء، عن عيسى به.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه، وعيسى بن المسيب تفرد به عن أبي زرعة، إلا أنه صدوق، ولم يجرح قط. اهـ
قلت: روى الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: عيسى بن المسيب ضعيف الحديث، ليس بشيء. الجرح والتعديل (6/ 288).
وقال أبو حاتم الرازي: محله الصدق ليس بالقوي، قيل: هو أحب إليك أم بكير بن عامر؟ قال: بكير أثبت عندي. المرجع السابق.
وقال أبو زرعة: شيخ ليس بالقوي. المرجع السابق.
قال النسائي: ضعيف. الضعفاء والمتروكين للنسائي (424).
وقال الدارقطني: ضعيف. لسان الميزان (4/ 405)، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (2/ 242).
وقال أبو داود: هو قاضي الكوفة ضعيف. لسان الميزان (4/ 405).
وذكره العقيلي في الضعفاء (3/ 386)، وقال: لا يتابعه إلا من هو مثله أو دونه.
وفي العلل لابن أبي حاتم (1/ 44): قال أبو زرعة: لم يرفعه أبو نعيم، وهو أصح، وعيسى ليس بالقوي. اهـ
أطراف المسند (8/ 127)، إتحاف المهرة (20337، 20338).
(1)
الموطأ (1/ 44).
[صحيح]
(1)
.
(1)
في إسناده حميدة بنت عبيد بن رفاعة، روى عنها زوجها إسحاق بن عبد الله وابنها يحيى بن إسحاق، وذكرها ابن حبان في الثقات (6/ 250).
وفي التقريب: مقبولة أي إن توبعت وإلا فلينة الحديث.
وكبشة بنت كعب بن مالك، لم يرو عنها إلا حميدة، وذكرها ابن حبان في الثقات (5/ 344).
على أن كبشة قد ذكر ابن حبان في ثقاته ونقله أبو موسى المديني عن جعفر أنها صحابية، انظر الثقات (3/ 357)، و (5/ 344)، كما ذكر ذلك ابن سعد أيضًا في طبقاته (8/ 351).
وقد جاء في سنن البيهقي (1/ 245): «قال أبو عيسى سألت محمدًا يعني: ابن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: جود مالك بن أنس هذا الحديث، وروايته أصح من رواية غيره» . وكلمة (أصح) قد لا تدل على الصحة.
وصححه أيضًا الترمذي، قال في السنن (1/ 153):«هذا حديث حسن صحيح، وهذا أحسن شيء روي في هذا الباب، وقد جود مالك هذا الحديث عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ولم يأت أحد أتم من مالك» .اهـ
وقال العقيلي في الضعفاء (2/ 142): «إسناده ثابت صحيح» .
وقال الدارقطني في العلل (6/ 163) بعد أن ساق الاختلاف في إسناده: «ورفعه صحيح، ثم قال: وأحسنها إسنادًا ما رواه مالك عن إسحاق، عن امرأته، عن أمها، عن أبي قتادة، وحفظ أسماء النسوة وأنسابهن، وجود ذلك ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم» .اهـ
وصححه ابن خزيمة وابن حبان حيث ذكراه في صحيحيهما كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
كما صححه ابن عبد البر في التمهيد (1/ 324).
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه على ما أصلاه في تركه، غير أنهما قد شهدا جميعًا لمالك بن أنس أنه الحكم في حديث المدنيين، وهذا الحديث مما صححه مالك، واحتج به في الموطأ» . ولم يتعقبه الذهبي.
وقال البيهقي: إسناده صحيح كما في تلخيص الحبير (1/ 54)، وصححه النووي في المجموع (1/ 168، 225)، وابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (21/ 42).
وأعله ابن منده، قال ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 234):«وأما أبو عبد الله بن منده فإنه أخرج هذا الحديث من رواية مالك في الموطأ، ثم ذكر اختلاف رواياته، وقال: أم يحيى اسمها حميدة، وخالتها كبشة، ولا يعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث، ومحلها محل الجهالة، ولا يثبت هذا الخبر من وجه من الوجوه، وسبيله سبيل المعلول» .اهـ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فتعقبه ابن دقيق العيد بقوله: «إذا لم تعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث، فلعل طريق من صححه أن يكون اعتمد على إخراج مالك لروايتهما مع شهرته بالتشدد، نقلت من خط الحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي وروايته من سؤالات أبي زرعة، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا روى مالك عن رجل لا يعرف، فهو حجة.
