الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث التاسع في الكلام على غسالة النجاسة
مدخل في ذكر الضابط الفقهي:
• غسالة النجاسة ما دامت على المحل فهي ليست نجسة، فلا موجب لإخراجها بالعصر، وكذلك إذا انفصلت غير متغيره على الراجح.
[م-556] الماء المستعمل في إزالة النجاسة قبل أن ينفصل عن المحل فإنه طهور مطلقًا تغير أو لم يتغير؛ لأننا لو قلنا ينجس بمجرد الملاقاة ما طهر المحل أبدًا، ولم يمكنا في هذه الحال تطهير النجاسات إلا بالماء الكثير وهذا فيه حرج
(1)
.
[م-557] وأما إذا انفصل عن المحل فلا يخلو إما أن يتغير بالنجاسة أو لا.
فإن تغير الماء بالنجاسة، فهو نجس بالإجماع، وقد نقلناه عن جماعة من علماء المذاهب في مسألة سؤر سباع البهائم فانظره هناك.
وإن كان الماء المنفصل لم يتغير، وهو ماء قليل، فقد اختلف العلماء في حكمه بناء على اختلافهم في وجوب تكرار الغسل، فبعضهم يرى وجوب تكرار غسل النجاسة
(1)
مطالب أولي النهى (1/ 40).
ثلاثًا، وبعضهم سبعًا، وبعضهم يرى أنه يكفي غسل النجاسة مرة واحدة ما لم تكن نجاسة كلب، وقد ذكرنا أدلة كل قول في مسألة سابقة، وترجح أن العدد لا يشترط في غسل النجاسات إلا نجاسة الكلب للنص عليها من الشارع.
وقد اختلف العلماء في الماء المنفصل عند تطهير هذا المحل المتنجس، وهو ما يسمى بغسالة النجاسة، إذا انفصل عن المحل، وهو لم يتغير هل يكون نجسًا أو طاهرًا أو طهورا؟
فقيل: الماء المنفصل من غسل النجاسة الحقيقية من الغسلة الأولى حتى الغسلة الثالثة نجس، وهذا مذهب الحنفية
(1)
.
وقيل: الماء المنفصل طهور ما لم يتغير بالنجاسة، وهو مذهب المالكية
(2)
، وهو الراجح.
وقيل: يكون طاهرًا غير مطهر، وهو الأصح عند الشافعية
(3)
.
(1)
بدائع الصنائع (1/ 66)، البحر الرائق (1/ 245)، بريقة محمودية (4/ 240)، حاشية
ابن عابدين (1/ 325)، وهذا مبني على وجوب غسل النجاسات الحقيقية ثلاث مرات، وضد الحقيقية الحكمية، وهي طهارة الحدث، فلا يجب فيها العدد، وهذا بناء على قولهم بأن الحدث نوع من النجاسة، وانظر بدائع الصنائع (1/ 87).
(2)
تهذيب المسالك في نصرة مذهب الإمام مالك (1/ 43)، منح الجليل (1/ 72)، القوانين الفقهية (ص: 35 - 36)، الخرشي (1/ 80)، حاشية الدسوقي (1/ 80)، الاستذكار (3/ 259).
(3)
قال النووي في روضة الطالبين (1/ 34): «في غسالة النجاسة إن تغير بعض أوصافها بالنجاسة فنجسة، وإلا فإن كان قلتين فطاهرة بلا خلاف، ومطهرة على المذهب، والله أعلم. وإن كانت دونهما فثلاثة أقوال، وقيل أوجه:
أظهرها: وهو الجديد أن حكمها حكم المحل بعد الغسل، إن كان نجسًا بعد فنجسة، وإلا فطاهرة غير مطهرة.
والثاني: وهو القديم، حكمها حكمها قبل الغسل فتكون مطهرة.
والثالث: وهو مخرج من رفع الحدث، حكمها حكم المحل قبل الغسل فتكون نجسة».اهـ
وقال في المجموع (2/ 544): «والأصح طهارة غسالة النجاسة إذا انفصلت غير متغيرة، وقد
طهر المحل». وانظر شرح زبد بن رسلان (1/ 34). واشترط الشافعية للحكم بطهارة الغسالة شروطًا.
قال العراقي في طرح التثريب (2/ 134): «الصحيح عند أصحابنا طهارة غسالة النجاسة بشرط عدم تغيرها، وبشرط طهارة المحل .... وزاد الرافعي شرطًا آخر، وهو ألا يزداد وزن الغسالة بعد انفصاله على قدره قبل غسل النجاسة به» .اهـ
وقيل: المنفصل من الغسلة الأولى حتى الغسلة السادسة نجس، حتى ولو زالت عين النجاسة في الغسلة الأولى، والمنفصل من الغسلة السابعة طاهر، غير مطهر، والمنفصل من الغسلة الثامنة طهور. وهذا المشهور من مذهب الحنابلة
(1)
.
وقد ذكرت أدلة المسألة في المجلد الأول، فأغنى ذلك عن إعادتها هنا، ولله الحمد.
* * *
(1)
قال أبو الخطاب في الانتصار (1/ 485): يجب العدد في سائر النجاسات سبعًا نص عليه في رواية صالح وحنبل وأبي طالب والميموني. اهـ
وفي مسائل عبد الله لأبيه (1/ 34): «سألت أبي عن الثوب يصيبه البول يجزيه أن يغمسه في الماء، أو لا بد من الدلك؟ فقال: يغسله سبعًا، ويعصره» . وانظر مسائل ابن هانئ (1/ 27) رقم 137، كشاف القناع (1/ 36)، شرح منتهى الإرادات (1/ 102)، الفروع (1/ 238، 239)، الإنصاف (1/ 313)