الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلى، ولكن لا شهادة له، قال:"أليس يشهد أني رسول الله؟ قال: بلى، ولا شهادة له، قال: "أليس يُصَلِّي؟ " قال: بلى، ولا صلاة له، قال: "أولئك الذين نُهيت عنهم".
صحيح: رواه الإمام أحمد (23671) والبيهقي (8/ 196) وصحّحه ابن حبَّان (5971) كلّهم من حديث عبد الرزّاق (18688) عن معمر، عن الزّهريّ، عن عطاء بن يزيد، عن عبد الله بن عليّ بن الخيار، عن عبد الله بن عدي فذكره. وإسناده صحيح.
وذكر ابن عبد البر أن الرّجل المتهم بالنفاق هو مالك بن الدُّخشم.
• عن أبي هريرة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أتي بمخنث قد خضب يديه، ورجليه بالحناء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما بال هذا؟ " فقيل: يا رسول الله! يتشبه بالنساء، فأمر به فنُفي إلى النقيع. قالوا: يا رسول الله! ألا نقتله. قال: "إني نهيت عن قتل المصلين".
حسن: رواه أبو داود (4928) وأبو يعلى (6126) والبيهقي (8/ 222) كلّهم من حديث أبي أسامة أخبرهم، عن مفضل بن يونس، عن الأوزاعيّ، عن أبي يسار القرشيّ، عن أبي هاشم، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي يسار وشيخه أبي هاشم فإنهما حسنا الحديث.
وفي الباب ما رواه أبو يعلى (88) عن أبي بكر، وأحمد (22154) والطَّبرانيّ في الكبير (8057) والبخاري في الأدب المفرد (163) عن أبي أمامة، وفي إسناديهما ضعف وإن قال الهيثميّ في "المجمع" (4/ 237) عن حديث أبي أمامة: رواه أحمد ومداره على أبي غالب، وهو ثقة وقد ضُعّف. فالصحيح أنه ضعيف. ضعَّفه أبو حاتم والنسائي وقال ابن حبَّان في "المجروحين" (1/ 267):"منكر الحديث على قلته لا يجوز الاحتجاج به إِلَّا فيما يوافق الثّقات".
2 - باب الترهيب من قتل المؤمن
قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].
• عن سعيد بن جبير قال: أمرني عبد الرحمن بن أبزى قال: سل ابن عباس عن هاتين الآيتين ما أمرهما: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ} [الأنعام: 151، الإسراء: 33]{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] فسألت ابن عباس فقال: لما أنزلت التي في الفرقان وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي
حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]. قال مشركوا أهل مكة: فقد قتلنا النفس التي حرم الله، ودعونا مع الله إلها آخر، وقد أتينا الفواحش فأنزل الله تعالى:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70] فهذه لأولئك، وأمّا التي في النساء:[93] فالرجل إذا عرف الإسلام وشرائعه، ثمّ قتل فجزاؤه جهنّم. فذكرته لمجاهد فقال: إِلَّا من ندم.
متفق عليه: رواه البخاريّ في المناقب (3855)، عن عثمان بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا جرير، عن منصور، حَدَّثَنِي سعيد بن جبير أو قال: حَدَّثَنِي الحكم عن سعيد بن جبير قال: أمرني عبد الرحمن بن أبزى فذكره.
ورواه مسلم في التفسير (18: 3023) من حديث منصور، عن سعيد بن جبير بدون شك مختصرًا. ولم يذكر مسلم قول مجاهد.
• عن سعيد بن جبير قال: اختلف أهل الكوفة في هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] فرحلت إلى ابن عباس فسألته عنها فقال: لقد أنزلت آخر ما أنزل، ثمّ ما نسخها شيء.
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (4590) ومسلم في التفسير (3032) كلاهما من حديث شعبة، حَدَّثَنَا مغيرة بن النعمان، قال: سمعت سعيد بن جبير فذكره.
• عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: ألمن قتل مؤمنًا متعمِّدًا من توبة؟ قال: لا. قال: فتلوت عليه هذه الآية التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان: 68] إلى آخر الآية قال: هذه آية مكية، نسختها آية مدنية {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا} [النساء: 93].
متفق عليه: رواه مسلم في التفسير (20: 3023) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ابن جريج، حَدَّثَنِي القاسم بن أبي بزّة، عن سعيد بن جبير قال: فذكره. ورواه البخاريّ في التفسير (4762) من وجه آخر عن ابن جريج مختصرًا.
