الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسكت شاب منهم، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم سكت ألظّ به النشدة، فقال: اللهم إذ نشدتنا، فإنا نجد في التوراة الرجم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"فما أول ما ارتخصتم أمر الله؟ " قال: زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم، ثم زنى رجل في أسرة من الناس فأراد رجمه، فحال قومه دونه وقالوا: لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه، فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"فإني أحكم بما في التوراة، فأمر بهما فرجما".
قال الزهري: فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} [المائدة: 44] كان النبي صلى الله عليه وسلم منهم.
ورواه الإمام أحمد (6385) عن عبد الرزاق بإسناده مختصرا، ورواه أيضا أبو داود (4451) من وجه آخر عن محمد بن إسحاق، عن الزهري قال: سمعت رجلا من مزينة يحدث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: زني رجل وامرأة من اليهود، وقد أحصنا حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وقد كان الرجم مكتوبا عليهم في التوراة، فتركوه وأخذوا بالتجيية يُضرب مائة بحبل مطلي بقار، ويحمل على حمار، وجهه مما يلي دبر الحمار، فاجتمع أحبار من أحبارهم، فبعثوا قومًا آخرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سلوه عن حد الزاني، وساق الحديث فقال فيه: قال: ولم يكونوا من أهل دينه فيحكم بينهم. فخيّر في ذلك قال: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 47] ورواه البيهقي (8/ 247) من طريق أبي داود وفيه أيضا رجل من مزينة لم يسم.
4 - باب ثبوت رجم المُحْصَن في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
• عن عبد الله بن عباس أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء إذا أُحصن، إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف.
متفق عليه: رواه مالك في الحدود (8) عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن عباس، فذكره.
وهو طرف من خطبة طويلة كانت في آخر حجة حجها عمر بن الخطاب بعد أن رجع إلى المدينة.
رواها بطولها البخاري في الحدود (6830) من طريق صالح (هو ابن كيسان) عن الزهري، به.
وروى البخاري طرفا في الحدود أيضا (6829) عن علي بن عبد الله، حدثنا سفيان (هو ابن عيينة عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم، قرأناها ووعيناها وعقلناها. فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشي إن طال بالناس زمان، أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة،
أو كان الحبل أو الاعتراف". ورواه مسلم في الحدود (1691) من طريق سفيان وغيره.
قال الحافظ ابن حجر: "وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية جعفر الفريابي، عن علي بن عبد الله شيخ البخاري (عن سفيان به) فيه، فقال بعد قوله "أو الاعتراف": "وقد قرأناها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة" وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده.
فسقط من رواية البخاري من قوله: "وقرأ" إلى قوله "البتّة" ولعل البخاري هو الذي حذف ذلك عمدًا، فقد أخرجه النسائي (في الكبرى 7156) عن محمد بن منصور، عن سفيان كرواية جعفر ثم قال:"لا أعلم أحدًا ذكر في هذا الحديث، الشيخ والشيخة" غير سفيان، وينبغي أن يكون وهم في ذلك.
قال ابن حجر: "وقد أخرج الأئمة هذا الحديث من رواية مالك، ويونس، ومعمر، وصالح بن كيسان، وعقيل وغيرهم من الحفاظ عن الزهري فلم يذكروها .. " ا. هـ فتح الباري (12/ 143).
ثم قال: "وقد وقعت هذه الزيادة في هذا الحديث من رواية "الموطأ" عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: لما صدر عمر من الحج وقدم المدينة خطب الناس، فقال: أيها الناس، قد سُنّتْ لكم السنن، وفُرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة - ثم قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة" قال مالك: الشيخ والشيخة: الثيب والثيبة. اهـ والحديث في الموطأ في "الحدود" (10).
ويرى بعض المحققين أن قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا} [النور: 2] عام في المحصن وغيره، فنسخ في حق المحصن بالرجم لرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيكون نسخ الكتاب بالسنة القطعية الفعلية. وقالوا: هذا أولى من ادعاء كون الناسخ قوله تعالى: {والشيخ والشيخة
…
} لعدم القطع بثبوت كونها قرآن، ثم نسخ تلاوتها وبقاء حكمها، ولذا قال علي بن أبي طالب: جلدتهما بكتاب الله، ورجمتهما بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم" ولم ينسبه إلى القرآن المنسوخ تلاوته. وعلى هذا فيكون الرجم حكما زائدا على كتاب الله في حق المحصن. انظر للمزيد:"المنة الكبرى"(7/ 214).
• عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم".
صحيح: رواه مسلم في الحدود (12: 1690) عن يحيى بن يحيى التميمي، أخبرنا هُشيم، عن منصور، عن الحسن، عن حِطّان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت فذكره.
قوله: "قد جعل الله لهن سبيلًا": إشارة إلى قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15].
اختلف أهل العلم في المحصن هل يجلد مع الرجم أم لا؟ فذهب قوم إلى أنه يجلد مائة، ثم يرجم مستدلين بحديث عبادة. روي ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب. وإليه ذهب إسحاق وداود وذهب الأكثرون إلى أنه لا جلد على المحصن مع الرجم، يُروي ذلك عن أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة. وإليه ذهب عامة الفقهاء. وقالوا: إن الجلد منسوخ فيمن وجب عليه الرجم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزًا، والغامدية، واليهوديين، ولم يجلد واحدًا منهم وقال لأنيس الأسلمي:"واغد يا أنيس، على المرأة، فإن اعترفت فارجمها" فهذا الحديث آخر الأمرين، لأن راويه أبو هريرة متأخر الإسلام، فيكون ناسخا لما سبق من الجمع بين الجلد والرجم.
• عن ابن عباس قال: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] وذكر الرجل بعد المرأة، ثم جمعهما فقال:{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء: 16] نسخ ذلك بأية الجلد فقال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2].
حسن: رواه أبو داود (4413) ومن طريقه البيهقي (8/ 210) عن أحمد بن محمد بن ثابت المروزي، حدثني علي بن الحسين عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده حسن من أجل علي بن الحسين وأبيه الحسين بن واقد المروزي فإنهما صدوقان.
• عن أبي إسحاق الشيباني، قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى: هل رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال: قلت: بعد ما أنزلت سورة النور أم قبلها؟ قال: لا أدري.
متفق عليه: رواه البخاري في الحدود (6812) من طريق خالد (هو ابن عبد الله) ومسلم في الحدود (1702) من طريق علي بن مُسهر، كلاهما عن أبي إسحاق الشيباني، به.
• عن علي حين رجم المرأة يوم الجمعة وقال: قد رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صحيح: رواه البخاري في الحدود (6812) عن آدم، حدثنا شعبة، حدثنا سلمة بن كهيل، قال: سمعت الشعبي يحدّث عن علي صلى الله عليه وسلم فذكره.
• عن جابر بن عبد الله قال: رجم النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا من أسلم، ورجلًا من اليهود، وامرأته.
صحيح: رواه مسلم في الحدود (28: 1701) عن هارون بن عبد الله، حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله، فذكره.
وقوله: "وامرأته" أي امرأة من اليهود.