الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب لا يجوز لعن شارب الخمر أو تكفيره
• عن عمر بن الخطاب أن رجلًا كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقّب حمارًا، وكان يُضحِكُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأُتي به يومًا فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللَّهم الْعنْه، ما أكثر ما يُؤتي به! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تلْعنوه، فوالله ما علمتُ إلا أنه يحبّ الله ورسوله".
صحيح: رواه البخاري في الحدود (6780) عن يحيى بن بكُير، حدّثني الليث، قال حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، فذكره.
5 - باب من شرب الخمر مرارًا
• عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه".
حسن: رواه أبو داود (4482) والترمذي (1444) وابن ماجه (2573) وأحمد (16859) وصحّحه ابن حبان (4446) والحاكم (4/ 372) والبيهقي (8/ 313) كلهم من حديث عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن معاوية فذكره.
وإسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة فإنه حسن الحديث.
وأخرجه أحمد (16847) والنسائي (5298) كلاهما من وجه آخر من حديث المغيرة بن مقسم الضبي، عن معبد القاص، عن عبد الرحمن بن عبد، عن معاوية مثله. وهذا إسناد صحيح. ومعبد القاص: هو معبد بن خالد الجدلي وعبد الرحمن بن عبد هو أبو عبد الله الجدلي.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه".
حسن: رواه أبو داود (4484) والنسائي (5662) وابن ماجه (2572) وأحمد (7911) وصحّحه ابن حبان (4447) والحاكم (4/ 371) والبيهقي (8/ 313) كلهم من حديث ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده حسن من أجل الحارث بن عبد الرحمن القرشي العامري خال ابن أبي ذئب، فإنه حسن الحديث.
وزاد أحمد: قال الزهري: فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل سكران في الرابعة فخلّى سبيله.
ورواه الحاكم (4/ 371) من وجه آخر عن سعيد بن أبي عروبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكر مثله. وقال:"صحيح على شرط مسلم".
ورواه عبد الرزاق (17081) عن معمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة
مثله. ومن طريقه النسائي في الكبرى (5296).
قال معمر: "فذكرت ذلك لابن المنكدر فقال: قد ترك القتل. قد أتي النبي صلى الله عليه وسلم بابن النعيمان فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به الرابعة فجلده، أو أكثر".
قال الترمذي: "حديث معاوية هكذا روى الثوري أيضا، عن عاصم، عن أبي صالح، عن معاوية، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى ابن جريج ومعمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال: سمعت محمدًا يقول: "حديث أبي صالح عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا أصح من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى. وكذا رجح الدارقطني حديث أبي صالح عن معاوية. "العلل"(10/ 91).
قلت: هذا قول الإمامين العظيمين، ولكن حسب القواعد الحديثية لا أرى ما يمنع من أن يكون لأبي صالح شيخان من الصحابة وهما معاوية وأبو هريرة والله تعالى أعلم.
• عن شرحبيل بن أوس وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه".
حسن: رواه الإمام أحمد (18053) والطبراني في الكبير (1/ 198) و (7/ 366) والحاكم (4/ 373) كلهم من حديث حريز بن عثمان الجمحي، قال: حدثني نمران بن مخْمر، عن شرحبيل بن أوس فذكره. قال الحافظ ابن حجر:"رواته ثقات".
قلت: وإسناده حسن من أجل نمران بن مخمر أبي الحسن الرحبي وهو من رجال "التعجيل" قال فيه: روى عنه حريز بن عثمان وبهذا ذكره البخاري. ولم يذكر فيه جرحا فقال: سمع أوسا.
قال الحافظ ابن حجر: قال أبو داود: شيوخ حريز كلهم ثقات. وذكره ابن حبان في "الثقات". وذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(8/ 497) أن من شيوخه حريز بن عثمان، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وحريث بن عمرو الحضرمي.
ثم روي هذا الحديث من وجه آخر. رواه أحمد (13023) والحاكم من حديث محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: سمعت يزيد بن أبي كبشة يخطب بالشام قال: سمعت رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عبد الملك بن مروان في الخمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكر مثله.
