الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن الماء أصلًا خلق طهورًا مطهرًا، بخلاف الخمر.
•
دليل من قال: إنه نجس:
الدليل الأول:
قالوا: الأصل في إزالة النجاسة هو الماء المطلق (الماء الطهور) وهذا ما لم يحصل هنا، فيبقى نجسًا، ولو زال تغيره بالنجاسة.
الدليل الثاني:
إذا زال تغير الماء النجس فإنما طهر عن طريق الاستحالة، والاستحالة عندنا غير مطهرة.
وقد سبق بحث مستقل في طهارة الأعيان النجسة بالاستحالة، مع ذكر حجج الفريقين، فارجع إليها غير مأمور.
•
دليل من قال: يكون الماء طاهرًا غير مطهر:
قالوا: لا يكون مثل هذا الماء طهورًا، وقد زالت به النجاسة، ولا يكون نجسًا، وهو ماء كثير غير متغير، قاسوه على الماء القليل إذا كان آخر غسلة زالت بها النجاسة عندهم، فإنه عندهم يكون طاهرًا غير مطهر.
وقد ترجح في بحث سابق أن الماء قسمان: طهور ونجس، ولا يوجد قسم من المياه يكون طاهرًا غير مطهر
(1)
.
الراجح: أن الماء إذا زال تغيره بنفسه فإنه يكون طاهرًا مطهرًا، وإنما حكم عليه بالنجاسة لتغيره بها، وقد زال عنه هذا الوصف، فرجع إلى أصله.
[م-569] هذا خلاف أهل العلم في الماء الكثير إذا زال تغيره بنفسه، وهل يختلف الحكم إذا كان الماء المتغير بنفسه قليلًا؟
الجواب: اختلف أهل العلم في الماء النجس القليل إذا زال تغيره بنفسه:
(1)
انظر كتابي أحكام الطهارة (مجلد المياه والآنية) من هذه السلسلة.
فقيل: إذا وقعت في الأواني أو في الحوض الصغير نجاسة، فلهم في تطهير الماء بشرط زوال تغيره إن وجد ثلاثة أقوال:
فقيل: إذا دخل فيه ماء آخر، وخرج الماء منه طهر، وإن قل إذا كان الخروج حال دخول الماء فيه؛ لأنه بمنزلة الجاري.
وقيل: لا يطهر إلا بخروج ما فيه.
وقيل: لا يطهر إلا بخروج ثلاثة أمثال ما كان فيه من الماء، وسائر المائعات كالماء في القلة والكثرة، وهذا مذهب الحنفية
(1)
.
• تعليل الحنفية:
أن الماء النجس إذا دخل فيه ماء آخر، وخرج الماء منه، وكان خروج الماء حال دخول الماء الجديد فيه؛ أصبح بمنزلة الماء الجاري، والماء الجاري لا ينجس إلا بالتغير.
وقيل: إنه لا يمكن أن يطهر بنفسه، وهو قليل، وهو مذهب المالكية
(2)
، والشافعية
(3)
، والحنابلة
(4)
.
لأن الماء القليل عند الشافعية والحنابلة ينجس مطلقًا إذا لاقى النجاسة ولو لم يتغير، فزوال النجاسة إنما هو شرط في تطهير الماء الكثير، وأما الماء القليل فإنه ينجس بمجرد ملاقاته للنجاسة.
وقد ذكرنا أدلة الجمهور على أن الماء القليل ينجس بمجرد ملاقاته النجاسة، ولو لم يتغير وذلك في المجلد الأول، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، ولله الحمد.
* * *
(1)
تبيين الحقائق (1/ 23)، بدائع الصنائع (1/ 87)، شرح فتح القدير (1/ 81).
(2)
الخرشي (1/ 80، 81)، منح الجليل (1/ 42، 43)، حاشية الدسوقي (1/ 46، 47)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 41، 42).
(3)
المجموع (1/ 183 - 191)، الحاوي (1/ 339)، مغني المحتاج (1/ 22، 23)، روضة الطالبين (1/ 20، 21)، شرح زبد ابن رسلان (ص: 1/ 28، 29)، المهذب (1/ 7).
(4)
الإنصاف (1/ 66)، الكافي (1/ 10)، كشاف القناع (1/ 38)، المغني (1/ 52)، المبدع (1/ 58).