قال ابن دقيق العيد: فإن سلكت هذا الطريق في تصحيح هذا الحديث (أعني: الاعتماد على تخريج مالك له) وإلا فالقول ما قال ابن منده، وقد ترك الشيخان إخراجه في صحيحيهما». انظر البدر المنير (2/ 342، 343).
ورد ابن الملقن كلام ابن منده، في خلاصة البدر المنير (1/ 20): وتعجب من الشيخ تقي الدين كيف تابع ابن مندة على هذه المقولة، وقال في البدر المنير: «قال شيخنا الحافظ أبو الفتح ابن سيد الناس اليعمري: بقي على ابن مندة أن يقول: ولم يعرف حالهما من جارح، فكثير من رواة الأحاديث مقبولون.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 342 - 346): «استبعد كل البعد توارد الأئمة المتقدمين على تصحيح هذا الحديث مع جهالتهم بحال حميدة وكبشة، فإن الإقدام على التصحيح -والحالة هذه- لا يحل بإجماع المسلمين، فلعلهم اطلعوا على حالهما، وخفي علينا» .اهـ
قلت: بل هذا يفصح عن منهج الأئمة، وأن مجهول الحال ليس مردودًا مطلقًا.
قال الذهبي في ميزان الاعتدال (ترجمة: 2112) في ترجمة حفص بن بغيل: قال ابن القطان: لا يعرف له حال، ولا يعرف. فتعقبه الذهبي بقوله: لم أذكر هذا النوع في كتابي هذا؛ فإن ابن القطان يتكلم في كل من لم يقل فيه إمام عاصر ذاك الرجل أو أخذ عمن عاصره ما يدل على عدالته، وهذا شيء كثير ففي الصحيحين من هذا النمط خلق كثير مستورون، ما ضعفهم أحد ولا هم بمجاهيل».اهـ
وقال في ترجمة مالك بن الخير: قال ابن القطان: هو ممن لم تثبت عدالته، فتعقبه الذهبي بقوله: يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة، وفي رواة الصحيحين عدد كثير ما علمنا أن أحدًا نص على توثيقهم، والجمهور على أن من كان من المشايخ، قد روى عنه جماعة، ولم يأت بما ينكر عليه، أن حديثه صحيح».اهـ
قلت: فإذا أضيف إلى ذلك تصحيح هؤلاء الأئمة لحديث حميدة وكبشة، فكيف يضعف الحديث بهما.
وقال ابن سعد كما في الطبقات (8/ 351): أسلمت كبشة، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= [تخريج الحديث].
الحديث أخرجه مالك في الموطأ كما علمت من إسناد الباب، ومن طريق مالك أخرجه عبد الرزاق في المصنف (353)، والشافعي في المسند (ص: 9)، وفي الأم (1/ 6)، وابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 36) رقم 325، و (7/ 308) رقم 36348، وأحمد في مسنده (5/ 303)،
وأبو داود (75)، والترمذي (92)، والنسائي (68، 340)، وابن ماجه (367)، والدارمي (736)، وابن الجارود (60)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 18، 19)، وفي شرح مشكل الآثار (3/ 370)، وابن خزيمة (104)، وابن حبان (1299)، والدارقطني (1/ 70)، والحاكم (567)، والبيهقي (1/ 245).
وقد توبع فيه مالك، تابعه حسين المعلم وهمام بن يحيى.
فقد أخرجه البيهقي (1/ 245) من طريق حسين المعلم، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أم يحيى، عن خالتها بنت كعب، قالت: دخل علينا أبو قتادة .. فذكرت الحديث.
قال البيهقي: أم يحيى هي حميدة، وابنة كعب: هي كبشة بنت كعب.
وقال مثله أبو زرعة وأبو حاتم، انظر علل ابن أبي حاتم (1/ 52).
