الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
27 - كتاب اللعان
1 - باب ما جاء في اللعان
• عن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمرًا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري. فقال له: يا عاصم، أرأيتَ رجلًا وجد مع امرأته رجلًا. أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ سل لي، يا عاصم، عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك. فكره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسائلَ وعابها. حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رجع عاصم إلى أهله، جاءه عويمر. فقال: يا عاصم، ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عاصم لعويمر: لم تأتني بخير. قد كَرِهَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها. فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها. فأقبل عويمر حتى أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس. فقال: يا رسول الله، أرأيتَ رجلًا وجد مع امرأته رجلًا، أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله:"قد أنزل فيك وفي صاحبك. فاذهب فأت بها" فقال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما فرغا من تلاعنهما، قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله، إن أمسكتها. فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال مالك: قال ابن شهاب: فكانت تلك، بعد، سنة المتلاعنين.
متفق عليه: رواه مالك في الطلاق (34) عن ابن شهاب، أن سهل بن سعد الساعدي، فذكره.
ورواه البخاري في الطلاق (5259)، ومسلم في اللعان (1: 1492) كلاهما من طريق مالك، به، مثله.
• عن سهل بن سعد أخي بني ساعدة، أن رجلًا من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا، أيقتله أم كيف يفعل؟ فأنزل الله في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قد قضى الله فيك وفي امرأتك" قال: فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد. فلما فرغا قال: كذبت عليها
يا رسول الله، إن أمسكتها، فطلّقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغا من التلاعن، ففارقها عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ذاك تفريق بين كل متلاعنين".
متفق عليه: رواه البخاري في الطلاق (5309) ومسلم في اللعان (1492: 3) كلاهما من طريق عبد الرزاق. أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني ابن شهاب عن الملاعنة وعن السنة فيها عن حديث سهل بن سعد، فذكره. والسياق للبخاري.
والرجل المبهم من الأنصار هو: عويمر العجلاني.
وقوله: "ذاك تفريق بين كل متلاعنين" فيه أن المتلاعنين لا يجتمعان أبدًا.
• عن عبد الله قال: إنا ليلة الجمعة في المسجد. إذ جاء رجل من الأنصار فقال: لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فتكلَّم جلدتُموه، أو قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على غيظ. والله! لأسألن عنه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. فلما كان من الغد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال: لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلا فتكلَّم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، أو سكت سكت على غيظ. فقال:"اللهم افتح" وجعل يدعو. فنزلت آية اللعان: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] هذه الآيات. فابتلي به ذلك الرجل من بين الناس. فجاء هو وامرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاعنا، فشهد الرجل أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين. ثم لعن الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. فذهبت لتلعن. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مه" فأبت فلعنتْ. فلما أدبرا قال: "لعلها أن تجيء به أسود جعدا" فجاءت به أسود جعدا.
صحيح: رواه مسلم في اللعان (1495) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله (هو ابن مسعود) فذكره.
والرجل المبهم من الأنصار هو: عويمر العجلاني.
• عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "البينةُ أو حدُّ في ظهرك" فقال: يا رسول الله! إذا رأى أحدُنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "البينةُ أو حدٌّ في ظهرك" فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، فلينزلن الله ما يُبرّئ ظهري من الحد فنزل جبريل، وأنزل عليه:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ} [النور: 6] فقرأ حتى بلغ - {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9].
صحيح: رواه البخاري في التفسير (4747) عن محمد بن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، عن
هشام بن حسان، حدثنا عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
• عن أنس بن مالك قال: إن أول لعان كان في الإسلام أن هلال بن أمية قذفَ شريكَ بن السَحْماء بامرأته فأتى النبي صلى الله عليه وسلم. فأخبره بذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أربعة شهداء وإلا فحد في ظهرك" يردد ذلك عليه مرارًا فقال له هلال: والله يا رسول الله! إن الله عز وجل ليعلم أني صادق، ولينزلن الله عز وجل عليك ما يُبْرئ ظهري من الجلد فبينما هم كذلك إذ نزلت عليه آية اللعان {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} إلى آخر الآية [النور: 6] فدعا هلالًا فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم دُعيتِ المرأةُ، فشهدتُ أربعُ شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. فلما أن كان في الرابعة أو الخامسة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وقِّفوها فإنها موجبة". فتلكأَتْ حتى ما شككنا أنها ستعترف، ثم قالت: لا أفضحُ قومي سائر اليوم. فمضتْ على اليمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انظروها فإن جاءت به أبيضَ سَيطًا قَضِيءَ العينين فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به آدم جَعْدًا رَبْعًا حَمْشَ الساقين فهو لشَريك بن السحماء. فجاءتْ به آدم جَعْدًا رَبْعًا حَمْش الساقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا ما سبق فيها من كتاب الله لكان لي ولها شأن".
صحيح: رواه النسائي (3469) وأحمد (12450) وصحّحه ابن حبان (4451) كلهم من حديث هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أنس فذكره إلا أن أحمد اختصره.