قال الحاكم: "سمعت أبا علي الحافظ يحدث بهذا الحديث فقال في آخره: هذا الصحابي من أهل الشام هو شرحبيل بن أوس".
• عن ابن عمر، ونفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاقتلوه".
حسن: رواه النسائي (5661) عن إسحاق بن إبراهيم، (ابن راهويه) قال: أنبأنا جرير، عن مغيرة الضبي، عن عبد الرحمن بن أبي نُعم، عن ابن عمر فذكره.
وصحّحه الحاكم (4/ 371) ورواه من طريق جرير بإسناده عن ابن عمر وحده وقال: "صحيح على شرط الشيخين".
وعبد الرحمن بن أبي نُعم البجلي من رجال الصحيح، وهو كوفي تابعي مشهور، وكان من أولياء الثقات كما قال الذهبي في الميزان (2/ 595) وقال: وقال أحمد بن أبي خيثمة: عن ابن معين: قال: ابن أبي نُعم ضعيف. كذا نقل ابن القطان. وهذا لم يتابعه عليه أحد". انتهى.
فهو لا ينزل عن درجة "صدوق".
وقد أشار أبو داود إلى حديث ابن عمر مع غيره بأن القتل كان في الرابعة، بدون شك.
وأما ما رواه هو (4483) عن موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد بن يزيد، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بهذا المعنى (يعني حديث معاوية بن أبي سفيان) قال: وأحسبه في الخامسة قال: "إن شربها فاقتلوه" فهو ضعيف.
فإن حُميد بن يزيد وهو أبي الخطاب لم يرو عنه غير حماد بن سلمة فهو "مجهول الحال" كما في "التقريب" ومن طريقه رواه الإمام أحمد (6197).
قال ابن حجر: "قرأت بخط الذهبي يقول: لا يدري من هو؟ ".
وقال ابن القطان: "مجهول الحال".
• عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل منا فلم يقتله.
حسن: رواه ابن حزم في المحلي (11/ 368) والطحاوي في شرحه (4836) والنسائي في الكبرى (5302) كلهم من طريق شريك، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله فذكره.
واللفظ لابن حزم. ولفظ الطحاوي: "فثبت الجلد ودُرِئَ القتل".
وشريك هو ابن عبد الله القاضي سيء الحفظ ولكنه توبع.
روي ابن حزم أيضا من طريق النسائي (5303) أخبرنا محمد بن موسى، حدثنا زياد بن عبد الله البكائي، حدثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر فاضربوه، فإن عاد فاضربوه، فإن عاد فاضربوه، فإن عاد الرابعة فاضربوا عنقه" فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم نعيمان أربع مرات. فرأى المسلمون أن الحد قد وقع، وأن القتل قد رُفع.
فتابعه زياد بن عبد الله البكائي ومن طريقه رواه أيضا الحاكم (4/ 373) والبيهقي (8/ 314).
ورواية جابر هذه ذكرها أيضا الزيلعي في نصب الراية (3/ 347) عن محمد بن إسحاق بإسناده، وعزاه إلى النسائي في "الكبرى" ثم قال:"ورواه البزار في مسنده عن ابن إسحاق به أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بنعيمان قد شرب الخمر ثلاثا فأمر بضربه، فلما كان الرابعة أمر به فجلد الحد، فكان ناسخًا" انتهى.
• عن ديلم الحميري أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنا بأرض باردة، وإنا لنستعين بشراب يُصنع لنا من القمح. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيسكر؟ " قال: نعم. قال: "فلا تشربوه" فأعاد عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيسكر؟ قال: نعم، قال:"فلا تشربوه" فأعاد عليه الثالثة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيسكر؟ " قال: نعم، قال: فلا تشربوه" قال: فإنهم لا يصبرون عنه. قال: فإن لم يصبروا عنه فاقتلهم".
صحيح: رواه أحمد (18034) والطبراني في الكبير (4/ 269) كلاهما من حديث عبد الحميد بن جعفر، حدثنا يزيد بن أبي حبيب، حدثنا مرثد بن عبد الله اليزني، قال: حدثنا الديلم فذكره وإسناده صحيح.
والديلم هو ابن هوشع الحميري اليمني وفد على النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن.
ورواه أيضا أحمد (18035) عن محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن ديلم الحميري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إنا بأرض باردة، نعالج بها عملًا شديدًا. وإنا نتخذ شرابًا من هذا القمح نتقوى بها على أعمالنا، وعلى برد بلادنا، قال:"هل يسكر؟ قلت: نعم. قال: "فاجتنبوه" قال: ثم جئت من بين يديه. فقلت له مثل ذلك. فقال: هل يُسكر؟ قلت: نعم. قال: "فاجتنبوه" قلت": إن الناس غير تاركيه. قال: "فإن لم يتركوه فاقتلوهم".
ورواه البيهقي (8/ 292) من طريق شيخ أحمد وقال في آخره: "وكذلك رواه عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب".
ورواه أبو داود (3683) من طريق محمد بن إسحاق إلا أنه ذكر فيه القتل المرة الثانية. ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.
• عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الخمر إذا شربوها فاجلدوهم، ثم إذا شربوها فاجلدوهم، ثم إذا شربوها فاجلدوهم، ثم إذا شربوها فاقتلوهم عند الرابعة".
حسن: رواه الإمام أحمد (6553) عن معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة وعبد الصمد
قال: حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الله بن عمرو فذكره.
وصحّحه الحاكم (4/ 372) رواه من طريق قتادة. وإسناده حسن من أجل الكلام في شهر بن حوشب غير أنه حسن الحديث إذا لم يُخالف. وقد كان ابن المديني والبخاري وغيرهما حسن الرأي فيه.
وأما ما روي عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر فاجلدوه، فذكر الحديث مثله. ثم قال: ائتوني برجل قد شرب الخمر في الرابعة، فلكم عليَّ أن أقتله. فهو ضعيف.
رواه الإمام أحمد (6791) عن وكيع، حدثني قرة وروح، حدثنا أشعث وقرة بن خالد المعنى، عن الحسن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص فذكره.
والحسن البصري مدلس وقد عنعن ثم أنه لم يسمع هذا الحديث من عبد الله بن عمرو كما صرح به (6974) فقال: والله لقد زعموا أن عبد الله بن عمرو شهد بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث.
قال: فكان عبد الله بن عمرو يقول: ائتوني برجل قد جلد في الخمر أربع مرات. فإن لكم علي أن أضرب عنقه.
فقول عبد الله بن عمرو لا ينقض الإجماع في نسخ القتل لأنه لم يصح عنه.
وفي الباب ما روي عن أبي سليمان مولى لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن أبا الرمداء حدثه أن رجلًا منهم شرب فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربه، ثم شرب الثانية فضربه، ثم شرب الثالثة، فأتوا به إليه. فما أدري أفي الثالثة أو الرابعة أمر به فحمل على العجل، أو قال: على الفحل.
وفي رواية: أمر به فحمل على العجل. فضرب عنقه.
رواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر (302) والدولابي في الكنى (1/ 30) والطحاوي في شرحه (4826) كلهم من طرق عن ابن لهيعة قال: حدثنا عبد الله بن هبيرة، عن أبي سليمان مولى أم سلمة فذكره.
وأبو سليمان مجهول. قال ابن القطان: "لا يعرف حاله" ثم إن في المتن نكارة. فإن الروايات الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم لم يقتل أحدًا في الرابعة بل خلّى سبيله.
وأعله ابن حجر في "الفتح"(12/ 79) بابن لهيعة، مع أن في بعض طرقه الراوي عنه عبد الله بن وهب وعبد الله بن يزيد المقرئ وروايتهما عنه قبل الاختلاط
وقال: "أفاد هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم عمل به قبل النسخ، فإن ثبت كان فيه رد على من زعم أنه لم يعمل به" ولكنه لم يثبت بإسناد صحيح.
وفي الباب ما رُوي أيضا عن الشّريد بن سويد الثقفي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا شرب الرجل فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه" أربع مرات أو خمس مرات "ثم إذا شرب فاقتلوه".
رواه أحمد (19460) والطبراني (7/ 317) والدارمي (2395) والنسائي في الكبرى (5301)
كلهم من حديث محمد بن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن عتبة بن عروة بن مسعود الثقفي، عن عمرو بن الشّريد، عن أبيه فذكره هكذا بالشك في الرابعة أو الخامسة. وفي بعض المصادر أنه جاء الأمر بالقتل في الرابعة بدون شك.
وفي الإسناد عبد الله بن عتبة بن عروة لم يعرف من هو؟ وبه أعله أيضا الهيثمي في "المجمع"(6/ 727 - 278).
وأما ما رواه الحاكم (4/ 372) عن أبي عبد الله الصفار، ثنا محمد بن مسلمة، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عمرو بن الشريد بإسناده مثله. وقال: صحيح على شرط مسلم، وهذا وهم منه.
فإن محمد بن مسلمة ليس من رجال مسلم، كما أنه ليس بثقة ضعّفه الخلال وغيره.
وفي الباب ما روي أيضا: عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من شرب الخمر فاجلدوه، ومن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه".
رواه ابن حبان (4445) عن أبي يعلى، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي سعيد فذكره.
قال ابن حبان: "هذا الخبر سمعه أبو صالح من معاوية ومن أبي سعيد معًا".
ولكن قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(12/ 69) المحفوظ من حديث معاوية. كما قال البخاري، وكذلك من حديث أبي هريرة. فلعل الخطأ كان من عاصم بن أبي بهدلة.
وفي الباب ما روي أيضا عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه".
رواه البخاري في التاريخ الكبير في ترجمة "خالد بن جرير" والطحاوي في شرحه (2/ 91) والحاكم (4/ 371) كلهم من طريق مكي بن إبراهيم، ثنا داود بن يزيد، عن سماك بن حرب، عن خالد بن جرير، عن جرير فذكره.
وداود بن يزيد هو الأودي الكوفي ضعيف باتفاق أهل العلم.
وفي الباب أيضا ما روي عن أبي موسى أنه قال: حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: إن قومي يصيبون من شراب من الذرة - يقال له المزر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيسكر؟ قال: نعم. قال: "فانههم عنه" ثم رجع إليه فسأله عنه فقال: "انههم عنه" ثم سأله الثالثة. فقال: قد نهيتُهم عنه فلم ينتهوا. قال: "فمن لم ينته منهم فاقتله".
رواه أحمد في كتاب الأشربة (ص 32) عن عبد الرزاق، قال: أخبرنا محمد بن راشد، قال: سمعت عمرو بن شعيب يحدث أن أبا موسى قال: فذكره.
وفيه انقطاع، فإن عمرو بن شعيب لم يدرك أبا موسى فإني لم أجد من نص على أنه روى عنه.
وفي الباب ما روي أيضا عن أم حبيبة بنت أبي سفيان أن أناسًا من أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمهم الصلاة والسنن والفرائض، ثم قالوا: يا رسول الله، إن لنا شرابًا نصنعه من القمح والشعير. قال: فقال: "الغبيراء؟ " قالوا: نعم، قال:"لا تطعموه" ثم لما كان بعد ذلك بيومين ذكروهما له أيضا، فقال:"الغبيراء؟ " قالوا: نعم، قال: ولا تطعموه" ثم لما أراد أن ينطلقوا سألوه عنه، فقال: "الغبيراء؟ " قالوا: نعم. قال: "لا تطعموه" قالوا: فإنهم لا يدعونها، قال: "من لم يتركها فاضربوا عنقه".
رواه أحمد (27407) عن حسن قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا دراج، عن عمر بن الحكم أنه حدثه عن أم حبيبة بنت أبي سفيان فذكرته.
ورواه أيضا أبو يعلى (7147) والطبراني (23/ 483) وصحّحه ابن حبان (5367) والبيهقي (8/ 292) كلهم من طرق عن دراج بإسناده اختصره البعض.
وإسناده ضعيف من أجل درّاج بتشديد الراء ابن سمعان أبو السمح، مختلف فيه. فوثّقه ابن معين والدارمي. وقال أبو داود:"أحاديثه مستقيمة" وضعّفه النسائي وأبو حاتم والدارقطني. وقال أحمد: "حديثه منكر" وقال ابن عدي: "عامة الأحاديث التي أمليتُها عن دراج مما لا يتابع عليه".
وفي الإسناد ابن لهيعة أيضا وفيه كلام مشهور إلا أنه توبع، تابعه عمرو بن الحارث عند اليهقي وغيره.
وفي الباب ما روي أيضا عن قبيصة بن ذُؤيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الثالثة أو الرابعة، فاقتلوه" فأتي برجل قد شرب الخمر فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ورُفع القتل، وكانت رخصة.
قال سفيان وهو ابن عيينة: "حدث الزهري بهذا الحديث وعنده منصور بن المعتمر ومخْول بن راشد فقال لهما: كونا وافدي أهل العراق بهذا الحديث".
رواه أبو داود (4485) عن أحمد بن عبدة الضبي، حدثنا سفيان قال الزهري: أخبرنا عن قبيصة بن ذُؤيب فذكره.
ورواه الشافعي في الأم (6/ 177) عن سفيان بن عيينة ومن طريقه البغوي في شرح السنة (10/ 335) والبيهقي (8/ 314) ورواه البيهقي أيضا من وجه آخر عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن قبيصة بن ذُويب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره مثله. وقال في آخره: فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل من الأنصار يقال له نعيمان فضربه أربع مرات. فرأى المسلمون أن القتل قد أخر، وأن الضرب قد وجب.
وقبيصة بن ذُؤيب ولد عام الفتح على الأصح، وروايته عن أبي بكر وعمر مرسلة.
قال الشافعي: "والقتل منسوخ بهذا الحديث وغيره، وهذا مما لا اختلاف فيه بين أحد من أهل العلم علمه".
وقال الترمذي: "إنما كان هذا في أول الأمر، ثم نسخ بعد ذلك. ثم قال: "والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم، لا نعلم بينهم اختلافا في ذلك في القديم والحديث. ومما يُقوي هذا ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أوجه كثيرة أنه قال:"لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب بالثيب، والتارك لدينه".
قال النووي في شرح مسلم: "وهذا الذي قاله الترمذي في حديث شارب الخمر هو كما قاله. فهو حديث منسوخ. دل الإجماع على نسخه".
وقال الترمذي أيضا في أول كتاب" العلل" الذي ختم به السنن: "جميع ما في هذا الكتاب من الحديث فهو معمول به، وقد أخذ به بعض أهل العلم ما خلا حديثين، حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطر. وحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه".
وقد بينا علة الحديثين جميعا في الكتاب. انتهى.
قال الحافظ: "وتعقبه النووي فسلّم قوله في حديث الباب دون الآخر".
قال ابن المنذر: "وقد كان هذا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أزيل القتل عن الشارب في المرة الرابعة بالأخبار الثابتة عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، وبإجماع عوام أهل العلم من أهل الحجاز، وأهل العراق، وأهل الشام، وكل من نحفظ قوله من أهل العلم عليه، إلا من شذّ ممن لا يعد خلافًا". "الأوسط"(13/ 16)
وقال الخطابي في معالمه: "قد يرد الأمر بالوعيد، ولا يراد به وقوع الفعل، فأنما يقصد به الردع والتحذير كقوله صلى الله عليه وسلم: لمن قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه" وهو لو قتل عبده لم يقتل به في قول عامة العلماء، وكذلك لو جدعه لم يُجدع به بالاتفاق. وقد يحتمل أن يكون القتل في الخامسة واجبًا، ثم نسخ لحصول الإجماع من الأمة على أنه لا يقتل. وقد رُوي عن قبيصة بن ذُؤيب ما يدل على ذلك".
وقال المنذري: "أجمع المسلمون على وجوب الحد في الخمر، وأجمعوا أنه لا يُقتل إذا تكرر منه إلا طائفة شاذة، قالت: يُقتل بعد حده أربع مرات للحديث، وهو عند الكافة منسوخ". وبالله التوفيق.
• * *