قال النوويّ في شرح مسلم: هذا هو المشهور عن ابن عباس. ورُوي عنه أن له توبة، وجواز المغفرة لقوله تعالى:{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110] وهذه الرواية الثانية هي مذهب جميع أهل السنة والصحابة والتابعين ومن بعدهم. وما رُوي عن بعض السلف مما يخالف هذا محمول على التغليظ والتحذير من القتل والتورية في المنع منه. وليس في هذه الآية التي احتج بها ابن عباس نصريح بأنه يخلد، وإنما فيها أنه جزاؤه، ولا يلزم منه أنه يجازي.
وقال غيره: إن قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا
…
} [النساء: 93] مطلق، فيحمل
على من لم يتب، لأن الآية الأخرى مقيدة بالتوبة، ثمّ إن الله تعالى قال:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] فقصر عدم المغفرة بالشرك وحده.
• عن ابن عباس أن قومًا كانوا قتلوا - فأكثروا، وزنوا فأكثروا، وانتهكوا، فأتوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد! إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، أو تُخبرنا أن لما عملنا كفارةٌ. فأنزل الله عز وجل:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 68 - 70] قال: "يبدل الله شركهم إيمانًا، وزناهم إحصانًا".
ونزلت: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [سورة الزمر: 53].
حسن: أخرجه النسائيّ (4003) عن حاجب بن سليمان المنبجيّ، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي روَّاد، قال: حَدَّثَنَا ابن جريج، عن عبد الأعلى الثعلبيّ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده حسن من أجل ابن أبي رواد وهو عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روَّاد مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
وقد رُويَ من وجه آخر فقال ابنُ جريج: أخبرني يعلى، عن سعيد بن جبير فذكر نحوه أخرجه النسائيّ (4004) عن الحسن بن محمد الزعفرانيّ، قال: حَدَّثَنَا حجَّاج بن محمد، قال: ابن جريج - أخبرني يعلى فذكره وأخرجه الحاكم (2/ 403) من وجه آخر عن ابن جريج بإسناده وقال: صحيح على شرط الشّيخين.
• عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا".
صحيح: رواه البخاريّ في الديات (6862)، عن عليّ (هو ابن الجعد) حَدَّثَنَا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن ابن عمر، فذكره، ورواه البخاريّ أيضًا من قول ابن عمر: إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها الدم الحرام بغير حله.
• عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكبر الكبائر الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين".
صحيح: رواه البخاريّ في الديات (6870) عن محمد بن بشار، حَدَّثَنَا محمد بن جعفر، حَدَّثَنَا شعبة، عن فراس، عن الشعبيّ، عن عبد الله بن عمرو فذكره.
وفي معناه ما رُوي عن رجل قال: يا رسول الله! ما الكبائر؟ قال: "هن سبع، أعظمهن إشراك
بالله، وقتل النفس بغير حق، وفرار يوم الزحف".
رواه أبو داود (2875) والنسائي (4012) كلاهما من حديث معاذ بن هانئ قال: حدثنا حرب بن شداد، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن عبد الحميد بن سنان، عن عبيد بن عمير، عن أبيه، أنه حدثه، وكانت له صحبة، أن رجلا قال: فذكره، واللفظ للنسائي، وفي إسناده عبد الحميد بن سنان مجهول.
وأما أبو داود فأحال على حديث أبي هريرة، وقال:"هن تسع". وحديث أبي هريرة: "اجتنبوا السبع الموبقات" وزاد أبو داود: "وعقوق الوالدين المسلمَين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا".
• عن أبي أيوب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من جاء يعبد الله، لا يشرك به شيئًا، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويصوم رمضان، ويجتنب الكبائر فإن له الجنة" وسألوه ما الكبائر؟ قال: "الإشراك بالله، وقتل النفس المسلمة، وفرار يوم الزحف".
حسن: رواه النسائي (4009) وأحمد (23502) والطحاوي في مشكله (896) كلهم من طرق عن بقية بن الوليد، حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، حدثنا أبو رُهم السمعي، أن أبا أيوب حدثه فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل بقية بن الوليد، وقد توبع في أصل الحديث. رواه ابن حبان في صحيحه (3247) والحاكم (1/ 23) من حديث فُضيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عقبة، حدثنا عبد الله بن سلمان الأغرّ، عن أبيه، عن أبي أيوب فذكر الحديث. إلا أن ابن حبان لم يذكر السؤال عن الكبائر. وفي الحاكم: عبيد الله بن سلمان.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له علة" وتعقبه الذهبي فقال: "عبيد الله بن سلمان الأغر خرج له البخاري فقط". وعبد الله وعبيد الله كلاهما يرويان عن أبيه سلمان الأغر، إلا أن عبد الله من رجال مسلم، وعبيد الله من رجال البخاري فتنبه.