وأخرجه البيهقي أيضًا (1/ 245) من طريقين عن همام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، قال: حدثتني أم يحيى به.
هكذا روى الحديث مالك، وحسين المعلم، وهمام هذا الحديث بهذا الإسناد:
وخالفهم ابن عيينة، وعلي بن المبارك، وهشام بن عروة.
أما رواية سفيان بن عيينة:
فأخرجها عبد الرزاق (351) عن ابن عيينة، عن إسحاق بن عبد الله، عن امرأة، عن أمها، وكانت عند أبي قتادة مثل حديث مالك.
ورواه الحميدي كما في مسنده (430) عن ابن عيينة، عن إسحاق، قال: سمعت امرأة أظنها امرأة عبد الله بن أبي قتادة يشك سفيان أن أبا قتادة كان يأتيهم فيتوضأ عندهم فيصغي الإناء للهر، فيشرب، فسألناه عن سؤرها فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنها ليست بنجس، فقال: إنها من الطوافين والطوافات عليكم.
فأسقط ابن عيينة حميدة.
وأخرجه عبد الرزاق (352) عن ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن إسحاق، عن امرأة، عن أمها، وكانت تحت أبي قتادة أن أمها أخبرتها أن أبا قتادة زارهم، وذكر نحو حديث مالك، وهذه موافقة لرواية عبد الرزاق عن ابن عيينة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقولهما: عن أمها: تطلق الأم أحيانًا على الخالة، فإن صح الحمل كانت رواية هشام ورواية ابن عيينة من رواية عبد الرزاق عنه موافقة لرواية مالك وإلا كان هذا الخطأ من قبل هشام وابن عيينة.
وقال الدارقطني في العلل (6/ 160): «ورواه ابن نمير، عن هشام نحو هذا، وقال أبو معاوية: عن هشام، عن إسحاق من بني زريق، عن أبي قتادة، فنقص من الإسناد حميدة امرأة إسحاق.
ورواه عبد الله بن إدريس وعبد الله بن داود الخريبي، عن هشام، عن إسحاق، عن أبي قتادة، لم يذكر بينهما أحدًا.
ورواه وكيع، عن هشام. وعلي بن المبارك، عن إسحاق، عن امرأة عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة، وافق أبا معاوية في روايته عن هشام، ونقص من الإسناد امرأة إسحاق .... وأحسنها إسنادًا ما رواه مالك، عن، إسحاق، عن امرأته، عن أمها، عن أبي قتادة، وحفظ أسماء النسوة وأنسابهن وجود ذلك ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم».اهـ
قال البيهقي «هكذا رواه مالك بن أنس في الموطأ، وقد قصر بعض الرواة فلم يقم إسناده .... » .
وقال ابن عبد البر: «وقد روى هذا الحديث جماعة عن إسحاق كما رواه مالك، منهم همام ابن يحيى، وحسين المعلم، وهشام بن عروة، وابن عيينة، وإن كان هشام وابن عيينة لم يقيما إسناده .... » .
وقال الدارقطني في العلل (6/ 160): «ورواه حماد بن سلمة، عن إسحاق، عن أبي قتادة مرسلًا.
ورواه عبد الله بن عمر، عن إسحاق، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قاله إسماعيل بن عياش عنه ووهم في ذكر أبي سعيد.
وكل هؤلاء رفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه عكرمة وعبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة موقوفًا، ورفعه صحيح، ولعل من وقفه لم يسأل أبا قتادة هل عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أثر أم لا؟ لأنهم حكوا فعل أبي قتادة فحسب
…
».اهـ
انظر مشكورًا: إتحاف المهرة (4098) و (4066)، تحفة الأشراف (12141)، أطراف المسند (7/ 49، 50).
وللحديث شاهدان:
الأول: حديث عائشة.
أخرجه إسحاق بن راهوية في مسنده (460)، قال: أخبرنا عبد العزيز بن محمد، أخبرنا داود بن صالح التمار، عن أمه، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن عائشة أنها قالت في الهرة: إنما هي من الطوافين عليكم، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها.
