الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الخامس في جلد الميتة
مدخل في ذكر الضابط الفقهي:
• قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما إهاب دبغ فقط طهر.
[م-494] اختلف العلماء في جلد الميتة، هل هو نجس أو متنجس يمكن أن يطهر بالدباغ ونحوه، وهل يباح الانتفاع به قبل الدبغ أو بعده؟ فأقول:
اختلف العلماء على قولين:
فقيل: إن جلد الميتة نجس، وليس متنجسًا، وعلى هذا لا يمكن أن يطهره الدباغ، وقبل الدبغ لا ينتفع بالجلد مطلقًا، وهو مذهب مالك
(1)
، والمشهور من مذهب الحنابلة
(2)
.
(1)
حاشية الدسوقي (1/ 54، 55)، التاج والإكليل (1/ 101)، مواهب الجيل (1/ 101)، البيان والتحصيل (1/ 100)، التمهيد (4/ 156، 157) و (1/ 162)، الكافي (ص: 189).
(2)
المبدع (1/ 70)، شرح العمدة (1/ 122)، كشاف القناع (1/ 54)، الإنصاف (1/ 86)، الإقناع (1/ 13)، الفروع (1/ 72)، الكافي (1/ 19)، المغني (1/ 53).
وأما بعد الدبغ فيباح استعماله في يابس عندهما، وفي الماء عند المالكية
(1)
.
وقيل: إن جلد الميتة متنجس، وليس بنجس، وعلى هذا يمكن أن يطهره الدباغ على خلاف بينهم في عين الجلود التي يطهرها الدباغ.
فقيل: الدباغ يطهر جميع الجلود، إلا جلد الإنسان والخنزير، وهو مذهب الحنفية
(2)
.
وقيل: الدباغ يطهر جميع جلود الميتة بما في ذلك جلود ما لا يؤكل لحمه، إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما، وهو مذهب الشافعية
(3)
.
وقيل: الدباغ لا يطهر إلا ما تحله الذكاة، وهو رواية عن مالك
(4)
، واختاره أبو ثور
(5)
، ورجحه بعض الحنابلة كالمجد وابن رزين وابن عبد القوي
(6)
، وابن تيمية
(7)
.
(1)
والفرق بين الماء وبين غيره من السوائل كالعسل واللبن والسمن، قالوا: إن الماء له قوة الدفع عن نفسه لطهوريته، فلا يضره إلا ما غير أحد أوصافه الثلاثة، بخلاف غيره.
(2)
الهداية شرح البداية (1/ 21)، البحر الرائق (1/ 105)، بدائع الصنائع (1/ 85)، تبيين الحقائق (1/ 24)، حاشية ابن عابدين (1/ 203)، المبسوط (1/ 202)، حاشية الطحطاوي (1/ 111).
(3)
الأم (1/ 9) حلية العلماء (1/ 93)، الإقناع للشربيني (1/ 28)، الوسيط (1/ 129)، روضة الطالبين (1/ 41)، المجموع (1/ 275).
(4)
جاء في البيان والتحصيل (1/ 101): «وسئل مالك: أترى ما دبغ من جلود الدواب طاهرًا؟ فقال: ألا يقال هذا في جلود الأنعام، فأما جلود ما لا يؤكل لحمه فكيف يكون طاهرًا إذا دبغ، وهو مما لا ذكاة فيه، ولا يؤكل لحمه» . اهـ
ونقل ابن عبد البر هذا الكلام في الاستذكار (15/ 326). وقال في التمهيد (4/ 182): «وقالت طائفة من أهل العلم لا يجوز الانتفاع بجلود السباع لا قبل الدباغ ولا بعده، مذبوحة كانت أو ميتة، وممن قال هذا القول: الأوزاعي وابن المبارك وإسحاق، وأبو ثور، ويزيد بن هارون» .اهـ
(5)
الاستذكار (15/ 326).
(6)
الإنصاف (1/ 87).
(7)
مجموع الفتاوى (21/ 95).
وقيل: الدباغ يطهر كل حيوان طاهر في الحياة، وهو رواية عن أحمد، واختارها بعض أصحابه، وهو رواية ثانية عن ابن تيمية
(1)
.
وقيل: الدباغ يطهر جميع الجلود حتى جلد الكلب والخنزير، وهو مذهب الظاهرية
(2)
.
فتلخص لنا من هذا الخلاف ما يلي:
قيل: الدباغ لا يطهر مطلقًا.
وقيل: يطهر مطلقًا.
وقيل: يطهر جميع الجلود إلا الكلب والخنزير والإنسان.
وقيل: يطهر ما تحله الذكاة.
وقيل: يطهر ما كان طاهرًا في الحياة، وإن كان محرمًا أكله كالهرة ونحوها.
وأما الانتفاع بالجلود، فقيل:
يباح الانتفاع بالجلود مطلقا، سواءً دبغت أم لا
(3)
.
وقيل: يباح الانتفاع بها بشرط الدبغ.
وقيل: يباح الانتفاع بها في يابس، وقيل: في يابس وماء.
وقد ذكرت أدلة كل قول في هذه المسألة في المجلد الأول من كتاب الآنية، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، ولله الحمد.
* * *
(1)
الإنصاف (1/ 86).
(2)
المحلى (1/ 118)، وذكره مذهبًا لداود الظاهري ابن رشد في البيان والتحصيل (3/ 357)، وعون المعبود (11/ 179).
(3)
هذا القول يراه الإمام الزهري رحمه الله، كما في مصنف عبد الرزاق (1/ 62)، ومسند أحمد (1/ 365)، وأبو داود (4122)، مجموع الفتاوى (21/ 101)، وحكاه ابن تيمية عن بعض السلف.