الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي دار قوم من الأنصار، ودونهم دار قال: فشق ذلك عليهم فقالوا: يا رسول الله سبحان الله تأتي دار فلان، ولا تأتي دارنا قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأن في داركم كلبًا، قالوا: فإن في دارهم سنورًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن السنور سبع
(1)
.
[ضعيف وسبق تخريجه في طهارة الهر]
(2)
.
وجه الاستدلال:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم فرق بين الهر والكلب، فدل على نجاسة الكلب كما دل على طهارة الهر.
• وأجيب:
بأن الحديث ضعيف، ولم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث أن الهر طاهر حتى يقال بالمفهوم، فيقال: مفهومه أن الكلب نجس، وإنما قال: الهر سبع، والسبع قد يكون طاهرًا وقد يكون نجسًا، وهذه مسألة سوف أبحثها في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى.
الدليل الثالث:
(1067 - 38) ما رواه مسلم في صحيحه من طريق ابن شهاب، عن ابن السباق، أن عبد الله بن عباس، قال:
أخبرتني ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يومًا واجمًا، فقالت ميمونة: يا رسول الله لقد استنكرت هيئتك منذ اليوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن جبريل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني، أما والله ما أخلفني قال: فظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومه ذلك على ذلك ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا، فأمر به فأخرج، ثم أخذ بيده ماء
(1)
المسند (2/ 327).
(2)
انظر حديث رقم (1059) من هذا الكتاب.
فنضح مكانه، فلما أمسى لقيه جبريل فقال له: قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة، قال: أجل، ولكنا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا صورة، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، فأمر بقتل الكلاب حتى إنه يأمر بقتل كلب الحائط الصغير، ويترك كلب الحائط الكبير.
وجه الاستدلال:
بأن النبي صلى الله عليه وسلم نضح مكان الكلب، ولو كان محله طاهرًا لما نضحه؛ لأن فيه إضاعة للمال.
والنضح هنا المقصود به الغسل.
قال ابن الأثير: قد يرد النضح بمعنى الغسل والإزالة، ومنه الحديث: نضح الدم عن جبينه
(1)
.
قال السيوطي في شرحه للحديث: ينضح الدم بكسر الضاد أي يغسله ويزيله
(2)
.
وقال الطحاوي: فقد يجوز أن يكون أراد بالنضح الغسل؛ لأن النضح قد يسمى غسلًا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف مدينة ينضح البحر بجانبها يعني يضرب البحر بجانبها»
(3)
.
• وأجيب:
لو سلم أن النضح مكان الكلب المقصود به الغسل، لكان ذلك مجرد فعل،
(1)
النهاية في غريب الحديث (5/ 70). قلت: الحديث قد رواه مسلم (1972)، قال: حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع ومحمد بن بشر، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه، فهو ينضح الدم عن جبينه. وهو في الصحيحين إلا أنه بلفظ: وهو يمسح الدم عن وجهه.
(2)
الديباج (4/ 402).
(3)
شرح معاني الآثار للطحاوي (1/ 53). وهذا الحديث الذي ذكره الطحاوي ضعيف، انظر تخريجه في المجلد الثامن، ح (1732).
والفعل المجرد لا يدل على الوجوب.
• ويرد عليه:
بأن جبريل لا يخلف وعده وهو واجب عليه من أجل أمر مستحب، بل لأجل أمر واجب.
وقد يقال: سلمنا أن خروج الكلب من البيت كان واجبًا لدخول الملائكة، ولذلك من اقتنى كلبًا من غير حاجة نقص من أجره كل يوم قيراط، لكن النضح لم يدل الحديث على وجوبه، فربما كان خروج الكلب كافيًا، ولكن الرسول إنما نضحه طلبًا للكمال، وطلب الكمال ليس فيه إضاعة للمال، فتأمل.
• الراجح:
بعد استعراض أدلة الأقوال نجد أن القول بنجاسة الكلب قول قوي جدًّا، ونجاسة لسان الكلب ظاهرة في السنة الصحيحة، ولا يوجد فرق بين لسان الكلب وبين سائر أعضائه، بل إن لسان الكلب قد يكون أطهر من سائر أعضائه، فإذا حكمنا بنجاسة فم الكلب حكمنا بنجاسة سائر الأعضاء ولا بد، والله أعلم.
* * *