الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثاني ذكر العلة التي أوجبت التفريق بين بول الغلام والجارية
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• لم تكشف النصوص الشرعية علة في التفريق بين بول الجارية والغلام.
• ما استثني من الأشياء مما لا يفهم معناه لا يقاس عليه.
• طريقة التطهير متلاقاة من الشرع، كغسل بول الجارية دون الغلام، ووجوب الغسل من المني والحيض دون البول والمذي، وإيجاب أربعة شهداء في الزنا دون القتل، ومثله كثير.
• العلة المستنبطة بالاجتهاد ليست بمنزلة العلة المنصوصة؛ لأن الاجتهاد يخطئ ويصيب.
• طلب العلة ينبغي أن يكون مقصورًا على ما يفيد من تعدي الحكم إلى غيره مما يلحقه القياس.
[م-496] من المقطوع به أن الشارع لا يفرق بين متماثلين، ولا يجمع بين
متفرقين، فإذا فرَّق الشارع بين متشابهين فإن هناك علة أوجبت مثل ذلك، وقد تعلم العلة، وقد لا تعلم، والعقول قاصرة عن إدراك علل جميع الأحكام، فالله سبحانه وتعالى حكيم، ولا يأمر ولا ينهى إلا لحكمة، وإن كان طلب العلة ينبغي أن يكون مقصورًا على ما يفيد من تعدي الحكم إلى غيره مما يلحقه القياس، وإلا فالتسليم للنص الشرعي هو طريق المؤمنين:(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)[الأحزاب: 36].
(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا)[النور: 51].
ولا يعارض المؤمن النص بعقله فيهلك، ويكون حاله كحال إبليس الذي قال معترضًا على أمر ربه:(أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)[ص: 76].
وقد اختلف العلماء في تلمس تلك العلة، فمنهم من أرجع ذلك إلى طبيعة بول الأنثى، وأنه يختلف عن بول الذكر فيرى بعضهم أن بول الأنثى أنتن رائحة وأثقل من بول الذكر، ولذلك أمر بغسله دون بول الغلام.
(1104 - 75) ومما يدخل في هذا ما ذكره أبو الحسن بن سلمة قال: حدثنا أحمد ابن موسى بن معقل، حدثنا أبو اليمان المصري قال: سألت الشافعي عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: يرش من بول الغلام، ويغسل من بول الجارية، والماءان جميعًا واحد؟ قال: لأن بول الغلام من الماء والطين، وبول الجارية من اللحم والدم، ثم قال لي: فهمت؟ أو قال: لقنتَ؟ قال: قلت: لا، قال: إن الله تعالى لما خلق آدم خلقت حواء من ضلعه القصير، فصار بول الغلام من الماء والطين، وصار بول الجارية من اللحم والدم، قال: قال لي: فهمت؟ قلت: نعم. قال: نفعك اللَّه به.
رواه أبو الحسن بن سلمة في زوائده على ابن ماجه، كما في «سنن ابن ماجه»
(1)
.
• وقد يناقش:
بأن هذا الفرق ليس خاصًّا بالصبي، وإنما يصدق حتى في حق الرجل، ولا فرق بينه وبين بول الأنثى.
ومنهم من أرجع ذلك إلى طريقة خروج البول فبول الغلام يخرج بقوة فينتشر فيشق غسله، ولذلك تسومح فيه، أما بول الأنثى فيكون مجتمعًا فيسهل غسله.
ومنهم من أرجع ذلك إلى أن نفوس الناس تميل إلى الغلمان، فتحمله أكثر من غيره، فيكثر منهم التبول، ويشق عليهم غسله.
والأخيران قريبان؛ لأن العلة فيهما المشقة، وهي معتبرة شرعًا في تخفيف النجاسة، بل وفي العفو عنها كليًا، كما سيأتي أمثلة ذلك إن شاء الله تعالى عند الكلام على النجاسة المعفو عنها.
والذي أميل إليه أن هذه المسألة مستثناة، وغير معقولة المعنى فلا يقاس عليها غيرها، كما خصت نجاسة الكلب بالتطهير بالتسبيع والتتريب.
* * *
(1)
سنن ابن ماجه (1/ 175).