• عن الأحنف بن قيس قال: ذهبت لأنصر هذا الرجل فلقيني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت: أنصر هذا الرجل. قال: أرجع، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، فقلت: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه".
متفق عليه: رواه البخاري في الإيمان (31) ومسلم في الفتن (2888) كلاهما من حديث حماد بن زيد، حدثنا أيوب ويونس، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس فذكره.
ورواه مسلم من حديث محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح، فهما في حر جهنم،
فإذا قتل أحدهما صاحبه دخلاها جميعا" ولكن قال البخاري (7083) وقال غندر حدثنا شعبة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يرفعه سفيان عن منصور.
يقول النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: "واعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة، رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد. ومذهب أهل السنة والحق إحسان الظن بهم، والإمساك عما شجر بينهم، وتأويل قتالهم أنهم مجتهدون".
• عن عمرو بن الحَمِق الخزاعي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أمن رجلًا على دمه، فقتله، فإنه يحمل لواء غدْر يوم القيامة".
صحيح: رواه ابن ماجه (2688)، وأحمد (21946) كلاهما من حديث عبد الملك بن عمير، عن رفاعة بن شداد الفِتياني قال: لولا كلمة سمعتها من عمرو بن الحمق المشبت فيما بين رأس المختار وجسده. فذكر الحديث. هذا لفظ ابن ماجه.
وأما لفظ أحمد: فلما تبينت كذابته هممت، وأيم الله أن أسل سيفي، فأضرب عنقه، حتى ذكرت حديثا حدثنيه عمرو بن الحمق فذكر الحديث.
والكذبة التي أشار إليها رفاعة هي كما رواه أحمد (21947) عن السدي، عن رفاعة الفتياني قال: دخلت على المختار. فألقى لي وسادة، وقال: لولا أن أخي جبريل قام عن هذه الألقيتها لك قال: فأردت أن أضرب عنقه، فذكرت حديثا حدثنيه أخي عمرو بن الحمق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما مؤمن أمن مؤمنا على دمه فقتله فأنا من القاتل بريء".
والسدي هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي حسن الحديث. ومن طريقه رواه أيضا ابن حبان (5982) بدون ذكر القصة.
والمختار هو ابن أبي عبيد الثقفي الكذاب، ولد عام الهجرة وليست له صحبة ولا رؤية. ادعى أن الوحي يأتيه، وأنه يعلم الغيب، حتى قتله مصعب بن الزبير بالكوفة سنة سبع وستين.
• عن خالد بن دِهقان قال: كنا في غزوة القسطنطينية بذلقية، فأقبل رجل من أهل فلسطين من أشرافهم وخيارهم، يعرفون ذلك له، يقال له هانئ بن كلثوم بن شريك الكناني، فسلم على عبد الله بن أبي زكريا وكان يعرف له حقه فقال لنا خالد: فحدثنا عبد الله بن أبي زكريا قال: سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلا من مات مشركًا، أو من قتل مؤمنا متعمدًا" فقال هانئ بن كلثوم: سمعت محمود بن الربيع يحدث عن عبادة بن الصامت، أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلًا" قال لنا خالد: ثم حدثني ابن أبي زكريا،
عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا يزال المؤمن معنقًا صالحًا ما لم يصب دمًا حرامًا، فإذا أصاب دمًا حرامًا بلّح" وحدّث هانئ بن كلثوم، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله سواء.
صحيح: رواه أبو داود (4270) وصحّحه ابن حبان (5980) والحاكم (4/ 351) والبيهقي (8/ 21) وابن أبي عاصم في الديات (29) كلهم من حديث خالد بن دهقان فذكره.
واللفظ لأبي داود، واختصره البعض، وإسناده صحيح. وخالد بن دهقان القرشي مولاهم أبو المغيرة الدمشقي ثقة، وثّقه ابن معين والدارمي وأبو زرعة ودحيم وغيرهم. وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
وقوله: بلّح: أي بلح الرجل إذا انقطع من الإعياء، فلم يقدر أن يتحرك. وقد أبلحه السير فانقطع فيه، يريد به وقوعه في الهلاك بإصابة الدم الحرام.
قال خالد بن دهقان: سألت يحيى بن يحيى الغسّاني عن قوله: "فاغتبط بقتله" قال: الذين يقاتلون في الفتنة فيقتل أحدهم فيرى أنه على هدى لا يستغفر الله، يعني من ذلك.
