الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
في الصلاة مع التلبس بالنجاسة
مدخل في ذكر الضابط الفقهي:
• وجوب الشيء لا يستلزم الشرطية حتى يستلزم انتفاؤه انتفاء المشروط، كما جاء في طهارة الحدث: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ.
[م-539] إذا صلى المصلي، وهو متلبس بالنجاسة، عالمًا بها، قادرًا على إزالتها، فما حكم ذلك، وهل تصح صلاته؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة،
فقيل: إن الطهارة من الخبث شرط في صحة الصلاة، ومن صلى، وهو متلبس بالنجاسة، عالمًا بها قادرًا على إزالتها، فصلاته باطلة.
وهذا مذهب الحنفية
(1)
، والشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
، وقول في مذهب المالكية
(4)
.
وقيل: الطهارة من الخبث سنة، اختاره بعض المالكية
(5)
.
وقيل: إن صلى بالنجاسة ناسيًا أو جاهلًا أو مضطرًا أعاد صلاته في الوقت، وإن صلى عالمًا متعمدًا غير مضطر أعاد أبدًا، وهذا القول هو رواية ابن القاسم، عن مالك رحمه الله
(6)
.
وقيل: تجب الطهارة من النجاسة، فإن صلى بالنجاسة عالمًا متعمدًا فصلاته صحيحة مع الإثم، ويعيد ما دام في الوقت وهو قول في مذهب المالكية
(7)
،
اختاره
(1)
بدائع الصنائع (1/ 79، 114)، الاختيار لتعليل المختار (1/ 45)، تبيين الحقائق (1/ 95)، حاشية ابن عابدين (1/ 402)، البحر الرائق (1/ 281)، فتح القدير (1/ 256).
(2)
قواعد الأحكام في مصالح الأنام (1/ 101)، وقال النووي في المجموع (3/ 139):«مذهبنا أن إزالة النجاسة شرط في صحة الصلاة فإن علمها لم تصح صلاته بلا خلاف، وإن نسيها أو جهلها فالمذهب أنه لا تصح صلاته» .اهـ
(3)
قال ابن قدامة في المغني (1/ 401)«وهو شرط لصحة الصلاة في قول أكثر أهل العلم» . وانظر الإنصاف (1/ 483)،
(4)
مواهب الجليل (1/ 131)، حاشية الدسوقي (1/ 201).
(5)
التاج والإكليل (1/ 188)، حاشية الدسوقي (1/ 201)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 64، 260)، مواهب الجليل (1/ 131).
(6)
التاج والإكليل (1/ 188)، حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني (1/ 333)، الخرشي (1/ 101).
(7)
قال الباجي في المنتقى (1/ 41): «فأما إزالة النجاسة فإن أصحابنا العراقيين اختلفوا فيما حكوا عن مالك في ذلك:
فحكى القاضي أبو محمد في المعونة عن مالك في ذلك روايتين.
إحداهما: أن إزالتها واجبة وجوب الفرائض، فمن صلى بها عامدا ذاكرا أعاد أبدًا، وهو الذي رواه أبو طاهر عن ابن وهب.
والثانية: أنها واجبة وجوب السنن، ومعنى ذلك أن من صلى بها عامدا أثم ولم يعد إلا في الوقت استحبابًا، وهذا ظاهر قولي ابن القاسم.
…
وعلى الوجهين جميعا من صلى بها ناسيا أو غير قادر على إزالتها أجزأته صلاته ويستحب له الإعادة في الوقت.
وذهب القاضي أبو الحسن إلى أننا إن قلنا: إنها واجبة وجوب الفرائض أعاد الصلاة أبدًا من صلى بها ناسيا أو عامدًا.
وإذا قلنا: إنها واجبة وجوب السنن أعاد الصلاة أبدًا من صلى بها عامدا، ومن صلى بها ناسيا أو مضطرًا أعاد في الوقت استحبابًا.
وقال القاضي أبو محمد مثل هذا في شرح الرسالة، وقال في تلقين المبتدئ: إنها واجبة لا خلاف في ذلك من قوله وإنما الخلاف في الإزالة هل هي شرط في صحة الصلاة أم لا، وهذا هو الصحيح عندي إن شاء الله وبالله التوفيق».اهـ وانظر فتح العلي المالك (1/ 112).