الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزيادة ليس من مكارم الأخلاق.
وأما ما رُوي عن أبي سعيد الخدري قال: كانت أُختي تحت رجل من الأنصار. تزوجها على حديقة، فكان بينهما كلام، فارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"تردين عليه حديقته، ويطلقك؟ " قالت: نعم، قال:"ردي عليه حديقته وزيديه" فهو ضعيف.
رواه الدارقطني (3/ 254) من طريق الحسن بن عمارة، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري فذكره.
والحسن بن عمارة كذاب كما قال شعبة. وقال يحيي: يكذب. وشيخه عطية العوفي ضعّفه الثوري، وهشيم، وأحمد، ويحيى وغيرهم.
4 - باب عدة المختلعة
• عن الربيع بنت معوذ بن عفراء أنها اختلعت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أو أُمِرَتْ أن تعتد بحيضة.
صحيح: رواه الترمذي (1185) عن محمود بن غيلان قال: أخبرنا الفضل بن موسى، عن سفيان، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن وهو مولى آل طلحة، عن سليمان بن يسار. عن الرُبيع فذكرته.
قال الترمذي: "حديث الربيع الصحيح: أنها أمرت أن تعتد بحيضة".
ورواه البيهقي (7/ 450) من طريق الفضل بن موسى بإسناده مثله كما رواه أيضا من وجه آخر عن وكيع، عن سفيان بإسناده وجاء فيه:"أنها اختلعت من زوجها، فأُمِرَتْ أن تعتد بحيضة".
قال البيهقي: "هذا أصح، وليس فيه مَن أمرها، ولا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم".
قلت: هذا الترجيح منه بدون مرجع، والفضل بن موسى ثقة ثبت، وذكر أن الآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم لوقوع ذلك في عهده صلى الله عليه وسلم وهذه زيادة يجب قبولها، لا سيما سيأتي حديث عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ما يؤكد صحة ذلك.
وقد سبقه الدارقطني فأشار في العلل (15/ 420 - 421) إلى هذا الاختلاف وقال: "فأُمرت أن تعتد بحيضة وهو الصحيح".
• عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قال: قلت لها: حدِّثِيني حديثك قالت: اختلعتُ من زوجي ثم جئتُ عثمان فسألته: ماذا علي من العدة؟ فقال: لا عدة عليك، إلا أن يكون حديث عهد بك، فتمكثين عنده حتى تحيضين حيضة. قالت: وإنما تبع ذلك قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مريم المغالية، وكانت تحت ثابت بن قيس فاختلعت منه.
حسن: رواه النسائي (3498) وابن ماجه (2058) كلاهما من حديث إبراهيم بن سعد، عن
محمد بن إسحاق قال: حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت فذكره. وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.
وقوله: لا عدة عليك إلا أن يكون حديث عهد بك: أي ليس على المختلعة عدة مثل عدة المطلقة إلا حيضة واحدة للاستبراء إن كانت حديث عهد بالزواج بدخوله عليك، أو بالجماع فتمكثين عنده، وإلا فلا عدة عليك، ولكن يعارض هذا ما جاء في حديث ابن عباس عند أبي داود وغيره أمرها أن تعتد بحيضة. فيحمل هذا على الحكم الغالب بأن قد جامعها، فتعتد بحيضة للاستبراء.
• عن الربيع بنت معوذ بن عفراء أخبرت أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها، وهي جميلة بنت عبد الله بن أُبَيّ، فأتي أخوها يشتكيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى ثابت فقال له:"خذ الذي لها عليك، وخلّ سبيلها" قال: نعم، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتربص حيضة واحدة، فتلحق بأهلها.
صحيح: رواه النسائي (3497) عن أبي علي محمد بن يحيى المروزي، قال: أخبرني شاذان بن عثمان أخو عبدان، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني محمد بن عبد الرحمن، أن الربيع بنت معوذ أخبرته فذكره وإسناده صحيح.
ورواه الدارقطني من وجه آخر عن ابن لهيعة، نا أبو الأسود، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان بإسناده فذكره وفيه متابعة ليحيى بن أبي كثير ومحمد بن عبد الرحمن. ولكن في إسناده ابن لهيعة وفيه كلام معروف.
• عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تعتد بحيضة.
حسن: رواه أبو داود (2229) والترمذي (1185 المكرر) والحاكم (2/ 206) كلهم من طريق هشام بن يوسف، عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
قال الترمذي: "حسن غريب".
وقال الحاكم: "صحيح الإسناد غير أن عبد الرزاق أرسله عن معمر".
