الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأصنام ليست نجسة، فالنهي عن بيع الخمر جاء معللًا في الحديث: إن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه، ولم يقل: إن الله إذا حرم شيئًا اقتضى نجاسته، وسائر وجوه الانتفاع بها محرم لا لنجاستها، ولأن هناك أشياء نجسة، ولا يحرم الانتفاع بها، ولذلك جاء في الحديث: أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، قال: لا. هو حرام. أي البيع، فجواز الانتفاع بشحوم الميتة لا يسوغ صحة البيع، ولو كانت النجاسة دليلًا على تحريم الانتفاع بها ما جاز الاستصباح بشحوم الميتة وطلي السفن بها ودهن الجلود وغير ذلك من وجوه الانتفاع.
وهذا الكلب نجس، ويباح الانتفاع به في صيد وحراسة ونحوهما.
•
دليل من قال: إن الخمر طاهرة:
الدليل الأول:
النجاسة حكم شرعي يحتاج إلى دليل شرعي، ولم يرد في الشرع نص يقتضي النجاسة الحسية للخمر، والأصل في الأشياء الطهارة، والخمر طاهرة قبل تحريمها، فكذلك بعد تحريمها، والتحريم وحده لا يقتضي النجاسة، ألا ترى إلى السم، فإنه محرم الأكل، ومع ذلك ليس بنجس، وهي مصنوعة من أشياء طاهرة كالعنب ونحوه، وكونه يتخمر ويشتد ويغلي فهذا لا يقتضي النجاسة، فإن اللحم قد ينتن وتتغير رائحته، ومع ذلك لا يقال عنه: إنه نجس.
الدليل الثاني:
(1186 - 157) ما رواه البخاري من طريق ثابت، عن أنس رضي الله عنه، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديًا ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت. قال: فقال لي أبو طلحة: أخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها، فجرت في سكك المدينة. الحديث، والحديث رواه مسلم
(1)
.
(1)
صحيح البخاري (2464)، ومسلم (3662).
وحديث ابن عباس في مسلم في قصة الرجل الذي أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريمها، فأراقها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ذهب ما فيها. وسبق ذكره بتمامه.
وجه الاستدلال:
لو كان الصحابة يعتقدون نجاستها لتحروا لإراقتها أماكن النجاسات، ولنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إراقتها في الشوارع كما نهاهم عن التخلي في الطريق والظل.
(1187 - 158) فقد روى مسلم من طريق العلاء، عن أبيه،
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا اللعانين قالوا وما اللعانان يا رسول الله قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم
(1)
.
• وأجيب عن هذا الاستدلال:
قال القرطبي: «إن الصحابة أراقوا هذا؛ لأنه لم يكن لهم سروب ولا آبار يريقونها فيها، إذ الغالب من أحوالهم أنهم لم يكن لهم كنف في بيوتهم، وقالت عائشة رضي الله عنها إنهم كانوا يتقذرون من اتخاذ الكنف في البيوت،
ونقلها إلى خارج المدينة فيه كلفة ومشقة ويلزم منه تأخير ما وجب على الفور، وأيضًا فإنه يمكن التحرز منها، فإن طرق المدينة واسعة، ولم يكن الخمر من الكثرة بحيث تصير نهرًا يعم الطرق كلها، وإنما جرت في مواضع يسيرة يمكن التحرز عنها، هذا مع ما يحصل في ذلك من فائدة شهرة إراقتها في طرق المدينة ليشيع العمل على مقتضى تحريمها من إتلافها، وأنه لا ينتفع بها، وتتابع الناس وتوافقوا على ذلك، والله أعلم»
(2)
.
(1)
صحيح مسلم (269).
(2)
الجامع لأحكام القرآن (6/ 288).