الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني:
(1102 - 73) ما رواه البخاري من طريق هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان، فيدعو لهم، فأتي بصبي، فبال على ثوبه، فدعا بماء، فأتبعه إياه ولم يغسله. ورواه مسلم
(1)
.
فهذان الحديثان دليلان على أنه يكفي في بول الصبي النضح، وأن الغسل غير واجب لقوله في الحديث: ولم يغسله.
وهذا النضح خاص في بول الصبي، وأما الجارية فيجب غسله،
(1103 - 74) لما رواه أبو داود من طريق عبد الرحمن بن مهدي حدثني يحيى ابن الوليد، حدثني محل بن خليفة،
حدثني أبو السمح، قال: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أراد أن يغتسل قال: ولني قفاك، فأوليه قفاي، فأستره به، فأتي بحسن أو حسين رضي الله عنهما، فبال على صدره، فجئت أغسله فقال: يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام
(2)
.
[حسن]
(3)
.
فأخذوا من الاكتفاء بنضح بول الصبي أن بوله طاهر، إذ لو كان نجسًا لوجب غسله كبول الجارية، بل وكغيره من النجاسات.
والصحيح أنه نجس، فالأمر بنضحه وبإتباع الماء إياه دليل على نجاسته، ولو كان البول طاهرًا لم يكن هناك حاجة إلى تطهيره؛ إذ الطاهر لا يطهر.
(1)
صحيح البخاري (6355)، ومسلم (286).
(2)
سنن أبي داود (376).
(3)
وسوف يأتي تخريجه في كيفية التطهير بالنضح، وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب، وحديث أم الفضل وأم كرز الخزاعية وغيرهم، وقد خرجناها كاملة في كيفية التطهير بالنضح فأغنى عن إعادتها هنا.
قال القرطبي في «المفهم» : والعجب ممن يستدل برش بول الصبي، أو بالأمر بنضحه على طهارته، وليس فيه ما يدل على ذلك؛ وغاية دلالته على التخفيف في نوع طهارته، إذ قد رخص في نضحه ورشه وعفا عن غسله تخفيفًا خص هذا التخفيف الذكر دون الأنثى لملازمتهم حمل الذكران لفرط فرحهم بهم لمحبتهم لهم -والله أعلم-
(1)
.
ولو أخذنا بقاعدة، أن كل ما ثبت التخفيف في طهارته كان طاهرًا لقلنا: بطهارة النعل الذي تصيبه النجاسة، فإن طهارته الدلك بالتراب، ومع ذلك هو نجس قبل الدلك، ولا يجب غسل النعل منها.
ولقلنا بطهارة ذيل المرأة إذا أصابته نجاسة، فإن تطهيره بأن يمر على مكان طاهر، فيطهره ما بعده، ولا يجب غسله، وهو نجس قبل أن يمر على مكان طاهر، وهكذا، فليس التخفيف في طهارة بعض الأماكن دليلًا على طهارتها، بل هي نجسة، وإن خفف الشارع في تطهيرها، وهذا هو الراجح، والله أعلم.
* * *
(1)
المفهم (2/ 644).