الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به جابر بن عبد الله وابن عباس وابن مسعود. وإليه ذهب أبو حنيفة وأحمد.
قال ابن القيم: "قال الموجبون للكفارة في نذر المعصية: هذه الآثار فد تعددتْ طرقُها، ورواها ثقات، وحديث عائشة احتج به الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه، وإن كان الزهري لم يسمعه من أبي سلمة فإن له شواهد تقويه. رواه عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سوي عائشة: جابر وعمران بن حصين وعبد الله بن عمر قاله الترمذيّ". انتهى.
قلت: لا خلاف بين أهل العلم أن من قال: إن شفى الله مريضي من علته، أو قدم غائبي، وما أشبه ذلك فعلي من الصوم كذا، ومن الصّلاة كذا، ومن الصّدقة كذا، فكان عليه الوفاء بنذره إن كان مقدورًا عليه، فإن لم يكن مقدوا عليه فالظاهر عليه الكفارة كفارة اليمين.
وقد قيل: لم يأت ذكر الكفارة في الأحاديث التي ذكرت في الباب الذي قبل هذا. فقال ابن قدامة: "ولكن جاء ذكرها في أحاديثنا. المغني (13/ 626).
وقال: "فإن فعل ما نذره من المعصية فلا كفارة عليه. كما لو حلف ليفعلنَّ معصية ففعلها، ويحتمل أن تلزمه الكفارة حتما، لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عين فيه الكفارة، ونهى عن فعل المعصية". انتهى.
مثل أن ينذر أنه يقف في الشّمس ثلاث ساعات وهي معصية، ولكنه وقف في الشّمس ثلاث ساعات فلا كفارة عليه بالاتفاق. وإن لم يقف فعليه الكفارة كما قال الإمام أحمد وغيره.
11 - باب لا نذر فيما لا يملك العبد
• عن ثابت بن الضَّحَّاك أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على رجل نذر فيما لا يملك".
متفق عليه: رواه مسلم في الأيمان (110 - 176) واللّفظ له، والبخاري في الأدب (6047) كلاهما من حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، أن ثابت بن الضَّحَّاك وكان من أصحاب الشجرة حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكر الحديث بطوله. إِلَّا أن البخاريّ لم يذكر: "ليس على رجل نذر فيما لا يملك".
وقوله: "فيما لا يملك" أي لا ينعقد نذره أصلًا.
• عن عمران بن حصين قال: كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل. فأسرتْ ثقيفُ رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من بني عقيل. وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق. قال: يا محمد! فأتاه. فقال: "ما شأنك؟ " فقال: بم أخذتني؟ وبم أخذت سابقة الحاج؟ فقال: "إعظامًا لذلك أخذتك بجريرة حلفائك ثقيفَ" ثمّ انصرف عنه فناداه: فقال: يا محمد! يا محمد! وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيمًا رقيقًا. فرجع إليه فقال: "ما شأنك؟ " قال: إني مسلم. قال: "لو قلتها وأنت تملك أمرك، أفلحت كل الفلاح" ثمّ انصرف فناداه،
فقال: يا محمد! يا محمد! فأتاه فقال: "ما شأنك؟ " قال: إني جائع فأطعمني. وظمآن فأسقني. قال: "هذه حاجتك" ففُدي بالرجلين. قال: وأُسرتْ امرأةٌ من الأنصار. وأصيبت العضباءُ. فكانت المرأةُ في الوثاق. وكان القوم يريحون نعمَهم بين يدي بيوتهم. فانفلتتْ ذات ليلةٍ من الوثاق فأتت الإبل. فجعلت إذا دنتْ من البعير رغا فتركهـ. حتَّى تنتهي إلى العضباء. فلم ترغ. قال: وناقة منوّقة. فقعدت في عجزها ثمّ زجرتْها فانطلقت. ونذروا بها فطلبوها فأعجزتْهم قال: ونذرت لله، إن نجّاها الله عليها لتنحرنَّها، فلمّا قدمت المدينة رآها الناس، فقالوا: العضباء، ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها نذرتْ، إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فقال:"سبحان الله! بئسما جزتْها، نذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها، لا وفاء في معصية، ولا فيما لا يملك العبد".
وفي رواية: "لا نذر في معصية الله".
صحيح: رواه مسلم في النذر (1641) من طرق عن إسماعيل بن إبراهيم، حَدَّثَنَا أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين فذكره.
• عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نذر، ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم، في معصية الله، ولا في قطيعة رحم، ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فلْيدعها، وليأت الذي هو خير، فإن تركها كفارتها".
حسن: رواه أبو داود (3274) والنسائي (3792) وأحمد (6990) والبيهقي (10/ 33) كلّهم من حديث عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فذكره. ورواه ابن ماجة (2111) من وجه آخر عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. إِلَّا أن النسائيّ لم يذكر من قوله: ومن حلف على يمين
…
فإن تركها كفارتها".
فإن قوله: "فإن تركها كفارتها" مخالف للأحاديث الصحيحة التي توجب الكفارة في الحنث ففي أقل التقدير إنها شاذة.
وقد قال أبو داود عقبه: الأحاديث كلها عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: وليكفر عن يمينه، وهي الصحاح، إِلَّا فيما لا يعبأ به. قال أبو داود:"قلت لأحمد: روي يحيى بن سعيد، عن يحيى بن عبد الله فقال: تركهـ بعد ذلك، وكان أهلا لذلك. قال أحمد: "أحاديثه مناكير، وأبوه لا يعرف". انتهى.
وحديث يحيى بن عبيد الله هو ما رواه البيهقيّ (10/ 34) من طريقه عنه، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فأتي الذي هو خير، وهو كفارته".
ويحيى بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب ضعيف جدًّا. وفي معناه روي أيضًا عن ابن عباس