وقال أبو داود: "هذا الحديث رواه عبد الرزاق عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
قلت: هشام بن يوسف هو الصنعاني قاضي صنعاء كان ثقة متقنا، قدمه أبو زرعة على عبد الرزاق قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة وسألته عن هشام بن يوسف ومحمد بن نور وعبد الرزاق فقال: كان هشام أصحهم كتابا من اليمانيين.
وقال أبو زرعة مرة أخرى: كان هشام أكبرَهم وأحفظَهم وأتقن.
وقال أبو حاتم: "ثقة متقن".
فمثله لا تضر مخالفة عبد الرزاق له.
وحديث عبد الرزاق في مصنفه (11858) عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة مولى ابن عباس قال: اختلعت امرأةُ ثابت بن قيس بن شماس من زوجها، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عدتَها حيضة.
وفي الإسناد عمرو بن مسلم وهو الجندي اليماني روي له مسلم حديثا. وقال ابن معين في رواية: "لا بأس به" وقال ابن عدي: "ليس له حديث منكر جدًّا". ووثّقه ابن حبان فمثله يحسن حديثه.
وقع الخلاف في اسم زوجة ثابت بن قيس بن شماس فقيل: جميلة بنت سهل وهو الأشهر، وقيل: حبيبة بنت سهل، وقيل جميلة بنت سلول، وقيل زينب بنت عبد الرحمن بن أبيّ، وقيل مريم الغالية، وقيل غير ذلك ظاهره الاضطراب ولكن يمكن حمله على التعدد بأزواج ثابت بن قيس، والاختلاف في اسم المختلعة لا يضر في صحة الحديث.
وأما ما روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخلع تطليقة بائنة فهو ضعيف جدا. رواه الدارقطني (4/ 45 - 46) والبيهقي (7/ 316) كلاهما من حديث رواد بن الجراح، عن عباد بن كثير، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وعباد بن كثير وهو الثقفي البصري قال أحمد: روى أحاديث كذب، وقال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال النسائي:"متروك" وضعّفه البخاري وأبو زرعة والدارقطني والعجلي وغيرهم والخلاصة أنه ضعيف جدًّا، بل و "متروك" كما في "التقريب". وفيه أيضا روّاد بن الجراح ضعَّفه النسائي وقال الدارقطني:"متروك". وقال البيهقي بعد أن تكلم في عباد بن كثير البصري: "وكيف يصح، ومذهب ابن عباس وعكرمة بخلافه" وبمعناه أحاديث لا تصح.
اختلف أهل العلم في عدة المختلعة فقال أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إن عدة المختلعة ثلاث حيض، فإن ظاهر الكتاب في عدة المطلقات يتناول المختلعة وغيرها. وبه قال أحمد وإسحاق وأهل الكوفة.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إن عدة المختلعة حيضة واحدة مستدلين بحديث الربيع بن معوذ.
قال إسحاق بن راهويه: "وإن ذهب ذاهب إلى هذا فهو مذهب قوي" ذكره الترمذي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: من نظر هذا القول وجده مقتضى قواعد الشريعة؛ فإن العدة إنما جعلت ثلاث حيض ليطول زمن الرجعة، ويتروى الزوج، ويتمكن من الرجعة في مدة العدة. فإذا لم تكن عليها رجعة فالمقصود براءة رحمها من الحمل، وذلك يكفي فيه حيضة كالاستبراء.
ويستفاد من أحاديث الباب أن الخلع فسخ، وليس بطلاق، وذلك أن الله تعالى قال:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228].
فلو كانت مطلقة لم يقتصر لها على قرء واحد. ولأن الله ذكر الطلاق في أول الآية وآخرها، وذكر الخلع فيما بين ذلك فقال تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 229 - 230] فلو جعل الخلع طلاقا لكان الطلاق أربعا. وإلى هذا ذهب ابن عباس وعثمان وابن عمر وأحمد في رواية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم رحمهم الله لأن الزوج أحق بالرجعة في الطلاق بخلاف الخلعة؛ فإنه لا رجعة فيها، وإنما يتزوجها بمهر جديد ونكاح جديد.
وتظهر ثمرة الخلاف فيما لو طلق رجل امرأته تطليقتين ثم اختلعت فيه أيتزوجها أم لا؟ سئل ابن عباس عن هذا فقال:
ذكر الله عز وجل الطلاق في أول الآية وآخرها، والخلع بين ذلك، فليس الخلع بطلاق ينكحها.
رواه البيهقي (7/ 316) بإسناد صحيح، ونقل عن الإمام أحمد أنه ليس في الباب أصح من حديث ابن عباس هذا.
ويظهر الخلاف أيضا لو خالع رجل امرأته مرارًا لجاز له أن ينكحها بنكاح جديد، وبصداق جديد بغير أن تتزوج بزوج آخر.