وأخرجه أبو داود (76)، وأبو عبيد في كتاب الطهور (207)، والطحاوي في مشكل الآثار (2653، 2654)، والطبراني في الأوسط (364)، والدارقطني (1/ 70)، والبيهقي في السنن (1/ 246)، وفي الخلافيات (3/ 99)، من طرق كثيرة عن عبد العزيز بن محمد به.
وفي إسناده أم داود بن صالح، لم يرو عنها إلا ابنها، ولم يوثقها أحد، فهي مجهولة العين.
ومع ذلك فقد اختلف في وقفه ورفعه:
قال الدارقطني في السنن (1/ 70): «رفعه الدراوردي، عن داود بن صالح، ورواه عنه هشام ابن عروة، ووقفه على عائشة» .اهـ
قال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 360) بعد أن نقل كلام الدارقطني: «قلت: قال أحمد في داود ابن صالح: لا أعلم به بأسًا، فإذًا لا يضر تفرده، لكن أمه مجهولة لا يعلم لها حال، ولهذا قال البزار: لا يثبت من جهة النقل، وقال الدارقطني في علله: اختلف في هذا الحديث فرفعه قوم، ووقفه آخرون، واقتضى كلامه أن وقفه هو الصحيح» . اهـ
وقال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (7/ 74): «تأملنا هذا الحديث فوجدناه يرجع إلى أم داود بن صالح، وليست من أهل الرواية التي يؤخذ مثل هذا عنها، ولا هي معروفة عند أهل العلم» .اهـ
ورواه الدارقطني من طريق عبد ربه بن سعيد، عن أبيه، عن عروة بن الزبير،
عن عائشة، أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر به الهر، فيصغي لها الإناء، فتشرب، ثم يتوضأ بفضلها.
قال الدارقطني: عبد ربه: هو عبد الله بن سعيد المقبري، وهو ضعيف. اهـ
وأخرجه البزار في المسند كما في كشف الأستار (275)، ، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (141)، وابن عدي في الكامل (7/)، والخطيب في الموضح (2/ 192) من طريق عبد الله بن سعيد المقبري به.
وعبد الله بن سعيد المقبري ضعيف جدًّا، قال أحمد: منكر الحديث متروك. وقال البخاري: تركوه.
وقال يحيى بن سعيد: جلست إليه مجلسًا فعرفت فيه، يعني الكذب.
وقال النسائي: ليس بثقة. وانظر تنقيح التحقيق (1/ 271).
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 19) من طريق صالح بن حسان، ثنا عروة، به مرفوعًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهذا ضعيف جدًّا، فيه صالح بن حسان، قال أحمد وابن معين: ليس بشيء.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال النسائي: متروك الحديث.
وأخرجه ابن خزيمة (102)، والحاكم (1/ 160)، والدارقطني (1/ 69)، والبيهقي (1/ 246) من طريق محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي، قال: حدثنا سليمان بن مسافع، عن منصور بن صفية، عن أمه،
عن عائشة مرفوعًا: إنها ليست بنجس، هي كبعض أهل البيت.
وصححه الحاكم، وضعفه الذهبي في الميزان (2/ 223)، وقال: لا يعرف، أتى بخبر منكر، وكذا قال في المغني في الضعفاء (2624).
وتعقبه الحافظ في اللسان، فقال: وليس فيه نكارة كما زعم المصنف. اهـ
والحق مع الذهبي والنكارة ليست في متنه، وإنما هي متوجهة إما لتفرد مسافع فيه عن منصور، وإما في رفعه، فقد أورده العقيلي في الضعفاء الكبير (2/ 141) من طريق زهدم بن الحارث، عن عبد الملك بن مسافع الحجي، عن منصور، عن أمه، عن عائشة موقوفًا عليها، ورجح العقيلي وقفه.
ولم أقف على راو يقال له عبد الملك بن مسافع وكنت أخشى أنه تحريف، إلا أن ابن حجر قد نقله في لسان الميزان ولم يتعقبه (3/ 105).
وزهدم بن الحارث ليس بأرجح من عبد الله بن أبي جعفر الرازي.
وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (1/ 269): سليمان بن مسافع لا يعرف، ولم يذكره ابن أبي حاتم في كتابه، وقد ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء، ورواه في ترجمته، وقال: لا يتابع عليه. اهـ
ورواه إسحاق بن راهوية في المسند (1002)، وعبد الرازق (356)، وابن ماجه (368)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 19)، والدارقطني في السنن (1/ 52، 69)، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (142، 143)، من طرق عن حارثة، عن عمرة، عن عائشة مرفوعًا كنت أتوضأ أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء قد أصاب منه الهر قبل ذلك.
هذا لفظ عبد الرزاق.
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 55): هذا إسناد ضعيف، لضعف حارثة بن أبي الرجال.
وبه أعله ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 236)، والحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (1/ 55). =
فاشتمل الحديث على حكمين:
الأول: طهارة عينها، بقوله: إنها ليست بنجس.
الثاني: طهارة سؤرها. ولا يلزم من طهارة الثاني طهارة الأول، لأنه قد يقال: إنه عفي عن السؤر لعلة التطواف، لكن لما قال: إنها ليست بنجس علمنا طهارة عينها، والله أعلم.
= فالخلاصة حديث عائشة رضي الله عنها لا يصح مرفوعًا، ولا موقوفًا.
والحديث في البخاري (250)، ومسلم (319) عن عائشة أنها كانت تغتسل هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، ولم يذكروا إصابة الهرة.
وروى الطحاوي (1/ 19) من طريق خالد بن عمرو الخرساني، قال: حدثنا صالح بن حيان، قال: حدثنا عروة بن الزبير، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصغي الإناء للهرة، ويتوضأ بفضله.
وفي إسناده خالد بن عمرو الخرساني، قال فيه أحمد: ليس بثقة. وقال أحمد: أحاديثه موضوعة.
الشاهد الثاني: حديث أنس.
رواه الطبراني في المعجم الصغير (1/ 227)، وأبو نعيم كما في أخبار أصبهان (2/ 71) من طريق جعفر بن عنبسة، قال: حدثنا عمر بن حفص المكي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين،
عن أنس بن مالك، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض بالمدينة يقال لها: بطحان، فقال: يا أنس اسكب لي وضوءًا، فسكبت له، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته، أقبل إلى الإناء، وقد أتى هر، فولغ في الإناء، فوقف له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقفة حتى شرب، ثم توضأ، فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الهر، فقال: يا أنس إن الهر من متاع البيت، لن يقذر شيئًا، ولن ينجسه.
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن جعفر إلا عمر بن حفص، ولا روى علي بن الحسين عن أنس حديثًا غيره. اهـ
وفيه جعفر بن عنبسة قال الحاكم: قال الدارقطني: يحدث عن الضعفاء، ليس به بأس.
وقال البيهقي في الدلائل في إسناده هو فيه: إسناد مجهول. اللسان (2/ 461).
وقال ابن القطان: لا يعرف.
وعمر بن حفص، قال الذهبي في الميزان: لا يدرى من ذا (3/ 190).
وضعفه الحافظ ابن حجر في الدراية (1/ 62).
إلا أن الحنابلة أخذوا من طهارة الهرة أن ما كان مثلها فما دون في الخلقة فهو طاهر، وكأن الحكم علق في حجم الحيوان، وليس لعلة التطواف، والحديث صريح بأنها أعطيت الهرة حكم الطهارة لمشقة التطواف لا غير، ولم ينظر إلى حجم الهرة، فقد يقاس على الهرة كل حيوان محرم الأكل يشق التحرز منه، سواءً كان في حجم الهرة أو أكبر أو أصغر؛ لأن الحجم لا يؤثر في الطهارة والنجاسة، وقد يحكم على حيوان أصغر حجمًا من الهرة بأنه نجس، إذا كان محرم الأكل، ولم يشق التحرز منه.
فتعليق الحكم بحجم الحيوان فيه محذوران:
الأول: إهمال العلة التي نصَّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم: وهي علة التطواف.
الثاني: إعمال علَّة لم ينص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو حجم الهرة. وعليه فالمشقة هي علَّة الحكم لا غير، والله أعلم.
* * *