الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث أقسام النجاسات
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• تقسيم النجاسة تقسيم اصطلاحي راجع تارة إلى ذات النجاسة، وتارة إلى كيفية تطهيرها، ولا مشاحة في الاصطلاح.
• الحكم على شيء بأنه نجس متلقى من الشرع، وأما تطهيره فمعقول المعنى، فمتى زال، أو أزيل بأي مزيل زال حكمه.
[م-469] لما كان الكلام على تقسيم النجاسة إنما هو اصطلاح فقهي، فقد اختلفت المذاهب في تقسيم النجاسات،
فالحنفية: يقسمون النجاسة: إلى حقيقية وحكمية.
فالحقيقية: هي نجاسة الخبث، ويقسمونها إلى مرئية كالدم، وغير مرئية كالبول إذا جفَّ مثلًا.
والحكمية: وهي نجاسة الحدث.
وهذا بناء على مذهبهم في الحدث وأنه نوع من النجاسة، ولذلك فالماء المستعمل
في رفع الحدث نجس عندهم على قول في مذهبهم كما بيناه سابقًا
(1)
.
كما يقسم الحنفية النجاسة إلى مغلظة ومخففة:
فالمغلظة عند أبي حنيفة: ما ورد فيها نص لم يعارض بنص آخر، فإن عورض بنص آخر فمخففة.
مثاله: دم الحيض نجس مغلظ لورود النص على نجاسته، ولم يعارض بنص آخر.
بينما بول ما يؤكل لحمه نجس مخفف؛ لأن حديث: «استنزهوا من البول»
(2)
، يدل على نجاسته، وحديث العرنيين، حيث أذن لهم بشرب أبوال الإبل يدل على طهارته، فلما عورض بنص آخر دل على أن نجاسته مخففة.
وذهب أبو يوسف ومحمد إلى أن النجاسة المغلظة ما أجمع على نجاسته، والمخففة ما اختلف الأئمة في نجاسته.
فروث ما يؤكل لحمه مغلظة عند أبي حنيفة؛ لقوله: إنها ركس
(3)
، ولم يعارض بنص آخر.
والروث عند صاحبيه مخفف لقول مالك وأحمد بطهارته
(4)
.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى تقسيم النجاسة باعتبار كيفية تطهيرها إلى ثلاثة أقسام:
أ - مغلظة: وهي نجاسة الكلب والخنزير وما تولد منهما، فتحتاج إلى التسبيع والتتريب، بخلاف غيرها من النجاسات.
(1)
ذكرنا أدلتهم والجواب عليها في كتاب أحكام الطهارة (المياه والآنية) في بحث الماء المستعمل في رفع الحدث.
(2)
سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى في ذكر خلاف أهل العلم في نجاسة أبوال ما يؤكل لحمها.
(3)
سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى، انظر خلاف أهل العلم في نجاسة بول ما يؤكل لحمه.
(4)
انظر حاشية ابن عابدين (1/ 318)، البحر الرائق (1/ 240).
ب ـ مخففة: وهي طهارة بول الرضيع الذكر، ويكفي في طهارتها النضح.
جـ - متوسطة: وهي سائر النجاسات.
كما قسم الشافعية والحنابلة النجاسة إلى قسمين:
نجس العين: وهي النجاسة التي لا تطهر بحال إلا الخمر، فتطهر بالتخلل.
ونجاسة حكمية: وهي النجاسة الطارئة على محل نجس (وهو ما يسمى بالمتنجس).
وعلى هذا فتكون النجاسة إما نجسًا أو متنجسًا، فالنجس لا يطهر بحال، والمتنجس ما يمكن تطهيره
(1)
.
وقال النووي: الحكمية: هي التي تيقن وجودها ولا تحس كالبول إذا جف على المحل، ولم يوجد له رائحة ولا أثر، فيكفي إجراء الماء على المحل مرة.
وأما العينية: فلا بد من محاولة إزالة ما وجد منها من طعم ولون وريح
(2)
.
وهذه التقاسم هي تقاسيم اصطلاحية كما سبق، تارة ترجع إلى ذات النجاسة، وتارة ترجع إلى كيفية تطهيرها، ولا مشاحة في الاصطلاح، والله أعلم.
* * *
(1)
مغني المحتاج (1/ 83)، روضة الطالبين (1/ 27)، كشاف القناع (1/ 58).
(2)
روضة الطالبين (1/ 28).