ذكره أبو داود (4271) وقال: فاغتبط يصب دمه صبًا.
• عن معاوية قال: سمعت رسول الله يقول: "كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يقتل المؤمن متعمدًا، أو الرجل يموت كافرًا".
حسن: رواه النسائي (3984) وأحمد (16907) وابن أبي عاصم في الديات (27) وصحّحه الحاكم (4/ 351) كلهم من حديث صفوان بن عيسى، عن ثور، عن أبي عون، عن أبي إدريس، قال: سمعت معاوية يخطب - وكان قليل الحديث - قال: سمعته يخطب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل أبي عون وهو الأنصاري الشامي الأعور فإنه حسن الحديث، فقد روى له عدد، ووثّقه ابن حبان والعجلي، وقال ابن أبي عاصم:"هذا إسناد حسن وضيء".
وقوله: "الرجل يقتل" ظاهر هذا الحديث موافق للقرآن، وبه قال غير واحد من السلف. والجمهور على أنه محمول على التغليظ لقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 116].
• عن عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لقي الله لا يشرك به شيئا، لم يتندّ بدم حرام دخل الجنة".
صحيح: رواه ابن ماجه (2618) وأحمد (17381) وصحّحه الحاكم (4/ 351 - 352) كلهم من طريق وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن عقبة بن عامر فذكره.
قال الحاكم: وقد قيل: عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير ثم أسنده من حديث
الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا القاسم بن الوليد الهمداني، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات لا يشرك بالله شيئا، ولم يتند بدم حرام دخل من أي أبواب الجنة شاء".
قال الذهبي: الإسناد الأول أصح.
وقال البوصيري: "هذا إسناد صحيح إن كان عبد الرحمن بن عائذ سمع من عقبة بن عامر، وقد قيل: إن روايته عنه مرسلة".
كذا أظهر الشك مع أن عبد الرحمن بن عائذ حمصي، وعقبة بن عامر عاش في الشام وتوفي فيه عام (58 هـ) فلقاءهما ممكن، وذكر الواسطة في بعض الأحاديث بينما لا يمنع لقاءهما، ثم هو ليس بمدلس، فعنعنته تحمل على الاتصال على رأي الجمهور.
• عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر".
متفق عليه: رواه البخاري في الإيمان (48) ومسلم في الإيمان (64) كلاهما من حديث شعبة، عن زبيد، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود فذكره.
• عن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قتال المسلم كفر، وسبابه فسق".
صحيح: رواه أحمد (1537) والبخاري في الأدب المفرد (429) وابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (1099) كلهم من حديث زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن محمد بن سعد بن مالك، عن أبيه فذكره.
وإسناده صحيح. ورواه ابن ماجه (3941) من حديث شريك، عن أبي إسحاق بإسناده مثله. وشريك هو ابن عبد الله النخعي سيء الحفظ، ولكنه لا بأس به في المتابعة كما هنا.
• عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يجيء الرجل آخذًا بيد الرجل، فيقول: يا رب! هذا قتلني، فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لك. فيقول: فإنها لي، ويجيء الرجل آخذًا بيد الرجل فيقول: إن هذا قتلني. فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لفلان. فيقول: إنها ليست لفلان فيبوء بإثمه".
صحيح: رواه النسائي (3997) والبيهقي (8/ 191) كلاهما من حديث معتمر، عن أبيه، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله بن مسعود فذكره. وإسناده صحيح.
• عن أبي عمران قال: قلت لجندب: إني قد بايعت هؤلاء - يعني ابن الزبير - وإنهم يريدون أن أخرج معهم إلى الشام. فقال: أمسك. فقلت: إنهم يأبون. فقال: افتدِ بمالك. قال: قلت: إنهم يأبون إلا أن أضرب معهم بالسيف. فقال جندب:
حدثني فلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يجيء المقتول بقاتله يوم القيامة. فيقول: يا رب! سلْ هذا فيم قتلني؟ " قال شعبة: فأحسبه قال: فيقول: علام قتلته؟ فيقول: قتلته على ملك فلان" فقال جندب: فاتقها.
صحيح: رواه النسائي (3998) وأحمد (16600) كلاهما من حديث حجاج بن محمد المصيصي قال: حدثنا شعبة، عن أبي عمران فذكره.
واللفظ لأحمد، ولفظ النسائي مختصر إلا أنه لم يذكر شك شعبة. وقد رواه أيضا حماد بن سلمة بدون الشك عن أبي عمران وهو عبد الملك بن حبيب الأزدي الجوني، فذكره.
