الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلتُ: يعني أبا المثنى ووقع اسمه في سند الحاكم سليمان بن يزيد، وكذلك سمَّاه الترمذيّ وغير واحد. وهو ضعيف كما في "التقريب"، وذكره ابن حبَّان في "المجروحين" وقال:"شيخ يرُوي عن هشام بن عروة، يخالف الثّقات في الروايات لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه إِلَّا للاعتبار".
ومع ضعَّفه فهو أيضًا لم يسمع من هشام بن عروة قال الترمذيّ في العلل الكبير (2/ 638): "سألت محمدًا عن حديث أبي المثنى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الضحايا فقال: هو حديث مرسل، لم يسمع أبو المثنى من هشام بن عروة" اهـ.
ونقله عن الترمذيّ البيهقيّ في السنن الكبرى (9/ 261) ثمّ قال عقبه: رواه ابن خزيمة عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن أبي المثنى، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن هشام بن عروة، عن عائشة رضي الله عنها وعن عمّه موسى بن عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق دم" ثمّ ذكره اهـ.
قلت: وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ثقة كما في التقريب، لكن تبقى العلة الأولى وهي ضعف أبي المثنى ولا متابع له، وبه أعلّه ابن حبَّان في كتابه "المجروحين"(3/ 151).
يُستفاد من مجموع الأحاديث استحباب الأضحية وسُنّيتها، ولا يستحب تركها لمن قدر عليها، وقد قال أحمد:"الأضحية أفضل من الصّدقة بقيمتها".
4 - باب النهي عن أخذ الشعر، وتقليم الأظافر، إذا دخلت عليه عشر ذي الحجة
• عن أم سلمة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يُضحي، فلا يمسَّ من شعره وبشره شيئًا".
وفي لفظ: "فلا يأخذنّ شعرًا، ولا يقلِمَنَّ ظفرًا".
صحيح: رواه مسلم في الأضاحي (39: 1977) عن ابن أبي عمر المكيّ، حَدَّثَنَا سفيان هو (ابن عيينة)، عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف، سمع سعيد بن المسيب يحدث عن أم سلمة فذكرته.
واللّفظ الآخر عنده أيضًا عن إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا سفيان به.
قيل لسفيان: فإن بعضهم لا يرفعه، قال: لكني أرفعه.
• عن أم سلمة زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان له ذِبْحٌ يذبَحُه، فإذا أهِلّ هلال ذي الحجة، فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره شيئًا حتَّى يضحّي".
صحيح: رواه مسلم في الأضاحي (42: 1977) عن عبيد الله بن معاذ العنبريّ، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو الليثيّ، عن عمر بن مسلم بن عمَّار بن أكيمة الليثي قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت أم سلمة تقول فذكرته.
ثمّ رواه من طريق أبي أسامة، عن محمد بن عمرو، عن عمرو بن مسلم بن عمار الليثي قال: كنا في الحمام قبيل الأضحى، فاطّلى فيه ناس فقال بعض أهل الحمام: إن سعيد بن المسيب يكره هذا أو ينهى عنه، فلقيتُ سعيد بن المسيب فذكرت ذلك له، فقال: يا ابن أخي، هذا حديث قد نُسِي وتُرِك حدثتني أم سلمة زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى حديث معاذ عن محمد بن عمرو. (عمر بن مسلم وعمرو بن مسلم كلاهما واحد).
فقه الحديث:
يستفاد من هذا الحديث أن من أراد أن يضحي فيحرم عليه أخذ شيء من شعره، وأظفاره، حتَّى يضحي وإليه ذهب سعيد بن المسيب راوي الحديث والإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وأهل الظاهر، وبعض أصحاب الشافعيّ، وقد لخص ابن عبد البر مذاهب الفقهاء فقال:
"ومذهب مالك أنه لا بأس بحلق الرأس، وتقليم الأظفار، وقص الشارب في عشر ذي الحجة، وهو مذهب سائر الفقهاء بالمدينة والكوفة، وقال اللّيث بن سعد: وقد ذكر له حديث سعيد بن المسيب عن أم سلمة أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من أهل عليه منكم هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتَّى يضحي. فقال اللّيث: قد روي هذا، والناس على غير هذا. وقال الأوزاعي: إذا اشترى أضحيته بعد ما دخل العشر فإنه يكف عن قص شاربه، وأظفاره وإن اشتراها قبل أن يدخل العشر فلا بأس.
واختلف قول الشافعي في ذلك فمرة قال: من أراد أن يضحي لم يمس في العشر من شعره شيئًا، ولا من أظفاره. وقال في موضع آخر: أحب لمن أراد أن يضحي أن لا يمس في العشر من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتَّى يضحي لحديث أم سلمة. فإن أخذ من شعره وأظفاره فلا بأس؛ لأن عائشة قالت: "كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم" الحديث.
وذكر الأثرم: أن أحمد بن حنبل كان يأخذ بحديث أم سلمة هذا فقيل له: فإن أراد غيره أن يضحي وهو لا يريد أن يضحي فقال: إذا لم يرد أن يضحي لم يمسك عن شيء، إنّما قال:"إذا أراد أحدكم أن يضحي". التمهيد (17/ 235).
وقال أبو حنيفة: لا يكره ذلك، لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس، فلا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظفار".
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يمسك عن أخذ شعره، وتقليم أظافره إِلَّا إذا دخل عليه العشر، وعنده الأضحية، فإذا لم تكن له الأضحية فلا يجب عليه أن يمسك.
روى مسدد - كما في إتحاف الخيرة المهرة (6480) - عن كثير بن أبي كثير، أن يحيى بن يعمر كان يفتي بخراسان أن الرّجل إذا اشترى الأضحية وأسماها ودخل العشر أن يكف عن شعره وأظفاره حتَّى يضحي، قال قتادة: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال: "نعم" فقلتُ عمن يا أبا