وأصله في الصحيح كما مضى.
وأما ما روي عن ابن عباس في حديث طويل فهو ضعيف. وهذا نصه:
لما نزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] قال سعدُ بن عبادة، وهو سيد الأنصار: أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الأنصار، ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم؟ " قالوا: يا رسول الله، لا تَلُمه، فإنه رجل غيور، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرًا، وما طلّق امرأة له قطُّ، فاجترأَ رجل من على أن يتزوجها من شدة غيرتِه. فقال سعد: والله يا رسول الله، إني لأعلم أنها حق، وأنها من الله، ولكني قد تعجتُ أني لو وجدتُ لكاعًا قد تفخذّها رجل، لم يكن لي أن أُهِيجَه ولا أُحرِّكهـ، حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله لا آتي بهم حتى يقضي حاجته.
قال: فما لبثوا إلا يسيرًا، حتى جاء هلال بن أمية، وهو أحد الثلاثة الذي تِيبَ عليهم، فجاء من أرضه عشاءً، فوجد عند أهله رجلًا، فرأى بعينيه، وسمع بأذنَيه، فلم يهِجْه، حتى أصبح، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني جئت أهلي عشاءً، فوجدتُ عندها رجلًا، فرأيت بعينيَّ، وسمعت بأذنيَّ، فكره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به، واشتد عليه، واجتمعتِ الأنصارُ، فقالوا:
قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة، الآن يضرب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هلالَ بن أمية، ويُبْطِل شهادتَه في المسلمين. فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجا، فقال هلال: يا رسول الله، إني قد أرى ما اشتدَّ عليك مما جئتُ به، والله يعلم إني لصادق.
فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه، إذ نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحيُ، وكان إذا نزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربُّدِ جِلْده، يعني، فأمسكوا عنه حتى فرَغ من الوحي، فنزلت:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: 6] الآية كلها، فسُرِّي عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أبشر يا هلال، قد جعل الله لك فرجا ومخرجا" فقال هلال: قد كنت أرجو ذاك من ربي عز وجل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرسِلُوا إليها" فأرسلوا إليها، فجاءت، فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما، وذكّرهما، وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، فقال هلال: والله يا رسول الله، لقد صدقتُ عليها، فقالت: كذبَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَاعِنَوا بينهما" فقيل لهلال: اشهَدْ. فشهِدَ أربعَ شهاداتٍ بالله إنه لمن الصادقين، فلما كان في الخامسة، قيل: يا هلال، اتّقِ الله، فإن عذاب الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجة التي تُوجب عليك العذاب، فقال: لا والله لا يعذبُني الله عليها، كما لم يَجْلِدني عليها. فشهد في الخامسة: أن لعنةَ الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم قال لها: اشهدِيْ أربعَ شهادات بالله: إنه لمن الكاذبين. فلما كانت الخامسةُ قيل لها: اتقيِ الله، فإن عذاب الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذابَ. فلتكَّأتُ ساعة، ثم قالت: والله لا أفضحُ قومي. فشهدتْ في الخامسة: أن غضَبَ الله عليها إن كان من الصادقين، ففرّقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضى أن لا يُدعي ولدُها لأبٍ، ولا تُرمي هي به، ولا يُرمي ولدُها، ومن رماها أو رمي ولدَها، فعليه الحدُّ، وقضى أن لا بيتَ لها عليه، ولا قُوْتَ من أجل أنهما يتفرَّقان من غير طلاق، ولا متوفَّى عنها، وقال:"إن جاءتْ به أصَيْبَ، أُريَسح، حَمْشَ الساقَين، فهو لهلالٍ، وإن جاءتْ به أورَقَ جَعْدًا، جُمالِيًا، خَدَلَّج الساقين، سابغَ الأَلْيَتين، فهو الذي رُمِيَتْ به" فجاءت به أورق، جعدًا، جماليا، خدلج الساقين، سابغ الأليتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لولا الأيمان لكان لي ولها شأن" قال عكرمة: "فكان بعد ذلك أميرًا على مصر، وكان يُدعى لأمه، ولا يُدعى لأب".
رواه أبو داود (2256) والإمام أحمد (2131) كلاهما من حديث يزيد بن هارون، عن عبَّاد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
ورواه أبو داود الطيالسي (2667) وعنه البيهقي (7/ 394) عن عبّاد بن منصور، نا عكرمة فذكره.
وقال في آخره عباد: فسمعتُ عكرمة يقول: لقد رأيته أمير مصر من الأمصار، ولا يُدري من أبوه. وإسناده ضعيف فإن عبّاد بن منصور ضعيف ورمي بالتدليس، وقد صرّح بالتحديث في رواية أبي داود الطيالسي، ولكن الجمهور على تضعيفه لكثرة مناكيره.
قال يحيى بن سعيد القطان: "قلت لعبّاد بن منصور: عمن أخذت حديث اللعان، قال: ثني إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس.