الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس في حكم الطهارة من النجاسة
الفصل الأول في حكم إزالة النجاسة
[م-538] لما تبين حكم الأعيان النجسة من الإنسان والحيوان والجماد، ومن الحي والميت، ومن المائع والجامد، ناسب معرفة حكم إزالة النجاسة، فأقول:
يختلف حكم إزالة النجاسة من مسألة إلى أخرى، فهناك عبادات تصح ولو كان الإنسان متلبسًا بالنجاسة، ف-كون العبد يذكر الله لا يجب لذلك الطهارة من النجاسة، فيمكن للإنسان أن يذكر الله على أي حال من أحواله.
(1191 - 162) وقد روى مسلم من طريق البهي، عن عروة، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه
(1)
.
وهذه الحائض قد اجتمع في حقها عدم الطهارة من الحدث والخبث، ومع ذلك لم تمنع من ذكر الله.
(1)
صحيح مسلم (117).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة حين حاضت: افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري
(1)
.
وقوله: (افعلي ما يفعل الحاج) دخل فيه جميع ما يفعله الحجاج من ذكر الله، فهي تقف بعرفة، وتدعو هناك وتذكر الله، وتقف في المشعر الحرام وتذكر الله هناك، وترمي الجمرات، وتذكر الله بعد رمي الجمرة الأولى والوسطى، فهي ليست ممنوعة من ذكر الله.
(1192 - 163) وروى البخاري من طريق عاصم، عن حفصة،
عن أم عطية قالت: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد، حتى تخرج البكر من خدرها، حتى تخرج الحيض، فيكن خلف الناس، فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته.
وهو في مسلم، دون قوله: ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته
(2)
.
كما أنه يصح وضوء الرجل ولو كانت هناك نجاسة على بدنه، فطهارة الخبث لا علاقة لها بطهارة الحدث، وإنما يكون الإنسان مطلوبًا أن يتخلى عن النجاسة إذا كان يريد أن يؤدي عبادة من شرطها أو من واجبها الطهارة من الخبث كالصلاة، وبالتالي يستطيع المسلم أن يمس المصحف ولو كان بدنه أو ثوبه عليه نجاسة ما دام أنه قد توضأ؛ ويستطيع أن يلبس خفيه؛ لأن الطهارة من الخبث ليست شرطًا في مس المصحف، ولا شرطًا في لبس الخف.
وهناك عبادات تجب لها الطهارة من النجاسة قبل التلبس بها وبعض الفقهاء يرى الطهارة شرطًا لصحة العبادة، وذلك في طهارة الثوب والبدن والبقعة في الصلاة، وهذا ما سوف يخصص له فصل مستقل إن شاء الله تعالى.
* * *
(1)
صحيح البخاري (305)، ورواه مسلم أيضًا (1211).
(2)
صحيح البخاري (971)، مسلم (890).