الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث أن يزول تغير الماء بإضافة ماء آخر عليه
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• ورود الماء الطهور على الماء النجس للتطهير بمنزلة ورود الماء الطهور على الأعيان المتنجسة للتطهير.
[م-570] إذا زال تغير الماء النجس بإضافة ماء آخر، فهل يطهر؟ اختلف العلماء في ذلك،
القول الأول: مذهب المالكية:
ذهب المالكية إلى أن الماء يطهر مطلقًا بإضافة ماء آخر عليه، ولا يشترط أن يكون الماء المضاف قلتين، وإنما يشترط أن يزول تغيره بنفسه، وأن يكون الماء المضاف ماء مطلقًا: أي ليس ماء نجسًا، ولا ماء طاهرًا غير مطهر. وهذا مذهب المالكية
(1)
.
القول الثاني: مذهب الشافعية:
قالوا: إن كان الماء قلتين فأكثر فإنه يطهر بإضافة ماء آخر عليه، سواءً كان المضاف
(1)
الخرشي (1/ 80، 81)، منح الجليل (1/ 42، 43)، حاشية الدسوقي (1/ 46، 47)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 41، 42).
طاهرًا أم نجسًا، قليلًا أم كثيرًا، صب عليه الماء أو نبع فيه، فإذا زال تغيره طهر.
وإن كان الماء دون القلتين فيكون تطهيره بأن يزول تغيره بإضافة ماء آخر عليه حتى يبلغ قلتين، حتى ولو كان المضاف نجسًا، ما دام أنه إذا بلغ الماء قلتين فقد زال تغيره، فإنه يطهر.
وأما إذا أضيف إليه ماء دون القلتين، ففيه وجهان عندهم:
الوجه الأول: يكون طاهرًا غير مطهر.
لماذا كان طاهرًا، وقد لاقى النجاسة، وهو قليل؟
قالوا: لأن الماء القليل إنما ينجس بالنجاسة إذا وردت عليه، أما إذا ورد الماء على النجاسة كما هو الحال هنا فلا ينجس.
ولماذا إذًا لا يكون طهورًا؟
قالوا: لأنه ماء استعمل في إزالة النجاسة.
الوجه الثاني: قالوا لا يطهر، لأنه ماء استعمل في إزالة النجاسة، فيبقى نجسًا
(1)
.
القول الثالث: مذهب الحنابلة.
أن يكون الماء دون القلتين، وفي هذه الحال إما أن تكون نجاسته بالتغير، أو بالملاقاة ولو لم يتغير.
فيشترط لتطهير الماء المتنجس بالملاقاة شرط واحد، هو أن تضيف إليه قلتين من الماء الطهور، وبالتالي يصبح طهورًا فإن أضفت إليه دون القلتين لم يطهر.
التعليل: لأن الماء القليل لا يدفع النجاسة عن نفسه، فكيف يدفعها عن غيره؟ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر:«إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث»
(2)
.
(1)
مغني المحتاج (1/ 22، 23)، روضة الطالبين (1/ 20، 21)، شرح زبد ابن رسلان (ص: 1/ 28، 29)، المهذب (1/ 7).
(2)
سبق الكلام عليه، انظر المجلد الأول (ح: 79)، وأنه حديث صحيح.
لو قال قائل: لنفرض أن الماء المتنجس بالملاقاة قلة واحدة، فأضفت إليها قلة أخرى، حتى أصبح الماء قلتين، فهل يطهر؟
أكثر الأصحاب على أنه لا يطهر، وهو المشهور من المذهب، وحكى بعضهم وجهًا بالتطهير، وصوبه صاحب الإنصاف.
وإن كانت نجاسة الماء القليل أو الكثير بالتغير ففي هذه الحالة تضيف إليه قلتين من الماء الطهور، ثم تنظر هل زال التغير أم بقي؟ فإن زال فقد طهر، وإن لم يزل فإنك تضيف إليه حتى يذهب تغيره.
أما إذا أضفت إليه دون القلتين فإن الماء يكون نجسًا، حتى ولو زال تغيره، وهذا هو المذهب.
وقيل: يكون طهورًا حتى على قواعد المذهب، أو القائلين بالنجاسة ولو لم يتغير، قالوا: لأن الماء إنما ينجس بالنجاسة إذا كانت واردة عليه وهنا قد ورد الماء على النجاسة.
ولو قلنا بنجاسة الماء هنا لقلنا بنجاسة الماء إذا صب على ثوب نجس، إلا أن يكون قلتين، ولما كان الدلو مطهرًا لبول الأعرابي، لأنه بالتأكيد ليس قلتين ولا حتى قلة، بل إن هذا أولى من تطهير الخمر القليل الذي استحال إلى خل فطهر.
وهذه الطريقة في تطهير الماء عند الحنابلة رحمهم الله إذا كان تنجيس الماء بالتغير، سواءً كان قليلًا أم كثيرًا، ما لم تكن النجاسة بول آدمي أو عذرته المائعة، فإن كانت النجاسة بول آدمي أو عذرته المائعة وكانت النجاسة لم تغير الماء، وكان لا يشق نزحه، فإن تطهيره بإضافة ما يشق نزحه، فيطهر بذلك.
وإن كانت نجاسة الماء بالتغير، فإنه يضيف إليه ما يشق نزحه، بشرط زوال التغير، فإن زالت فقد طهر، وإلا فيضيف إليه حتى يزول أثر النجاسة
(1)
.
(1)
الإنصاف (1/ 66)، الكافي (1/ 10)، كشاف القناع (1/ 38).