الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الجنين: "ذكاته ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر" وزاد الدَّارقطنيّ: قال عبد الله: "ولكنه إذا خرج من بطن أمه يُؤمر بذبحه، حتَّى يخرج الدمُ من جوفه".
فقوله: "أو لم يشعر" مخالف لحديث ابن إسحاق السابق، وفي إسناده إضافة إلى علة الوقف المشار إليها، المبارك بن مجاهد وهو أبو الأزهر الخراساني المروزيّ، قال أبو حاتم - كما في الجرح والتعديل -:"ما أرى بحديثه بأسا، وكان قُتَيبة بن سعيد ضعَّفه جدًّا وقال: "كان قدريا" وذكره ابن حبَّان في المجروحين وقال: "منكر الحديث ممن ينفرد عن الثّقات بما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد" اهـ.
وقال أبو أحمد الحاكم: "ليس بالقوي عندهم" وذكره في جملة الضعفاء ابن الجارود، والدولابيّ، والعقيليّ، كما في لسان الميزان.
والصواب أنه موقوف على ابن عمر كما سبق.
مذاهب العلماء في ذكاة الجنين:
قال الترمذيّ عقب حديث أبي سعيد الخدريّ: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" انتهى.
وشرط مالك الإشعار لقول ابن عمر.
وقال أبو حنيفة: لا يحل أكل الجنين إِلَّا إذا خرج حيا وذكي كالأم. وقد فصّلتُ القول في هذه المسألة مع الأدلة في المنة الكبرى (8/ 333 - 334).
25 - باب الأكل والإهداء والتصدق من لحوم الأضاحي
قال الله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [سورة الحج: 36].
وقال تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28].
القانع: السائل، يقال: قنع قُنوعا إذا سأل.
والمعتر: الذي يعتريك أي يتعرض لك لتُطعمه، ولا يسأل.
الصنف الثالث: هو الفقير المسكين.
• عن أنس بن مالك قال: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يوم النحر: "من ذبح قبل الصّلاة فليُعِد"، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن هذا يوم يشتهى فيه اللحم - وذكر جيرانه - وعندي جذعة خيرٌ من شاتي لحم. فرخَّص له في ذلك، فلا أدري أبلغت الرخصة مَنْ سِواه أم لا. ثمّ انكفأ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى كبشين فذبحهما، وقام الناس إلى غُنَيمة فتوزَّعوها أو قال: فتَجزَّعوها.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأضاحي (4549)، ومسلم في الأضاحي (10: 1962) كلاهما
من طريق إبراهيم ابن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أنس، فذكره.
• عن عائشة أنهم ذبحوا شاة فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: ما بقي منها؟ قالت: ما بقي منها إِلَّا كتُفها. قال: "بقِيَ كلُّها غير كتفها".
صحيح: رواه الترمذيّ (2470)، وأحمد (24240) من طريق يحيى (هو ابن سعيد القطان)، عن سفيان (هو الثوري)، عن أبي إسحاق (هو السبيعي)، عن أبي ميسرة (هو عمرو بن شرحبيل الهمداني)، عن عائشة، فذكرته.
وإسناده صحيح، قال الترمذيّ:"حديث صحيح"، وصحّحه الحاكم (4/ 136) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق به نحوه.
• عن عبد الله بن زيد، أنه شهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عند المنحر - وهو رجل من الأنصار فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحايا، فلم يُصِبْه ولا صاحبه شيء، وحلق رأسه في ثوبه، فأعطاه وقسم منه على رجال، وقلَّم أظفاره فأعطاه صاحبَه، فإن شعرَه عندنا لمخضوب بالحِنّاء والكتم.
صحيح: رواه الإمام أحمد (16475)، والبيهقي (1/ 25) من طريق أبان العطّار، عن يحيى بن أبي كثير، أن أبا سلمة حدَّثه أن محمد بن عبد الله بن زيد أخبره، عن أبيه، فذكره.
وإسناده صحيح، أبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
قال الهيثميّ في "المجمع"(4/ 19): "رواه أحمد ورجاله رجال الصَّحيح".
وأمّا ما رُوِي عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ضحّى أحدكم فليأكل من أضحيته" فهو ضعيف. رواه أحمد (9078) عن أسود بن عامر، ثنا الحسن بن صالح، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل ابن أبي ليلى وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري القاضي فإنه سيء الحفظ.
وأمّا قول الهيثميّ في "المجمع"(4/ 25): "رواه أحمد ورجاله رجال الصَّحيح" فهو وهم لأن ابن أبي ليلى على ضعَّفه فليس من رجال الصَّحيح، ولعله ظنه والده عبد الرحمن بن أبي ليلى أحد ثقات التابعين وحديثه في الصحيحين.
كان عبد الله بن عمر يذهب إلى تثليث الأضحية، يأكل هو الثلث، ويُطعم من أراد الثلث، ويتصدق على المساكين بالثلث. وبه قال الإمام أحمد، وهو أحد قولي الشافعي.
والقول الآخر: يجعلها نصفين، يأكل نصفا، ويتصدق بنصف. لقوله تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} .