الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى عبد الرزاق في مصنفه (7956) عن ابن جريج، قال: أخبرنا يوسف بن ماهك قال: دخلتُ أنا وابنُ مليكة (كذا) على حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وولدت للمنذر بن الزبير غلاما، فقلتُ: هلّا عققتِ جزورا على ابنك؟ فقالت: معاذ الله كانت عمتي عائشة تقول: على الغلام شاتان، وعلى الجارية شاة. وإسناده صحيح.
قال ابن القيم في تحفة المودود ص (136 - 137): وقد اختلف الفقهاء هل يقوم غير الغنم مقامها في العقيقة؟ .
قال ابن المنذر: واختلفوا في العقيقة بغير الغنم، فروينا عن أنس بن مالك: أنه كان يعق عن ولده الجزور.
وعن أبي بكرة أنه نحر عن ابنه عبد الرحمن جزورا، فأطعم أهل البصرة. ثم ساق عن الحسن قال: كان أنس بن مالك يعق عن ولده الجزور، ثم ذكر من حديث يحيى بن يحيى: أنبأنا هشيم، عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه: أن أبا بكرة وُلِد له ابنه عبد الرحمن، وكان أول مولود وُلد في البصرة، فنحر عنه جزورا، فأطعم أهل البصرة، وأنكر بعضهم ذلك، وقال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاتين عن الغلام، وعن الجارية بشاة. ولا يجوز أن يعق بغير ذلك
…
قال ابن المنذر: ولعل حجة من رأى أن العقيقة تجزئ بالإبل والبقر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مع الغلام عقيقته فأهريقوا عنه دما"، ولم يذكر دما دون دم فما ذُبحَ عن المولود على ظاهر هذا الخبر يجزئ.
قال: ويجوز أن يقول قائل: إنَّ هذا مجمل وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة مُفَسَّرٌ، والمفسَّر أولى من المجمل.
وقال مالك: الضأنُ في العقيقة أحبُّ إليّ من البقر، والغنمُ أحبُّ إلي من الإبل، والبقرُ والإبلُ في الهدي أحبُّ إلي من الغنم، والإبلُ في الهدي أحبُّ إلي من البقرِ.
قلت: ثمة ملاحظة أخرى في تفضيل الغنم على الإبل وبالعكس، وهي مصلحة الطاعمين، فإذا كانوا كثيرين فالجزور أفضل، وإذا كانوا قليلين فالشاة أفضل مع مراعاة رغبتهم في نوع اللحوم.
6 - باب في عقيقة النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين
• عن ابن عباس قال: عقَّ رسول الله عن الحسن والحسين رضي الله عنهما بكبشين كبشين.
صحيح: رواه النسائي (4219) عن أحمد بن حفص بن عبد الله قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم هو ابن طهمان، عن الحجاج بن الحجاج، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه أبو داود (2841) ومن طريقه البيهقي (9/ 299)، وابن الجارود (911) وغيرهم عن عبد الوارث، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره نحوه.
ولكن قال ابن الجارود عقبه: "رواه الثوري وابن عيينة وحماد بن زيد وغيرهم عن أيوب لم يجاوزا به عكرمة". وكذا أعله أيضا أبو حاتم بالإرسال وقال: "والمرسل أصح". العلل (2/ 49).
قلت: متابعة أيوب مع الاختلاف عليه لقتادة تشعر بصحة وصله فلعل أيوب مرة وصله وأخرى أرسله، والعمدة فيه حديث قتادة.
• عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين.
حسن: رواه أبو بكر بن أبي شيبة (24714) وعنه أبو يعلى (1933)، والطبراني في الكبير (2573) من طريق شبابة بن سوار، عن المغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره.
وإسناده حسن من أجل المغيرة بن مسلم فإنه صدوق حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات.
وقال البوصيري في مختصر الإتحاف: "رواه أبو بكر بن أبي شيبة وعنه أبو يعلى بإسناد حسن".
وقال الهيثمي في المجمع (4/ 57): "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات".
قلت: وله طريق آخر؛ رواه الطبراني في الأوسط (6704)، والصغير (891)، وابن عدي في الكامل (3/ 1074 - 1075) - وعنه البيهقي (8/ 324)، كلهم من طريق محمد بن أبي السري، عن الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر به، فذكره بمثله وزاد:"وختنهما لسبعة أيام".