رواه أحمد (23165) والطبراني في الكبير (1677) وكذا رواه البيهقي (9/ 191) من وجه آخر عن أبي عمران وفيه قال جندب: حدثني رجل، والله ما كذبني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وإسناده صحيح.
• عن ابن عباس أنه سئل عن رجل قتل مؤمنًا، ثم تاب، وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى قال: ويحك وأنى له الهدي؟ سمعت نبيكم يقول: "يجيء المقتول متعلقا بالقاتل يقول: يا رب! سلْ هذا فيم قتلني؟ " والله لقد أنزلها الله على نبيكم، وما نسخها بعد إذ أنزلها. قال: ويحك، وأنى له الهدي؟
حسن: رواه ابن ماجه (2621) والنسائي (3999) وأحمد (1941) كلهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عمار بن معاوية الدهني، عن سالم بن أبي الجعد قال: سئل ابن عباس فذكره.
وإسناده حسن من أجل عمار بن معاوية الدهني البجلي فإنه حسن الحديث، وقد توبع أيضا فرواه ابن أبي عاصم في الديات (33) عن عمار الدهني وقرنه بيحيى الجابر، كما أن سالم بن أبي الجعد صرّح بالسماع من ابن عباس. وللحديث طرق أخرى غير أن ما ذكرته هو أصحها. فقد رواه الترمذي (3029) والنسائي (4005) من وجه آخر عن ورقاء بن عمر، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس نحوه.
وقال الترمذي: "حديث حسن، وروى بعضهم هذا الحديث عن عمرو بن دينار عن ابن عباس ولم يرفعه".
• عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا".
حسن: رواه النسائي (3990) عن الحسن بن إسحاق المروزي ثقة، حدثني خالد بن خداش، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن بشير بن المهاجر، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في بشير بن المهاجر الكوفي الغنوي فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث في الشواهد. وخالد بن خداش وحاتم بن إسماعيل أيضا حسنا الحديث وفيهما كلام خفيف.
ومن شواهده ما رُوي عن عبد الله بن عمرو: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم" روي مرفوعا وموقوفا.
أما المرفوع فرواه الترمذي (1395) والنسائي (3987) كلاهما من حديث ابن أبي عدي، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.
وأما الموقوف فرواه محمد بن جعفر، عن شعبة بإسناده ولم يرفعه. ومن طريقه رواه أيضا الترمذي (1395 م) والنسائي (3988) قال الترمذي:"وهذا أصح من حديث ابن أبي عدي (عن شعبة) ". انتهينا
وللحديث إسناد آخر وهو ما رواه النسائي (3986) عن محمد بن معاوية بن مالج، قال: حدثنا محمد بن سلمة الحراني، عن ابن إسحاق، عن إبراهيم بن مهاجر، عن إسماعيل مولى عبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا".
قال النسائي: "إبراهيم بن مهاجر ليس بالقوي".
وقال ابن أبي حاتم في "علله"(2/ 423): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه الحكم بن موسى، عن محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن إبراهيم بن مهاجر، عن إسماعيل مولى عبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو فذكر الحديث.
فقالا: "هكذا رواه الحكم، والحرانيون يدخلون بين ابن إسحاق وبين إبراهيم بن مهاجر الحسن بن عمارة". انتهى
والحسن بن عمارة متروك الحديث.
ومن شواهده ما رُوي عن البراء بن عازب مرفوعا: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق".
رواه ابن أبي عاصم في الديات (7) وابن عدي في الكامل (3/ 1004) والبيهقي في شعب الإيمان (4/ 345) كلهم من حديث هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، قال: ثنا روح بن جناح، عن أبي الجهم الجوزجاني، عن البراء بن عازب فذكره.
وروح بن جناح الأموي مولاهم مختلف فيه. فوثقه الدارمي، وضعفه النسائي وغيره. وقال ابن حبان: منكر الحديث جدًّا، وفي التقريب: ضعيف، واتهمه ابن حبان.
ووهم ابن ماجه (2619) فجعل مكانه أخاه "مروان بن جناح" وهو أحسن حالا من أخيه، ولذا حسّنه المنذري في الترغيب والترهيب (3709) وقال ابن الملقن في البدر المنير (8/ 348):"رواه ابن ماجه بإسناد صحيح". وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه: "إسناده صحيح، رجاله ثقات" وبناء على قولهم صحّحته في أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 88) فتنبه.