وهي زيادة شاذة أو منكرة؛ لأن زهير بن محمد الخراساني المروزي ثم المكي وإن كان ثقة غير أنه ضُعِّف في رواية الشاميين عنه وهذا منها. نصَّ على ذلك البخاري وغيره.
• عن بريدة بن الحصيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين.
حسن: رواه النسائي (4213)، وأحمد (23001) من طريق حسين بن واقد، حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه فذكره. وإسناده حسن من أجل حسين بن واقد المروزي فإنه حسن الحديث.
• عن عائشة قالت: عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حسن وحُسين يوم السابع، وسمّاهما، وأمر أن يُماط عن رؤوسهما الأذى.
حسن: رواه ابن حبان (5311)، والحاكم (4/ 237)، والبيهقي (9/ 299 - 300) كلهم من طريق عبد الله بن وهب، أخبرني محمد بن عمرو، عن ابن جريج، عن يحيى بن سعيد (هو الأنصاري) عن عمرة، عن عائشة، فذكرته.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو وهو اليافعي مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يأت في حديثه ما ينكر عليه، وهو في هذا الحديث لم ينفرد به عن ابن جريج، بل توبع عليه، تابعه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد، وموسى بن طارق أبو قرة.
فرواه أبو يعلى (4521)، والبيهقي (9/ 303 - 304) من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن
أبي رواد، عن ابن جريج بإسناده عن عائشة قالت: يُعَقُّ عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة. قالت عائشة: فعق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين ثاتين شاتين يوم السابع، وأمر أن يُماط عن رأسه الأذي وقال: "اذبحوا على اسمه وقولوا: بسم الله، الله أكبر، اللهم منك ولك هذه عقيقةُ فلانٍ. قال: وكانوا في الجاهلية تؤخذ قُطْنةٌ تُجعَل في دم العقيقة، ثم توضع على رأسه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلوا مكان الدم خلوقا.
ورواه البيهقي من طريق أبي قرة، عن ابن جريج به وفيه: عن الحسن شاتين، وعن الحسين شاتين ذبحهما يوم السابع وسماهما.
وأبو قرة اسمه موسى بن طارق الزبيدي القاضي، هو ثقة يغرب.
وقوله في حديث ابن أبي رواد: "اذبحوا على اسمه
…
هذه عقيقة فلان". زيادة شاذة أو منكرة، تفرد بها عبد المجيد بن أبي رواد، وهو مختلف فيه فوثقه بعضهم وتكلم بعضهم فيه من قبل حفظه، فمثله لا يحتمل أن يتفرد بهذه الزيادة.
وأما التسمية والتكبير على الذبيحة فصحّت من حديث أنس وغيره كما سبق في كتاب الذبائح وكتاب الأضاحي.
وأما قوله: "وكانوا في الجاهلية .... " الخ فقد تابعه عليه حجاج بن محمد المصيصي الأعور عند ابن حبان (5308)، وفيه تصريح ابن جريج بالإخبار عن يحيى بن سعيد، فانتفت شبهة تدليسه.
وبالجملة فحديث عائشة بهذه المتابعات صحيح إن شاء الله، وقد صحّ إسناده الحاكم وغيره.
وفي الباب عن أنس بن مالك قال: عقَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حسن وحسين بكشبين.
رواه ابن حبان (5309)، وأبو يعلى (2945)، والبزار - كشف الأستار - (1235)، والبيهقي (9/ 99) كلهم من طريق ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن قتادة، عن أنس فذكره. وليس عند أبي يعلى:"بكبشين".
فصحّحه ابن حبان، وعبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (4/ 124)، وكذا الحافظ البوصيري فعزاه في مختصر الإتحاف لأبي يعلى والبزار وقال:"بإسناد صحيح".
وهذا الحكم منهم بناء على ظاهر الإسناد، لكن فيه علة خفية أشار إليها أبو حاتم الرازي رحمه الله فقال:"أخطأ جرير في هذا الحديث إنما هو قتادة عن عكرمة قال: "عق رسول الله صلى الله عليه وسلم" مرسل. العلل (2/ 50).
وقال البزار عقب الحديث: "لا نعلم أحدا تابع جريرا عليه".
قلت: وقد تكلم الأئمة في رواية جرير عن قتادة خاصة، فنقل الأثرم عن الإمام أحمد أنه قال:"كان يحدث بالتوهم أشياء عن قتادة يسندها بواطيل". شرح العلل لابن رجب (2/ 509).
وفي الباب أيضا ما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن